
اللواء رضا يعقوب يحلل نظام الصهيونى للدفاع القبة الحديدية لإعتراض الصواريخ قصيرة المدى، والصواريخ أرو 2 وأرو3 لإعتراض الصواريخ بعيدة،
لا إنه يستخدم نظام مقلاع داوود لإعتراض الصواريخ متوسطة المدنى الذى ساهمت الولايات المتحدة الأمريكية بمكوناته،
وعلى الرغم من أن جميع هذه الأنظمة لم تحقق الأمن للكيان الغاصب، الا أن رصدنا لنظام دفاع مقلاع داوود نرصده بالآتى:
ماذا نعرف عن مقلاع داوود “العصا السحرية” للصهاينة؟ أفادت تقارير بأن الصاروخ الذى أطلقه حزب الله باتجاه مقر الموساد بتل أبيب
الأربعاء الخامس والعشرين من سبتمبر/أيلول 2024، كان من طراز قادر-1 إيرانى الصنع،
وهو صاروخ باليستي متوسط المدى، يمكنه حمل رأس حربى يتراوح وزنه بين 700 الى 1000 كجم.
هذا الصاروخ يقال إنه يكفى لتدمير كلى أو شبه كلى لمبنى كبير الحجم،
لكن الصهيونية زعمت أنها تمكنت من التصدى لهذا الصاروخ بفضل نظام الدفاع الجوى”مقلاع داوود”،
بحسب ما جاء على لسان المتحدث باسم الحكومة الصهيونية، ديفيد منسر.
من ناحية أخرى، قالت وزارة الحرب الصهيونية إنها حصلت على حزمة مساعدات بقيمة 8.7 مليار دولار من الولايات المتحدة لدعم الجهود العسكرية الجارية فى البلاد، بما يشمل تحديث أنظمة الدفاع الجوى.
وأوضحت الوزارة فى بيان أن الحزمة “تتضمن 3.5 مليار دولار لشراء أساسيات الحرب، و5.2 مليار دولار مخصصة لأنظمة الدفاع الجوى، ومنها القبة الحديدية ومقلاع داوود ونظام ليزر متقدم”
صُمم “مقلاع داوود” بالأساس كبديل يحل محل نظام الدفاع الصاروخى “باتريوت” لدى الجيش الصهيونى، بحسب مواقع متخصصة فى الشئون العسكرية.
ويقول الكولونيل عباس دهوك المستشار العسكرى السابق لوزارة الخارجية الأميركية لشئون الشرق الأوسط، لبى بى سى إن نظام الدفاع “مقلاع داوود” يتميز بمدى إشتباكه “الأطول” بنحو 100 كيلومتر مقارنة بنظام “باتريوت”
ويتألف نظام الدفاع الجوى الصهيونى من ثلاثة مستويات،
كل منها مصمم للتعامل مع التهديدات من مسافات مختلفة، بحسب موقع ” الصهيونى 21 سى” المعنى بالتطور التكنولوجى في العبرية.
ويشكل “مقلاع داوود” “المستوى المتوسط” من مستويات أنظمة الدفاع الصهيونية المتعددة، فهو المرحلة الدفاعية الأعلى فى أنظمة الدفاع الجوى الصهيونية،
بعد نظام “القبة الحديدية” ويعد “نظام دفاع جوى وصاروخى كاملاً متوسط الى طويل المدى” بحسب موقع مؤسسة رفائيل للصناعات العسكرية الصهيونية.
وقد سُمى “مقلاع داوود” بهذا الإسم، تيمناً بالقصة التوراتية التى ذكرت أن الراعى “داوود” إستخدم المقلاع لقتل “جالوت” العملاق بالحجارة، كما جاء فى مقال نشرته صحيفة تايمز أوف الصهيونية.
وقد صُمم “مقلاع داوود” لإعتراض الصواريخ الباليستية والصواريخ المجنحة، وكذلك الصواريخ متوسطة وبعيدة المدى،
بحسب وزارة الحرب الصهيونية، فى حين تكمن قدرة “القبة الحديدية” الدفاعية على إيقاف الصواريخ قصيرة المدى ونيران المدفعية.
وبحسب الجيش الصهيونى، فقد جرى تطوير “مقلاع داوود” بواسطة شركة رافائيل الصهيونية لأنظمة الدفاع المتقدمة، وكذلك شركة “رايثيون” وهى شركة أمريكية كبرى للصناعات العسكرية، وبدأ إستخدامه فعلياً عام 2017 وفق موقع “جيروزاليم بوست” الصهيونى.
