ثقافة

في العمق المصري

بقلم / أسماء أبو الحسن

في أعيادنا خلال سنوات طويلة مضت ، و تحديدا جيلي الثمانينات “الذي أنتمي إليه” و التسعينات ، ارتبط معنا مفهوم العيد بعادات كثيرة ، منها الجلوس أمام شاشات التلفاز ، منتظرين بشغف بدء مسلسلات هرقل و زينة ، غارقين في أحلامنا و نحن نفكر بأفلام النجم الهندي أميتاب باتشان ، مسافرين عبر عصورا قديمة برفقة السندباد البحري و هول ما يواجهه من وحوش أسطورية .بمرور الأعوام و لأسباب عدة غابت عنا مثل هذه الأعمال التي كانت تلتف حولها كل أفراد الأسرة المصرية محتضنة الشاشة بعيون يملؤها الانبهار في جلسة عائلية يشع منها دفء المشاعر و امان لا مثيل له .الى أن تم الإعلان عن فيلم “أهل الكهف” للنجم المُبدع خالد النبوي .بصفة شخصية فأنا اعتزّ أنني من جمهور هذا المُثقف المُتمكن ، الذي أمتعنا بأدواره التاريخية و الإجتماعية من خلال تجسيده لها بحرفية شديدة .و بتسليط الضوء على أعماله التاريخية نجد أنه قد صنع نجاحات كان البعض منها خارج الوطن و ذلك خلال بطولته لفيلم “المواطن” The citizen عام 2012 و الذي تم إنتاجه في الولايات المتحدة الأمريكية ، إضافة إلى دوره بالفيلم الأمريكي مملكة السماء Kingdom of

للمخرج العالمي ريدلي سكوت في عام 2005 .. ..و على مستوى الدراما التلفزيونية فقد نجح بأداءه المتميز بعدة مسلسلات منها تيم بمسلسل صدق وعده عام 2009 و طومان باي بممالك النار عام 2019 ، و الإمام الشافعي في رسالة الإمام عام 2023 .و مؤخراً إنطلاق العمل السينمائي الأبرز بصيف 2024 ” أهل الكهف” عن رائعة الكاتب الكبير توفيق الحكيم ، و هي تُعد من أبرز مؤلفاته و التي تمت ترجمتها إلى ثلاث لغات هم الإيطالية و الفرنسية و الإنجليزية .يبدأ الفيلم بموسيقى تصويرية مميزة تنقلك معاها لزمن الأساطير القديمة ، لُيطل علينا النجم خالد النبوي بدور القائد سبيل الذي يقع في حب الأميرة بريسكا الإبنة بالتبني للملك الحاكم آنذاك دقيانوس ، إلى أن يهرب من ظلم الملك ويختبئ ليعود للحياة بعد 300 عام ، لتلعب الصدفة دورها في لقاءه بالاميرة الحسناء و يحبها ثانية .و تستمر الأحداث سجال بين معركة و سلام تتخللها لحظات حب أبدع فيها النبوي بحرافية عالية .أهل الكهف و بالنسبة لي هو أحد الأعمال السينمائية الكبيرة التى تم إنتاجها بإتقان شديد كنا نفتقده منذ عقود طويلة .. و قد قلت سابقاً أنه عمل لديه من المقومات ما يجعله منافسا لأفلام عالمية حيث أنه . . أولا تصوير الفيلم : و الذي كان في أماكن شاسعة المساحة بديكور رائع تشعر معه و كأنك بقلب الأحداث لتشاهد ملحمة تاريخية لم نرَ لها مثيل في السينما المصرية من قبل ، و انسجمنا معها في الافلام الاجنبيه كا فيلم ” المُصارع Gladiator ” .ثانياً إدارة الحوار : و المعالجة السينمائية للرائع أيمن بهجت قمر و الذي استخدم أسلوب السلاسة تيسيرا على مشاهديه من ناحية ، و تشويقا له من ناحية أخرى ، فا يفهمه الكبير و الصغير ، الطفل و الشاب بمختلف أعمارهم دون تعقيد .ثالثاً دور” بطل العمل ” القائد سبيل : و هنا نتطرق إلى جانبين ، الحربي وهو ما شاهدته شخصيا ولأول مرة أن يُتقن البطل دوره من تعبيرات وجه ، لحديث ، لقسوة ، لاجادة فن الحرب حتى نرى السيف يمر من الجهة المقابلة لجسد المواجه دون فبركة أو تشويش ، و الثانية المُحب الغارق برومانسيته في حب الأميرة ، جامعاً بدوره بين القوة و الحب .رابعاً الملابس و الأزياء: و التى من خلالها سافرنا لعصر عتيق ، امتلأ بالإثارة خلال أحداث تشويقية عبرت عنها ملابس عصر الكثير قد لا يعرف عنه إلا القشور .خامساً الموسيقى التصويرية : و التي جاءت على مستوى العمل فا تشعر أُذنك و كأنك رحلت من عالم الواقع إلى سحر الخيال المُعبر عن الأحداث بحوار يدور و مشاهد تتجدد معك خلال العرض .سادسا التعاون بين أفراد العمل : وهو ما كان ظاهراً بجميع المشاهد ، حيث تم تجسيد جميع الأدوار بأيدي نُخبة متميزة من كبار النجوم الذين اتقنوا أدوارهم ببراعة و امتياز بإجادة عالية .سابعا إدارة المعارك : و التي اجادها ببراعة النجم خالد النبوي و مجموعة من الفنانين والفنانات المتميزون ، مما جعلنا نرى عملاً فنياً عالمياً .ثامناً الإخراج: و الذي اتقنه و بحرفية عالية المخرج المتميز عمرو عرفة ، من مشاهد لزاوية تصوير ، لإبراز القسوة و اللين ، الحرب و السلام في عمل فني واحد استطاع من خلاله العودة بنا من زمن التكنولوجية إلى زمن العصور القديمة دون أن نشعر بهم و نحن نشاهد العمل … …إن أهل الكهف ذاك العمل الفريد من نوعه في كل شيء ، جعلني و بصفة شخصية أرى ضوءا منيرا نابعاً من قلب السينما المصرية ، و كأن لسان حاله يقول ” نعم نحن نستطيع المنافسة في المحافل العالمية ” .أما عن المُبدع الجميل خالد النبوي هذا المُثقف المُتمكن فهو بكل المقاييس قد نجح في تجسيد دور القائد سبيل ببراعة شديدة ، بإبداع خبرات سابقة له أضافت على نجاحه بالدور نجاحاً إضافياً كبيراً .. ليس هذا فحسب بل إن جمعه بين المحارب و المُحب يجعلك تتأكد بأنك أمام نجم مُبدع جميل من الطراز الأول الرفيع للغاية .تحية شخصيه مني لجميع القائمين و المشاركين في هذا العمل الملحمي التاريخي الرائع .و تحية خاصة مُحملة بأسمى معاني التقدير والاحترام و الحب لرمز مصريتنا الأصيل المُبدع الجميل خالد النبوي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى