
كتبت: إسراء عبدالله
المصدر: بلومبيرغ
تعمل فرنسا والسعودية على اقتراح يهدف إلى نزع سلاح حركة حماس المدعومة من إيران، وفقًا لأشخاص مطلعين على المناقشات.
قالت المصادر إن مسؤولين سعوديين أجروا اتصالات مع حماس في إطار هذه الجهود، فيما لم يتضح ما إذا كان المسؤولون الفرنسيون قد تحدثوا أيضًا مع الحركة التي تُصنّف كمنظمة إرهابية من قبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
الهدف من المبادرة هو تحويل حماس إلى كيان سياسي بحت يمكنه الاستمرار في لعب دور ما في الحكم الفلسطيني المستقبلي، حسبما قال المطلعون على المبادرة، الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم.
وأضافوا أن السماح لحماس بالاحتفاظ بدرجة من النفوذ السياسي من شأنه أن يجعلها أكثر قابلية لقبول نزع سلاحها.
ومع ذلك، قد تعارض إسرائيل الفكرة، إذ تصر حكومتها على ألا يكون للحركة أي دور بعد انتهاء الحرب في غزة.
ويزداد التوتر أيضًا بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
فقد وصف ماكرون في وقت سابق من هذا الشهر سياسة إسرائيل في غزة بأنها “مخزية”، ورد نتنياهو باتهامه لماكرون بأنه يقف إلى جانب حماس.
مؤتمر دولي في نيويورك
تأتي هذه النقاشات بشأن نزع سلاح حماس في إطار التحضيرات لمؤتمر تعقده الأمم المتحدة في نيويورك الشهر المقبل، برعاية مشتركة من باريس والرياض، ويهدف لحشد الدعم الدولي للاعتراف بالدولة الفلسطينية، بحسب وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو.
ولم توضح الولايات المتحدة، الحليف الرئيسي لإسرائيل، ما إذا كانت ستدعم هذا المسعى، بينما ترفض إسرائيل فكرة إقامة دولة فلسطينية، خصوصًا بعد هجوم حماس في أكتوبر 2023 الذي أشعل الحرب في غزة.
وقال بارو في حديث إذاعي هذا الأسبوع: “نريد أن يشكل المؤتمر مناسبة لتهيئة الظروف لقيام هذه الدولة، وهذا يتطلب تعبئة جميع الأطراف المعنية، من بينها السلطة الفلسطينية والدول العربية في المنطقة وكذلك حماس، التي يجب أن تتخلى عن أسلحتها”.
ولم يرد متحدث باسم وزارة الخارجية السعودية فورًا على طلب للتعليق.
احتجاجات فلسطينية ضد حماس
تأتي هذه التحركات الدبلوماسية في وقت تتزايد فيه علامات الغضب الشعبي الفلسطيني تجاه حماس، التي تحكم غزة منذ عام 2007.
فقد شهد جنوب غزة احتجاجات متواصلة لليوم الثالث على التوالي يوم الأربعاء، حيث أظهرت مقاطع مصورة على وسائل التواصل الاجتماعي مئات الفلسطينيين يهتفون: “برّه، برّه، حماس تطلع برّه”.
البعض توجه بنداءات إلى السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية لتتولى زمام الأمور في غزة من حماس، خصمها اللدود.
وقد دعا كل من الرئيس محمود عباس ونائبه حسين الشيخ في الأيام الأخيرة حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى إلى نزع سلاحها من أجل القضية الفلسطينية الأكبر.
شروط إسرائيل لإنهاء الحرب
في مؤتمر صحفي يوم الأربعاء، عرض نتنياهو شروطه لإنهاء الحرب المستمرة منذ 19 شهرًا، والتي دمرت معظم غزة وأدت إلى مقتل أكثر من 53 ألف فلسطيني، وفقًا لوزارة الصحة التي تديرها حماس.
وقد بدأت الحرب بعد أن شنت حماس هجومًا على إسرائيل أسفر عن مقتل حوالي 1,200 شخص وأسر 251. ويُعتقد أن 20 من أصل 58 رهينة ما زالوا أحياء في غزة، بحسب نتنياهو.
واشترط رئيس الوزراء الإسرائيلي إنهاء الحرب بإعادة جميع الرهائن، وتخلي حماس عن أسلحتها وخروجها من الحكم.
وقال: “يُطرد قادتهم من غزة – ما تبقى منهم – وتُطهَّر غزة بالكامل من السلاح”.
وأضاف أن إسرائيل ستسهل تنفيذ “خطة ترامب”، التي وصفها بأنها “هجرة طوعية” للفلسطينيين من غزة إلى دول أخرى.
وتقضي خطة ترامب المثيرة للجدل، والتي رفضتها دول عربية وإسلامية من بينها السعودية، بإفراغ غزة من سكانها وإعادة بنائها كمنتجع فاخر على البحر.
تصعيد عسكري وضغوط دبلوماسية
قال نتنياهو إن إسرائيل ستواصل استراتيجيتها العسكرية الجديدة المتمثلة في السيطرة الكاملة على غزة، مع تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية.
أما حماس، فتقول إنها لن تطلق سراح الرهائن إلا إذا تم التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار وانسحاب كامل للجيش الإسرائيلي من غزة.
كما سبق أن رفضت الحركة نزع سلاحها.
لكن بعض المسؤولين الإقليميين أعربوا عن تفاؤلهم بإمكانية التوصل إلى اتفاق، نظرًا للضغوط غير المسبوقة التي واجهتها إسرائيل هذا الأسبوع من كندا وفرنسا والمملكة المتحدة، والتي دعتها إلى “وقف الهجوم العسكري المتجدد ورفع القيود عن المساعدات الإنسانية”.
وقال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو إنه متفائل بشأن “الجهود الجارية” لإنهاء النزاع، مضيفًا: “لا يمكنكم البدء في توفير حياة كريمة للناس هناك، بعيدًا عن حماس، إلا بعد أن ينتهي هذا النزاع”.
الولايات المتحدة هي مفتاح الحل
وفي حين يُنظر إلى الجهود الفرنسية-السعودية لحشد الاعتراف بالدولة الفلسطينية على أنها “خطوة إلى الأمام” من قبل حماس وفصائل فلسطينية أخرى، فإن الجميع يدرك أن “الولايات المتحدة وحدها يمكنها الضغط على إسرائيل لقبول أي من هذه المبادرات”، بحسب أورايب الرنتاوي، مدير مركز القدس للدراسات السياسية في عمان.
وأضاف: “المفاتيح في جيب ترامب”.
وقال فراس مقصد، المدير الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة أوراسيا، إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان نجح في كسب دعم ترامب لرؤية المملكة للسلام في الشرق الأوسط، خصوصًا في ملفات مثل لبنان وسوريا واليمن، لكن إقناعه بدعم إقامة دولة فلسطينية في وقت لا تبدو فيه تطبيع العلاقات السعودية-الإسرائيلية مطروحًا، يظل تحديًا صعبًا.