ويعرف مقلاع داوود أيضاً باسم “العصا السحرية” وهو نظام مصمم لمواجهة الصواريخ والقذائف التى تُطلق على مدى يتراوح بين 25 إلى 186 ميلاً (40 إلى 300 كيلومتر).
يتكون مقلاع داوود الإعتراضي من مرحلتين مع أنظمة توجيه أمامية وخلفية تمكنه من الأداء بشكل فعال، بحسب موقع وزارة الحرب.
وبحسب موقع “ميسيل ثريت” المعنى بالصواريخ، فإن “مقلاع داوود” يتألف من وحدة إطلاق الصواريخ، ورادار للتحكم من طراز ELM-2084، ومحطة تشغيل، وصاروخ إعتراضى من طراز “ستانر”
أما بالنسبة لوحدة الإطلاق فهى عبارة عن نظام إطلاق عمودى مثبت على مقطورة، ويمكن لكل وحدة أن تحمل ما يصل الى 12 صاروخاً، وتُصنع جميع وحدات الإطلاق، وكذلك أجزاء من صاروخ “ستانر” الإعتراضي فى الولايات المتحدة.
بحسب موقع “ميسل ثريت” التابع لمركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، المعنى بالمعلومات حول الصواريخ الباليستية والمجنحة فى العالم، فإن طول الصاروخ الإعتراضى “ستانر” يبلغ 4.6 متر، ويتكون من مرحلتين، وهو قادر على إعتراض الأهداف على إرتفاعات تصل الى 15 كيلومتراً، ويتراوح مداه بين 40 و300 كيلومتر.
وتتميز مقدمة الصاروخ “أنف الصاروخ” بأنها على شكل دولفين، تحمل جهازى إستشعار للتوجيه: مستشعر مشترك كهروضوئى للتصوير بالأشعة تحت الحمراء، وباحث رادارى يعمل بجميع الأحوال الجوية.
ويسمح هذا النظام المزدوج لأى من الجهازين بالتوجه نحو هدفه، فيما يزيد إستخدام كليهما بشكل كبير من التصدى لأى تشويش أو فخ، لزيادة القدرة على الفتك بالهدف.
ويستخدم صاروخ “ستانر” محركاً يعمل بالوقود الصلب، ويصل الى سرعة 7.5 ماخ على ثلاث دَفعات أو مراحل؛ حيث تعمل الدَفعتان الأولى والثانية على زيادة سرعة الصاروخ خلال مساره الأولىّ، أما الدفعة الثالثة فتساعد الصاروخ على المناورة وزيادة سرعته قبل إعتراض الهدف.
وتقدر تكلفة إنتاج كل صاروخ “ستانر” بنحو مليون دولار، بحسب صحيفة “هآرتس” الصهيونية، وعلى النقيض من الصاروخ الإعتراضي للقبة الحديدية، لا يحتوى صاروخ “ستانر” على رأس حربى، بل يقضى على الأهداف بضربها مباشرة.
ويعلق مستشار الخارجية الأمريكية السابق، عباس دهوك، لبى بى سى بأن مقلاع داوود “أكثر فعالية من حيث التكلفة، فيقال إن صاروخ ستانر أرخص بكثير من الصاروخ المستخدم فى نظام “باتريوت” الأقدم”
يستخدم “مقلاع داوود” الرادار الصهيونى ELM-2084 متعدد المهام، وهو قادر على إكتشاف وتعقب الطائرات والأهداف الباليستية، وتوفير وسيلة للتحكم فى إطلاق الصواريخ للإعتراض الصاروخى أو الدفاع الجوى المدفعى.
ويمكن أن يعمل هذا الرادار فى مهمة مراقبة جوية أو مهمة التحكم فى إطلاق النيران، وفى وضع المراقبة، يستطيع تتبع ما يصل الى 1100 هدف على مدى 474 كم، ويمكنه المسح الإلكترونى بزاوية 120 درجة وإرتفاع 50 درجة.
وفى وضع التحكم فى إطلاق النيران، تكون لديه القدرة على تتبع ما يصل الى 200 هدف فى الدقيقة على مدى 100 كيلومتر، ويستخدم هذا الوضع لتوجيه صواريخ “ستانر” الإعتراضية كى تتمكن أجهزة الرصد الموجودة على متنها من إكتشاف الهدف.
بدأت الصهيونية فى تطوير مقلاع داوود عام 2006، قبل أن توقع إتفاقية فى أغسطس/آب 2008 مع الولايات المتحدة للمشاركة فى تطوير النظام.
ومن السنة المالية 2006 وحتى 2020، ساهمت الولايات المتحدة بمساعدات تقدر بنحو مليارى دولار لدعم تطوير “مقلاع داوود”، بحسب تقرير لدائرة أبحاث الكونغرس.
وفى أكتوبر/تشرين الأول لعام 2009، منحت شركة رافائيل للأنظمة الدفاعية المتقدمة، المسئول الرئيس عن “مقلاع داوود”، أكثر من 100 مليون دولار لشركة رايثيون للصواريخ والدفاع الأمريكية لتطوير صاروخ إعتراضى بقدرات مذهلة ووحدة إطلاقه العمودية، بحسب موقع الشركة الأمريكية.
وعرضت رافائيل النظام لأول مرة علناً فى معرض باريس الجوى عام 2013، وصُنعت 50% من مكونات “مقلاع داوود” فى الولايات المتحدة، بحسب موقع “ديفينس نيوز” المعنى بالأخبار العسكرية.
وفى عام 2012، بدأت منظمة الدفاع الصاروخى الصهيونية ووكالة الدفاع الصاروخى الأمريكية فى أختبار تطوير نظام “مقلاع داوود”
وأجريت أول تجربة ناجحة للنظام فى صحراء النقب عام 2012، بحسب موقع “تايمز أوف الصهيونى” وإستمرت التجارب حتى عام 2015، ضد “أهداف متعددة تمثل تهديداً فى إشتباكات واقعية فى الوقت الفعلى” بحسب وزارة الحرب الصهيونية التى رفضت توضيح الأهداف التى إستُخدمت فى تلك الاختبارات.
وبحسب تقرير فى عام 2015 لموقع “ديفينس نيوز” المتخصص فى الشئون العسكرية، فإن “مقلاع داوود” صمم لمواجهة الصواريخ السورية عيار 302 ملم وصواريخ فاتح 110 الإيرانية ذات الرؤوس الحربية التى يبلغ وزنها نصف طن، والتى يقال إنها بحوزة حزب الله في لبنان.
فى يوليو/تموز 2018، قالت صحف صهيونية إن “مقلاع داوود” إستُخدم لأول مرة فى التصدى لصواريخ باليستية قصيرة المدى أطلقت من جنوب سوريا باتجاه مرتفعات الجولان.
وذكر موقع “ديفينس نيوز” العسكرى أن العبرية أطلقت صاروخين إعتراضيين للتصدي لصاروخين باليستيين من طراز SS-21 أطلقتهما قوات الحكومة السورية أثناء القتال ضد معارضين بالقرب من مرتفعات الجولان، وسقطت الصواريخ السورية داخل الأراضى السورية، ودُمر أحد الصاروخين الاعتراضيين ذاتياً فوق مرتفعات الجولان.
وقد التقطت القوات فى سوريا صاروخاً سليماً لمنظومة “مقلاع داوود” وأرسلته إلى روسيا لفحصه، ما أثار تساؤلات حول مدى فاعلية النظام حال نشره فى أوروبا، بعد أن أصبحت لدى روسيا القدرة على تطوير الإجراءات المضادة باستخدام المعلومات المكتسبة من النظام الصهيونى.
وفى حرب غزة، كشفت العبرية عن إستخدام “مقلاع داوود” لأول مرة فى مايو/أيار عام 2023، فى التصدى لصواريخ أطلقت من القطاع الفلسطينى، بعد فشل منظومة القبة الحديدية فى تلك المرة.
ومع تصاعد الأحداث بين الصهيونية وحزب الله هذا العام، قال المتحدث باسم الحكومة الصهيونية، ديفيد منسر، إن حزب الله إستخدم صاروخًاً باليستياً لإستهداف تل أبيب، لكن قوات الدفاع الصهيونية دمرته.
