انقسام داخل إيران بشأن التفاوض مع واشنطن.. بين ضرورات الاقتصاد وتحذيرات الأصوليين
أخبار نيوز بالعربي

كتبت: سهام إبراهيم
تشهد الساحة السياسية الإيرانية انقساماً متزايداً حول مسألة استئناف التفاوض المباشر مع الولايات المتحدة، في ظل تزايد الضغوط الاقتصادية والتهديد بعقوبات دولية جديدة، إضافة إلى التصعيد المرتبط بملف طهران النووي.
في هذا السياق، برزت دعوات واضحة من التيار الإصلاحي، تطالب بفتح قنوات حوار مباشرة مع واشنطن. واعتبر رئيس البرلمان الإيراني الأسبق مهدي كروبي أن التفاوض هو السبيل الوحيد لتخفيف العقوبات، وتفادي شبح الحرب، والحفاظ على وحدة البلاد ومصالحها الوطنية، منتقداً ما وصفه بالإصرار على “سياسات خاطئة” أضرت بالشعب الإيراني.
الرئيس الأسبق حسن روحاني، الذي قاد مفاوضات الاتفاق النووي لعام 2015، شدد بدوره على أهمية تجاوز “العداوات غير الضرورية”، في إشارة إلى ضرورة تهدئة التوتر مع واشنطن، مؤكداً أن العودة إلى طاولة الحوار باتت ضرورة لمواجهة الأزمة الاقتصادية المتفاقمة.
وفي المقابل، يرى التيار المحافظ أن أي تقارب مع الولايات المتحدة لا يعدو كونه فخاً يعيد سيناريوهات سابقة من التآمر والعدوان، مشيرين إلى فشل المحادثات السابقة واتهام واشنطن بالتواطؤ مع إسرائيل في تنفيذ ضربات ضد إيران.
من جانبه، حذّر الرئيس الإيراني الحالي، مسعود بزشكيان، من الانقسامات الداخلية، معتبراً أنها تمثل خطراً أكبر من التهديدات والعقوبات الخارجية. وقال إن إيران لا تسعى إلى الحرب، لكنها سترد بقوة إذا تعرضت لأي هجوم، داعياً في الوقت نفسه إلى “وفاق داخلي” يسمح باتخاذ قرارات استراتيجية بعيداً عن التجاذبات السياسية.
وفي ظل هذا الانقسام الداخلي، أصدرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقريراً أعربت فيه عن قلقها من تسارع إيران في تخصيب اليورانيوم بنسبة 60%، مشيرة إلى أن مخزون طهران وصل إلى نحو 440 كيلوغراماً حتى منتصف يونيو – وهي كمية تقترب من الحد القادر على إنتاج سلاح نووي نظرياً.
الوكالة حذّرت من أن تعليق إيران للتعاون مع مفتشيها منذ 13 يوليو يفتح الباب أمام فجوة معلوماتية خطيرة حول طبيعة البرنامج النووي الإيراني، خاصة بعد الضربات العسكرية التي تعرضت لها مواقع داخل البلاد.
وفي ظل هذه التطورات، تستعد القوى الغربية لتفعيل عقوبات جديدة خلال الأسابيع المقبلة تستهدف قطاعات حيوية مثل النفط والبنوك، إلى جانب مسؤولين كبار. وتوصف هذه العقوبات المرتقبة بأنها “قاسية للغاية” على اقتصاد يعاني من أزمات متراكمة.
وفي تحرك دبلوماسي لافت، توجه كبير المفاوضين السابقين عباس عراقجي من الصين إلى الدوحة، حيث التقى بأمير قطر الشيخ تميم بن حمد، وسط معلومات تفيد بنقله رسالة من الرئيس بزشكيان قد تتعلق بإمكانية العودة إلى المفاوضات عبر وساطة قطرية.
المشهد الحالي يضع إيران أمام خيارين حاسمين: الأول هو الانخراط في مفاوضات جديدة قد تساهم في كبح التدهور الاقتصادي وتخفيف التوترات. أما الخيار الثاني، فيتمثل في الاستمرار بسياسة التحدي والتصعيد، مع ما تحمله من مخاطر العقوبات والانفجار الداخلي أو حتى المواجهة العسكرية.
ويجمع المراقبون على أن الانقسام السياسي لم يعد مجرد تباين في الرؤى، بل تحوّل إلى خطر حقيقي يهدد استقرار الدولة ومستقبلها في ظل التحديات الإقليمية والدولية المتسارعة.






