تحليل: زيارة نتنياهو لأمريكا قد تكون حاسمة لإتفاق وقف إطلاق النار..
لكن هل يريد ذلك؟ ,صل رئيس الوزراء الصهيونى بنيامين نتنياهو الى واشنطن، الإثنين، وسط ضجة أقل بكثير مما كان يتوقعه قبل يوم واحد فقط.ولا شك أن زيارته المرتقبة المليئة بالإجتماعات مع كبار المسئولين الأمريكيين وخطاب ثمين أمام الكونغرس سوف يطغى عليها الآن القرار المذهل الذى إتخذه الرئيس الأمريكى جو بايدن بالإنسحاب من السباق الرئاسى. ولكن مع إستمرار مفاوضات وقف إطلاق النار التفصيلية التى تهدف الى تحويل إتفاق إطارى الى إتفاق نهائى الى أسبوعها الثالث، ستظل زيارة نتنياهو حاسمة بالنسبة لإحتمالات وقف إطلاق النار فى غزة.
ويقول مسئولون أمريكيون كبار إن التوصل الى إتفاق فى متناول اليد، لكن إحتمالات التوصل الى إتفاق قد تتوقف على الإجابة على سؤال رئيسى: هل يريد نتنياهو التوصل الى إتفاق بالفعل؟
وسائل الإعلام الصهيونية والأوساط السياسية وشوارع تل أبيب ستخبرك أن الإجابة على هذا السؤال هى لا، لأن نتنياهو سيكسب الكثير من خلال إطالة أمد الحرب وسيخسر الكثير إذا أوقفها.

وسمحت الحرب لنتنياهو بتأخير نصيبه من المسائلة عن الإخفاقات التى أدت الى رد فعل المقاومة الفلسطينية 7 أكتوبر/تشرين الأول، ورفض الدعوات لإجراء إنتخابات جديدة بتصميم صارم فى زمن الحرب.
وفى الواقع، تحسنت فرص حزبه فى الإنتخابات المقبلة فى الأشهر الأخيرة، وهدد شركاء الإئتلاف اليمينى الذين أبقوا نتنياهو فى السلطة بالإنسحاب إذا توصل رئيس الوزراء الى إتفاق ينهى الحرب.
وحتى بايدن قال إن “هناك كل الأسباب” التى تجعل الناس يعتقدون أن نتنياهو يطيل أمد الحرب فى غزة من أجل البقاء فى السلطة.
وهناك أيضاً مؤشرات على أن نتنياهو يضع عقبات أمام التوصل الى إتفاق، لقد تراجع عن تنازل صهيونى رئيسى يتعلق بالسماح للفلسطينيين بالوصول غير المقيد الى شمال غزة والذى تم تضمينه فى أحدث مقترح صهيونى لوقف إطلاق النار، ويبدو الآن أنه يصر على إحتفاظ الصهيونية بالسيطرة على ممر فيلادلفيا، وفى العلن، قوض خطابه الثقة فى التزام الصهيونية بالتوصل الى إتفاق يمكن أن ينهى الحرب.ومع ذلك، شارك نتنياهو وفريقه المفاوض بشكل ثابت فى المفاوضات، وتبادل المقترحات مع “حماس” وجعل الجانبين أقرب من أى وقت مضى الى إتفاق محتمل.
وتطالب نسبة متزايدة من الجمهور الصهيونى، بقيادة عائلات الرهائن، الحكومة بالتوصل الى إتفاق، ويصر حلفاء نتنياهو على أنه جاد فى رغبته فى التوصل الى إتفاق لإطلاق سراح الرهائن، وهو الإتفاق الذى قد يسمح للصهيونية بإستئناف القتال فى غزة.
وسيكون هذا التوتر أمراً لا مفر منه بعد وصول نتنياهو الى واشنطن، حيث سعى فى كثير من الأحيان الى تعزيز مكانة الصهيونية فى الولايات المتحدة بالإضافة الى مكانته السياسية فى الداخل.
وبينما يتطلع نتنياهو الى إظهار الدعم الذى لا يزال يتمتع به فى واشنطن والتصفيق الحار من أغلبية المشرعين فى الكونجرس ينبغى أن يفى بالغرض، فإن زيارته تمثل أيضاً فرصة لكبار المسئولين والمشرعين الأمريكيين للحث والتشجيع لإقناعه بالتوصل لى إتفاق.
ومن بين أولئك الذين يتوقون الى تقديم هذه القضية سيكون الرئيس الأمريكى، الذي سيلتقى وجهاً لوجه مع نتنياهو هذا الأسبوع للمرة الأولى منذ أن سافر بايدن إلى الأرض المحتلة فى أكتوبر فى عرض درامى للدعم فى زمن الحرب.
ومن المرجح أن يتم إستبدال المشاعر الحارة والتعاطف فى زيارة بايدن التى كانت فى أكتوبر بشئ أكثر برودة خلال الزيارة الحالية.
وأصبح بايدن أكثر إنتقاداً بشكل مطرد للحرب الصهيونية فى غزة – حيث قُتل أكثر من 39 الف فلسطينى، وفقاً لوزارة الصحة الفلسطينية – وقاوم نتنياهو الضغوط الأمريكية، وكثيراً ما كان ينتقد البيت الأبيض علناً، وحتى مع محافظته على دعم قوى للصهيونية، أصبح بايدن أول رئيس منذ رونالد ريجان يحجب بعض الذخائر الأمريكية عن الصهيونية ــ حيث علق شحنات القنابل التى تزن 2000 رطل فى مايو/أيار وسط مخاوف بشأن سقوط ضحايا من المدنيين فى غزة.