وقال فى تصريح: “هذه هى المرة الأولى فى التاريخ التى يطلق فيها إرهابيو حزب الله النار على مدينة تل أبيب، ونشكر الرب أن نظام الدفاع الجوى الصهيونى “مقلاع داوود” إعترض الصاروخ بنجاح، وتم تدمير منصة إطلاق الصواريخ فى جنوب لبنان”
ويقول الكولونيل عباس دهوك إن نظام الدفاع الصاروخى متعدد المستويات فى العبرية، بما فى ذلك “مقلاع داوود” أثبت فاعليته ضد ترسانة حزب الله الصاروخية، “ونجح فى إعتراض العديد من الصواريخ والطائرات المُسيرة والقذائف من إتجاهات ومواقع مختلفة”
وأضاف لبى بى سى أن ذلك “أثر بشكل كبير على توازن القوى فى تبادل إطلاق النار بين حزب الله والعبرية، كما لعب دوراً حيوياً فى ردع حزب الله وحده عن شن الهجمات، بل وكذلك إيران”
ويتفق معه العميد موسى القلاب، الخبير الأردنى في الشئون الإستراتيجية والعسكرية، فى وجود “تأثير نسبى” لنظام مقلاع داوود على توازن القوى مع حزب الله بالمقارنة بالحرب التى خاضها الطرفان فى عام 2006، والتي لم تشهد وجود “مقلاع داوود” ويضيف القلاب لبى بى سى أن هذا التأثير يرجع الى “تكامل هذا النظام مع أنظمة الدفاعات الجوية الصهيونية الأخرى مثل نظام القبة الحديدية ونظام حيتس وغيرها من الأنظمة الشاملة متعددة الطبقات”
ويرى أن بعض صواريخ حزب الله قد تنجح فى تخطى والحاق الضرر ببعض مواقع نظام مقلاع داوود لكن “بشكل محدود جداً”، نظراً للغارات الجوية الصهيونية المستمرة ضد مواقع حزب الله.
ومع ذلك، قد يواجه “مقلاع داوود” صعوبة فى التعامل مع الصواريخ الأسرع من الصوت مثل صواريخ “زيركون” الانزلاقية فرط الصوتية الروسية،
وذلك بسبب سرعتها وقدرتها على المناورة، بحسب دهوك، الذى قال لبى بى سى إنه لا يستطيع أن يجزم بأن حزب الله يمتلك مثل هذه القدرات،
وإستبعد القلاب أن يمتلك حزب الله سلاحاً مشابهاً لصواريخ زيركون الروسية، ”
الا إذا كانت إيران قد زودت حزب الله بعدد محدود جداً منها” الأمر الذى لا يعتقده “حيث أن القرار يبقى بيد القيادة السياسية العليا الإيرانية”، بحسبه.
على الرغم من المواصفات التى يتمتع بها “مقلاع داوود”، الا أن العميد المتقاعد موسى القلاب، يرى أن النظام الصهيونى به “نقاط ضعف”،
من بينها صعوبة حركته من موقع لآخر، ما يجعل إستهدافه وتدميره ممكناً للطرف المقابل،
وأضاف القلاب لبى بى سى أن من بين عيوبه تكلفة الصاروخ العالية التى تصل الى مليون دولار للصاروخ الواحد،
كما أنه “غير قادر على التعامل مع رشقات كثيفة من الصواريخ الهجومية المعادية”
ولا يرجح الخبير العسكرى أن تكون الصهيونية قادرة على إستخدام نظام مقلاع داوود بمرونة عالية وبنفس كثافة نظام القبة الحديدية،
لأسباب تقنية وتكتيكية تتعلق بعدم قدرته على المناورة وكشف وإعتراض الصواريخ المعادية.
فى نوفمبر/تشرين الثانى عام 2023، وقعت وزارة الحرب الصهيونية أول إتفاقية لتصدير “مقلاع داوود” الى فنلندا،
عقب إنضمامها الى حلف الناتو، فى صفقة تقدر قيمتها بنحو 317 مليون يورو (355 مليون دولار)
وقالت وزارة الحرب فى بيان لها عقب الصفقة: “إن مقلاع داوود هو أحد أكثر الأنظمة تقدماً فى العالم لإعتراض الصواريخ الباليستية والصواريخ المجنحة والطائرات والمُسيرات”
وأضافت الوزارة أن مقلاع داوود “أظهر قدرات عالية الأداء فى الحرب، فى مجموعة متنوعة من السيناريوهات الصعبة”
وتوقع تقرير لموقع المجلة العسكرية “ميليتاري ووتش ماغازين” أن يكون”مقلاع داوود” مكملاً فعالاً لمقاتلات الجيل الخامس من طراز F-35 التى اشترتها فنلندا من الولايات المتحدة،
ما يوفر الحماية اللآزمة للقواعد الجوية على الأراضى الفنلندية.
وأعرب بينى يونغمان، نائب الرئيس التنفيذى والمدير العام لقسم أنظمة الدفاع الجوى والصاروخى بشركة رافائيل للصناعات العسكرية الصهيونية،
عن تفاؤله بإمكان تصدير النظام الى باقى دول أوروبا بعد الصفقة مع فنلندا، الا أن المقاومة الفلسطينية،
والهجوم الصاروخى على الأرض المحتلة أثبت عجز وقصور أنظمة الدفاع الصهيونية وتم الوقف عن تصديرها.