تقاريرسياسة

انقسام داخل إدارة ترامب بين المتشددين والمعتدلين بشأن إيران

اخبار نيوز بالعربي

كتبت: إسراء عبدالله
المصدر: التايمز البريطانية

يزور الرئيس دونالد ترامب منطقة الخليج الأسبوع المقبل، قبل انتهاء المهلة التي حددتها إسرائيل للتوصل إلى اتفاق هدنة مع حماس، في ظل انقسام داخل إدارته بين المتشددين والمعتدلين بشأن إيران.

قبل ثماني سنوات، وقف ترامب إلى جانب عبد الفتاح السيسي والملك سلمان بن عبد العزيز في الرياض، وهم اليوم يواجهون تحديًا وجوديًا جديدًا، يتمثل في التعامل مع تبعات الحرب المدمرة في غزة، والتي خلّفت آثارًا زلزالية في أنحاء العالم.

وبدا أن “الكرة المضيئة” التي جمعتهم في ذلك الوقت كانت نذيرًا.

إسرائيل حدّدت نهاية رحلة ترامب كموعد نهائي للتوصل إلى اتفاق جديد بشأن تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة، وهدّدت بشن عملية عسكرية واسعة لتدمير واحتلال القطاع بالكامل وتهجير سكانه، إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق.

ويؤكد المسؤولون الإسرائيليون أن الإنذار الموجّه إلى حماس، والذي ينص على إطلاق سراح عشرة رهائن مقابل وقف إطلاق نار لمدة 45 يومًا، لا يزال قائمًا حتى نهاية الأسبوع، في إطار خطة توسطت فيها الولايات المتحدة.

لكن، ورغم تعهدات إدارة ترامب بأنها قادرة على إنجاز الصفقة، فإن المسؤولين الإسرائيليين أبلغوا صحيفة جيروزاليم بوست أنهم لا يرون ما يبرر هذا التفاؤل الأميركي.

خلف الكواليس، يشهد فريق ترامب انقسامًا داخليًا حادًا، على خطين متعارضين: “الصقور” المتشددون مقابل “الحمائم” الداعين إلى الانفتاح والدبلوماسية.

في حين يدفع نائب الرئيس جاي دي فانس والمبعوث إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف نحو تهدئة مع إيران من خلال صفقة نووية جديدة، فإن شخصيات بارزة في الإدارة مثل وزير الخارجية ماركو روبيو ومستشار الأمن القومي السابق مايك والتز تدعو إلى نهج متشدد، بل ومواجهة مباشرة.

تشير التقارير إلى أن والتز تم إبعاده عن منصبه بعد لقائه سريًا برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في واشنطن، حيث اتفق معه على الضغط على ترامب لقصف طهران.

ظهر خلاف متزايد بين ترامب ونتنياهو في الأسابيع الأخيرة، في ظل محاولة الإدارة الأميركية التوصل إلى اتفاق مع إيران — عدوها اللدود — وكذلك مع الحوثيين المدعومين من إيران، حيث جرى التوصل إلى اتفاق يقضي بعدم استهداف السفن الأميركية، دون ضمانات لإسرائيل، ما أثار غضب نتنياهو.

وبحسب تقارير إعلامية إسرائيلية يوم الجمعة، قال ويتكوف لعائلات الرهائن الإسرائيليين لدى حماس إن وقف إطلاق النار مع الحوثيين هو “مجرد البداية”، محذرًا من أن إسرائيل قد تجد نفسها قريبًا “وحيدة” إذا لم توافق على صفقة تبادل الأسرى.

ونُقل عنه قوله: “تكلفة استمرار الحرب لن تقع على عاتق الرهائن فقط، بل على إسرائيل كلها. القطار يغادر المحطة، ولن تنتظر الولايات المتحدة.”

مصدر مطلع على الإدارة قال لصحيفة التايمز: “حتى الآن، الغلبة للحمائم، لأنهم أكثر مرونة في إتمام الصفقات — وهذا ما يريده الرئيس في نهاية المطاف.”

من المتوقع أن يعقد ويتكوف وفريقه جولة جديدة من المحادثات النووية مع إيران يوم الأحد في عُمان، قبيل مغادرة ترامب.

وتدعم دول الخليج هذه الخطوة بحذر، خوفًا من أن تكون هي أولى ضحايا أي حرب قادمة.

في أول زيارة خارجية له، كسر ترامب التقاليد الرئاسية الأميركية، التي تملي على الرئيس زيارة كندا أو المكسيك أولاً، وبدلاً من ذلك اختار الخليج.

ويُنظر إلى هذه الخطوة باعتبارها جزءًا من إعادة اصطفاف استراتيجية كبرى تعطي الأولوية للنفوذ الاقتصادي للخليج على حساب العلاقات التجارية والأمنية في أمريكا الشمالية.

ومن اللافت أن كل محطة من محطات زيارة ترامب تتضمن وجود ممتلكات أو مشاريع عقارية تحمل اسمه.

ففي الشهر الماضي، وقعت منظمة ترامب اتفاقًا لإنشاء ملعب غولف يحمل اسم ترامب شمال العاصمة القطرية، بتمويل من شركة سعودية.

جيرد كوشنر، صهر ترامب ومستشاره السابق، تلقى استثمارًا سعوديًا بقيمة ملياري دولار في صندوق الأسهم الخاصة الخاص به “أفينتي بارتنرز” منذ مغادرته المنصب في 2021.

عندما زار ترامب الرياض في 2017، علّقت وسائل الإعلام السعودية على الحفاوة التي قوبل بها — بما في ذلك استقباله في المطار من الملك سلمان، والتحية العسكرية، واحتفال تقديم القهوة العربية في القصر الملكي، وهي طقوس لم تُمنح لأوباما.

يقول جون ألترمان من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية: “يصعب عليّ أن أتجاهل أن ترامب يذهب إلى الخليج لأنه مكانه المفضل.

سيُعامل بكرم، وستُعقد صفقات، وسيُمدح بلا نقد، وسيُعامل أفراد عائلته كشركاء أعمال سابقين ومستقبليين.”

لكن الواقع تغيّر كثيرًا منذ رحلته الأولى. نفوذ واشنطن على الرياض تراجع بشكل ملحوظ، وفشلت محاولات ترامب المتكررة لإقناع السعودية بتطبيع العلاقات مع إسرائيل والانضمام لاتفاقات أبراهام.

ورغم أن كوشنر لن يرافق ترامب، إلا أن تقارير تشير إلى أنه شارك في محادثات مع السعوديين حول التطبيع.

لكن العلاقات السعودية الإيرانية تتحسن منذ سنوات، وأصبح القلق السعودي من طهران أقل بكثير.

أما عرض واشنطن لمساعدة السعودية في مسار تطوير طاقة نووية مدنية، فقد فقد أهميته، إذ أصبحت الرياض قريبة من تحقيق أهدافها دون الحاجة إلى الصفقة الأميركية.

الموقف السعودي لا يزال واضحًا: لا اعتراف بإسرائيل دون ضمان مسار جاد نحو دولة فلسطينية.

وفي ظل الحكومة الإسرائيلية الأكثر تطرفًا، والحرب المشتعلة في غزة، لن يجد السعوديون ولا العالم العربي ولا الإسلامي أي مبرر لمثل هذه الخطوة.

ومع ذلك، يخاطر ترامب بالعودة من رحلته دون أي إنجاز حقيقي، سوى بعض الصور ومظاهر الحفاوة — مهما حاول تصويرها كنجاح دبلوماسي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى