
كتبت: إسراء عبدالله
في اتفاق بوساطة أمريكية، وافقت جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا، يوم الجمعة، على إعداد خطة سلام بحلول الثاني من مايو، بهدف إنهاء القتال الذي اجتاح شرق الكونغو خلال الأشهر الأخيرة، وتولى وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو تيسير المحادثات في واشنطن.
خسرت كينشاسا منذ يناير الماضي مساحات واسعة من الأراضي لصالح حركة التمرد “23 مارس” (M23) المدعومة من رواندا، والتي عادت للظهور في عام 2022 بعد خمس سنوات من الخمول النسبي.
وجاء هذا الاتفاق بعد أن سعت الحكومة الكونغولية لحشد دعم إدارة ترامب في هذا الصراع، بعد ان اقترحت الكونغو اتفاقًا شبيهًا بالنموذج الأوكراني لتبادل المعادن بالأمن مع الولايات المتحدة، بحيث تحصل الشركات الأمريكية على حقوق “حصرية” لاستخراج المعادن مقابل الدعم الدبلوماسي والأسلحة والتدريب العسكري في حربها ضد حركة M23.
ولم يتم التوصل إلى اتفاق أمريكي بهذا الشأن حتى الان،لكن مسعد بولوص، القيصر الأمريكي الجديد لشؤون أفريقيا في إدارة الرئيس دونالد ترامب، صرح الاسبوع الماضي بأنه والرئيس الكونغولي فيليكس تشيسيكيدي “حددا مسارًا للمضي قدمًا” نحو اتفاق بشأن المعادن.
وبحسب بولوص، تعتزم واشنطن دعم الكونغو من خلال تشجيع الاستثمار من القطاع الخاص، إلى جانب استخدام الوكالات الحكومية، بما في ذلك مؤسسة تمويل التنمية الدولية الأمريكية وبنك التصدير والاستيراد الأمريكي.
وقال بولوص: “هذه المؤسسات مستعدة تمامًا لدعم القطاع الخاص في أفريقيا، سواء في التعدين أو القطاعات الأخرى، ولكن خاصة في مجال البنية التحتية”.
وتعد الكونغو عنصرًا أساسيًا في خطط الحكومة الأمريكية للتنافس في سباق المعادن الحيوية مع الصين، التي فرضت قيودًا على تصدير ما يُعرف بالعناصر الأرضية النادرة ردًا على الحرب التجارية التي يقودها ترامب.
وتدير الشركات الصينية حاليًا الغالبية العظمى من مناجم الكونغو، ما يعزز هيمنة بكين في مجال المعادن الاستراتيجية.
وتنتج الكونغو أكثر من 70٪ من الكوبالت العالمي، وهو عنصر أساسي في بطاريات الهواتف والمركبات الكهربائية. كما تمتلك احتياطات كبيرة من عناصر أخرى مثل الجرمانيوم، الذي يُستخدم في أشباه الموصلات.
ولا تعمل أي من شركات التعدين الأمريكية الكبرى في الكونغو، إلا أن شركة KoBold Metals، وهي شركة ناشئة مدعومة من بيل غيتس وجيف بيزوس، تعتزم التقدم بطلبات للحصول على تراخيص لاستخراج الليثيوم والنحاس والكوبالت في البلاد، بحسب تقرير نشرته “فايننشال تايمز” نهاية الأسبوع.
ووفقًا لتقرير من رويترز، مارست واشنطن أيضًا ضغوطًا على شركة Alphamin Resources، وهي شركة كندية مقرها موريشيوس، لاستئناف عملياتها في منجم بيسي للقصدير في إقليم شمال كيفو بشرق الكونغو.
وكانت Alphamin، إحدى الشركات الغربية القليلة المتبقية التي تعمل في قطاع التعدين بالكونغو، قد أوقفت عملياتها مؤقتًا في مارس بعد سيطرة M23 على بلدة واليكي القريبة، والتي انسحبت منها لاحقًا.
وأفادت مصادر لرويترز أن M23 اتخذت قرار الانسحاب نتيجة للضغوط الأمريكية.
وعلى الرغم من هذه التطورات، يشكك كثير من المراقبين في إمكانية التوصل إلى حل سهل للصراع في الكونغو.
فقد أعلنت الكونغو ورواندا عن “وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار” بعد محادثات في قطر، إلا أن هذا التوقف لم يتحقق على أرض الواقع.
وتدير حركة M23 حاليًا حكومة ظل موازية في الأراضي التي استولت عليها، حيث تجمع الضرائب من أنشطة التعدين.
كما تستضيف الحركة الرئيس الكونغولي السابق جوزيف كابيلا، الذي أصبح خصمًا للرئيس تشيسيكيدي، في مدينة غوما شرق البلاد.
وكان كابيلا قد عاد من منفى اختياري في الخارج في وقت سابق من هذا الشهر، ما دفع كينشاسا إلى حظر حزبه السياسي ومصادرة أصوله.
وفي غضون ذلك، أفادت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن تشيسيكيدي يجري محادثات مع إريك برنس، الحليف البارز لترامب ومؤسس شركة الأمن الخاصة الأمريكية “بلاك ووتر”، لتوفير الأمن والمساعدة في جمع الضرائب من عمليات التعدين التي استولى عليها المتمردون.
علاوة على ذلك، يرى خبراء منذ فترة طويلة أن جيش وحكومة الكونغو بحاجة إلى إصلاح شامل وجذري لمعالجة مشكلات العسكرة والنزاع في شرق البلاد.
وتواصل كيغالي الادعاء بأن نحو اربعة الاف جندي رواندي، وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة، يقاتلون في الكونغو دفاعًا عن النفس ضد تجنيد الجيش الكونغولي لمتطرفين من الهوتو، الذين يعارضون حكومة الرئيس الرواندي بول كاغامي التي يهيمن عليها التوتسي.
ويُذكر أن الكونغو بصدد الحصول على مزيد من الطائرات المسيّرة الصينية، في مؤشر إضافي على أن خطة حقيقية لوقف القتال لا تلوح في الأفق القريب.