
كتبت: إسراء عبدالله
قالت صحيفة نيويورك تايمز إن مصر والأردن من أكبر متلقي المساعدات العسكرية الأمريكية، لكن إجبار الفلسطينيين على مغادرة أراضيهم المتبقية قد يؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة بأكملها، ويحرج البلدين.
وشددت الصحيفة على أن إجبار الفلسطينيين على مغادرة أراضيهم المتبقية، كما يقول العرب، سيقضي على حلم الدولة الفلسطينية المشترك، وسيزعزع استقرار المنطقة بالكامل.
وأضافت الصحيفة: لطالما كانت مسألة إنشاء دولة فلسطينية في قلب السياسة الشرق أوسطية، ليس فقط بالنسبة للفلسطينيين أنفسهم، ولكن أيضًا بالنسبة للعرب في جميع أنحاء المنطقة، الذين يرون في القضية الفلسطينية قضيتهم الخاصة.
ونوهت الصحيفة إلى أن الرئيس دونالد ترامب كان اقتراح بنقل سكان غزة بالكامل إلى الأراضي المصرية والأردنية، والذي أعاد تأكيده خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الثلاثاء في البيت الأبيض، بمثابة كابوس لأقرب جيران الفلسطينيين العرب، مصر والأردن، ولكنه كان حلمًا تحقق للحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة.
رفض قاطع من القاهرة وعمان
بالنسبة للحكومتين العربيتين، الأمر لا يتعلق فقط بالأراضي أو مخيمات اللاجئين، بل يتعلق بمبادئهما الراسخة منذ عقود، وخطورة زعزعة استقرار بلديهما، وإمكانية فتح الباب أمام تهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية أيضًا.
توافق غير مسبوق في مصر
رفض مصر لهذا المقترح لم يأتِ فقط من الحكومة، بل حتى المعارضين السياسيين والمستقلين في مصر أيدوا الموقف الرسمي، مما يؤكد كيف أن القضية الفلسطينية توحد حتى أشد الخصوم السياسيين في البلاد.
لكن ترامب لم يُبدِ أي اهتمام بمخاوف البلدين، أو بسيادتهما، أو حتى بفكرة إقامة دولة فلسطينية.
ترامب: «يقولون إنهم لن يقبلوا، وأنا أقول إنهم سيفعلون»
مساعدات عسكرية أمريكية تحت التهديد؟
مصر والأردن من بين أكبر متلقي المساعدات العسكرية الأمريكية في العالم، وقد أشار ترامب إلى هذه المساعدات في الأسابيع الأخيرة، لكنه لم يهدد علنًا بقطعها بسبب ملف غزة.
لماذا لا تستطيع مصر والأردن القبول؟
المساعدات المالية الأمريكية ليست كافية لتعويض مخاطر القبول بهذا المقترح.
التهديد الأكبر للحكومتين هو الغضب الشعبي، حيث لا يستطيع أي زعيم عربي أن يكون شريكًا في «تطهير عرقي» للفلسطينيين.
في حين أن السيسي وعبدالله الثاني نجحا في قمع المعارضة في قضايا أخرى، فإن القضية الفلسطينية خط أحمر لا يمكن تجاهله.
يقول بول سالم، نائب رئيس معهد الشرق الأوسط: «مواجهة ترامب ليست أمرًا بسيطًا، خاصة بالنسبة لمصر والأردن.
لكن هذه القضية تتجاوز كل الحسابات، فهي تشكل خطرًا على الاستقرار الداخلي لهاتين الدولتين.»
لماذا مصر أكثر حساسية؟
يحاول السيسي حشد الدعم الشعبي له وسط أزمة اقتصادية حادة من خلال تقديم نفسه كمدافع عن الفلسطينيين.
ترى مصر أن التوطين الجماعي للفلسطينيين على أراضيها تهديد أمني خطير، حيث يخشى المسؤولون أن يؤدي وجود مسلحين فلسطينيين ضمن المهجرين إلى شن هجمات على إسرائيل من الأراضي المصرية، مما قد يؤدي إلى رد عسكري إسرائيلي ضد مصر.
لماذا الأردن أكثر عرضة للخطر؟
السكان الفلسطينيون في الأردن يمثلون نسبة كبيرة من السكان، مما يجعل البلاد أكثر هشاشة سياسيًا.
المخاوف تتزايد من أن خطة طرد الفلسطينيين من غزة قد تمتد لاحقًا إلى الضفة الغربية، مما يؤدي إلى نزوح جماعي آخر باتجاه الأردن.
لطالما تحدث الإسرائيليون اليمينيون المتطرفون عن الأردن كـ«الوطن البديل» للفلسطينيين، مما يثير قلق الأردنيين من أن هذا قد يكون بداية تنفيذ تلك الفكرة.
هل يستطيع ترامب فرض خطته؟
رغم أن ترامب يراهن على قوة النفوذ الأمريكي والمساعدات العسكرية، إلا أن مصر والأردن تعتقدان أن الرفض العلني القاطع هو الخيار الوحيد للحفاظ على استقرار بلديهما.
يرى المحللون أن أي قبول بهذه الخطة قد يؤدي إلى احتجاجات شعبية واسعة واضطرابات داخلية.