وفى الوقت نفسه، لم يقاوم نتنياهو الدعوات الأمريكية لكبح جماح العمليات العسكرية الصهيونية فى غزة فحسب، بل إستخدم تحديه لدعوات البيت الأبيض لضبط النفس لتعزيز موقفه السياسى فى الصهيونية بما فى ذلك خطاب القاه قبل أيام قليلة من رحلته الى الولايات المتحدة التى تحدث فيها عن رفضه الرضوخ لضغوط بايدن لإنهاء الحرب والتخلى عن الهجوم المخطط له فى رفح.
بإتجاه آخر إن قرار بايدن بالإنسحاب من السباق الرئاسى قبل يومين فقط من جلوسه مع نتنياهو سيؤدى بلا شك الى تغيير الديناميكية بين الرجلين الى أبعد من ذلك، وسيكون نتنياهو أول زعيم أجنبى يجلس مع الرئيس الأمريكى الذى أصبح الآن فى وضع “البطة العرجاء”، وإن كان لا يزال أمامه 6 أشهر فى منصبه سيواصل خلالها توجيه السياسة الخارجية للولايات المتحدة.وبعد أن تحرر من قيود السياسة الإنتخابية ونظراً لإرثه، كيف سيتعامل بايدن الآن مع نتنياهو وكذلك مستقبل الحرب فى غزة والسياسة الأمريكية تجاه الصهيونية؟،
والى أى مدى سيشعر نتنياهو بأنه مضطر للإستجابة لضغوط بايدن؟.
وبينما يدرس رئيس الوزراء الصهيونى هذه الديناميكية الجديدة، ربما يتطلع نتنياهو المراقب الدقيق للسياسة الأمريكية الى شخص آخر عندما يقرر ما إذا كان سيتخذ قفزة نحو وقف إطلاق النار الا وهو: الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب.
حيث يتمتع ترامب بسجل حافل من الدعم الثابت للصهاينة وإنتقد جهود بايدن لكبح جماح سلوك الصهاينة فى غزة، وخلال خطابه فى المؤتمر الوطنى للحزب الجمهورى، حذر من أن الرهائن “من الأفضل أن يعودوا قبل أن أتولى منصبى، والا ستدفعون ثمناً باهظاً للغاية”، لكن ترامب حث الصهيونية فى إبريل/نيسان أيضاً على إنهاء حربها فى غزة بـ”سرعة”وقال ترامب لمحلل CNNباراك رافيد فى عام 2021: “أول شخص هنأ بايدن كان بيبى (نتنياهو) لقد كان مبكراً جداً، فى وقت أبكر من معظم الناس، ولم أتحدث معه منذ ذلك الحين..
اللعنة عليه” وسيكون أمام نتنياهو الكثير من الفرص لتقييم ما إذا كانت هذه المشاعر لا تزال قائمة عندما يجتمع مع حلفاء ترامب فى واشنطن هذا الأسبوع، ولا توجد حالياً خطط معروفة للقاء ترامب.وبتحليل غداة إعلان الرئيس جو بايدن إنسحابه من السباق الرئاسى، أكد رئيس الوزراء الصهيونى بنيامين نتنياهو أن بلاده ستكون أقوى حليف لواشنطن بغض النظر عمن سيصل للبيت الأبيض، فيما أمر جيشه بإخلاء الأجزاء الشرقية من خان يونس.ومن جهته، شكر وزير الدفاع الصهيونى يوآف غالانت فى وقت متأخر الرئيس الأمريكى جو بايدن على “دعمه الراسخ” للصهيونية على مر الأعوام، وكتب غالانت على موقع إكس: “دعمكم الراسخ خاصة أثناء الحرب كان لا يقدر بثمن. نحن ممتنون لقيادتكم وصداقتكم”فى سياق متصل أمر الجيش اللصهيونى سكان غزة بإخلاء الأجزاء الشرقية من مدينة خان يونس قائلاً إنه “سيعمل بقوة” ضد تجدد إطلاق القذائف الصاروخية وعمليات المسلحين من المنطقة التى صنفها منطقة إنسانية، وقال الجيش إنه سيقوم بملاءمة حدود المنطقة الإنسانية من أجل إبعاد السكان المدنيين عن مناطق القتال.
وتظاهر مئات الصهيونيين فى مطار بن غوريون بالقرب من تل أبيب وذلك عشية مغادرة رئيس الوزراء الصهيونى بنيامين نتنياهو إلى واشنطن، ودعا المشاركون فى المظاهرة نتنياهو الى عدم القيام بالزيارة حتى يوقع على إتفاق لإطلاق سراح 120 محتجزاً صهيونياً لدى حركة حماس الفلسطينية، حسبما ذكرت صحيفة “هآرتس” عبر الإنترنت.وكان من بين المتظاهرين أقارب المحتجزين.
أعلنت الصهيونية يوم الإثنين مقتل رهينتين من رهائنها المحتجزين فى غزة، وقال الجيش فى بيان منفصل إن حماس تحتفظ بالجثتين وإنه يجري تحقيقاً من ظروف مقتلهما، وقال منتدى عائلات الرهائن المحتجزين فى بيان إن ياغيف بوخشتاب (35 عاماً) واليكس دانسيغ (76 عاماً) إختطفا خلال هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضى، الذى نفذته حماس داخل الأرض المحتلة، وإن مقتلهما يمثل “تذكيراً صارخاً بالحاجة الملحة لإعادتهم جميعاً ” بحسب وكالة فرانس برس للأنباء.






