
إدارة الحوار: حنان حسن
في عالمٍ يكتفي فيه الكثيرون بالصورة، هناك من يصنع التأثير بالكلمة والنبرة والصوت وحده. ضيفتنا اليوم ليست مجرد صوتٍ يُسمع، بل إحساسٌ يُشعر، ورسالةٌ تصل إلى القلب قبل الأذن. بصوتها المميز الذي يأسر المستمعين، استطاعت أن تترك بصمة في مجال التعليق الصوتي، وأن تصبح واحدة من أبرز الأصوات التي ترافقنا في الإعلانات، الوثائقيات، والبرامج. في هذا الحوار الخاص، نقترب أكثر من كواليس الميكروفون، ونتعرف على أسرار النجاح، التحديات، والحلم الذي تحوّل إلى صوت يُروى.
الإعلامية “مروى سعد” عرفينا بنفسكِ؟
أنا الإعلامية مروى سعد، المُعلّقة الصوتية للمناهج التابعة لوزارة التربية والتعليم عبر صفحتها الرسمية، أشغل منصب رئيس لجنة الإعلام المركزية بالاتحاد العام لشباب العمال، التابع لوزارة الشباب والرياضة (عمل تطوعي).
كما أرأس قسم التعليق الصوتي في بوابة “حكايات مصرية”، وأعمل مستشارًا إعلاميًا لشبكة “آخر خبر”، بالإضافة إلى رئاستي للمبادرة الإعلامية “إعلامنا شباب”.
متى كانت اللحظة التي شعرتِ فيها أن صوتكِ ليس عاديًا، بل موهبة تستحق التوظيف؟
كانت البداية محض صدفة، حين حضرت منحة لتعليم التعليق الصوتي بدافع التسلية فقط، لكنني وجدت نفسي منجذبة جدًا لهذا المجال. وقد شجعني المدرب في نهاية الدورة على الاستمرار، حيث أثنى على أدائي ونصحني بمواصلة التدريب، وبالفعل أخذت بنصيحته وبدأت رحلتي في هذا المجال منذ عام 2017.
متى أكتشفتِ شغفك بعالم التعليق الصوتي؟
بعد هذه الدورة الأولية، حرصت على حضور العديد من الورش والدورات التدريبية لتعلُّم المزيد وتجربة أنماط صوتية مختلفة، حتى أصبح الأمر شغفًا حقيقيًا لا ينتهي. لاحقًا بدأت تقديم برامج إذاعية عبر الإنترنت، ولاقت إعجابًا كبيرًا من الجمهور والأصدقاء، ومن تلك اللحظة قررت أن أُحترف التعليق الصوتي.
كيف تصفين شعوركِ عندما تسمعين صوتكِ في إعلان أو فيلم؟
أشعر بسعادة غامرة بالطبع، ولكنني في ذات الوقت أُراجع أدائي بانتقاد ذاتي كبير، وأشعر بأنني أستطيع تقديم الأفضل دائمًا.
من هي الجهة أو الشخصية التي شعرتِ بالفخر الأكبر بالتعاون معها؟
في البداية، كان راديو “عاجل” أول تدريب عملي حقيقي بالنسبة لي، ثم تلاه راديو “آرت”. أما الفرصة الأهم فكانت اختياري من قِبل وزارة التربية والتعليم لأكون المُعلّقة الصوتية للمناهج على صفحتها الرسمية، لكن الجهة التي منحتني الظهور الإعلامي الحقيقي على أرض الواقع كانت الاتحاد العام لشباب العمال، التابع لوزارة الشباب والرياضة، بقيادة الأستاذ عبد العزيز سمير.
لقد منحني الفرصة، وآمن بموهبتي منذ اللحظة الأولى، وعيّنني رئيسة للجنة الإعلام المركزية، كما رشّحني لخمس مرات متتالية لتقديم مؤتمرات أمام معالي وزير الشباب والرياضة، الدكتور أشرف صبحي.
هل واجهتِ صعوبات في إثبات نفسك كامرأة في هذا المجال؟
بصراحة، كنت دائمًا مركزة على تطوير نفسي وتنمية موهبتي. وأعتبر نفسي محظوظة، لأن جميع من دعمني ووقف إلى جانبي في هذا المجال كانوا رجالًا لم يبخلوا عليّ بمعلومة أو نصيحة وبالنسبة لكوني امرأة، فأنا أرى أن الإعلام يدعم المرأة بقوة، مع كامل احترامي وتقديري للرجال العظماء في هذا المجال.
ما رأيكِ في دخول الذكاء الاصطناعي عالم الصوت؟ هل يمثل تهديدًا أم فرصة؟
بلا شك هو تهديد كبير، لكنه في النهاية آلة من صنع البشر، ولا يمكن أن يرقى لصوت الإنسان الذي خلقه الله، ولا يستطيع إيصال المشاعر الإنسانية كالفرح، الحزن، الدهشة، الحب، أو الخوف.
وهنا تتجلى قيمة الإنسان الموهوب المتمكّن من أدواته. أما من جهة الفرصة، فهو يُعد وسيلة للتطوير ومواكبة العصر، لكن للأسف قد تلجأ بعض المؤسسات لاستخدامه لأنه أقل تكلفة ويوفر الوقت والجهد في التسجيل.
في رأيك، هل التعليق الصوتي موهبة فطرية أم مهارة تُكتسب؟
كلا الأمرين ممكن. فقد يكون هناك من يمتلك الموهبة بالفطرة، ويصبح محترفًا بالتدريب وفي المقابل، يمكن لشخص يحب المجال، حتى إن لم يكن موهوبًا، أن يُصبح معلقًا صوتيًا ناجحًا من خلال التدريب المتواصل، وتجربة صوته مرارًا وتكرارًا، ومعرفة نقاط القوة والضعف والعمل عليها بجد.
هل مررتِ بلحظة إحباط فكرتِ فيها بالتراجع؟
لم يحدث ذلك أبدًا، بل على العكس، أي تعثر أمر به يكون دافعًا قويًا للاستمرار. والحمد لله، ما زلت أواصل المسيرة.
كيف تتعاملين مع النصوص الصعبة أو المليئة بالمصطلحات التقنية والأكاديمية؟
ألجأ إلى أساتذتي في مجال التعليق الصوتي، وخاصة من لديهم تمكّن قوي في اللغة العربية، وأتعلم منهم باستمرار.
لو عاد بك الزمن، هل كنتِ ستختارين نفس المسار؟ ولماذا؟
أنا لم أختر هذا المجال، بل وُفِّقتُ للدخول إليه بفضل الله، وأنا سعيدة للغاية بهذا الاختيار.
ولو عاد بي الزمن وحدث نفس التيسير الإلهي، لاخترته من جديد، لأنني أجد نفسي فيه، وأشعر بمتعة حقيقية وأنا أمارسه. وقد بدأت مؤخرًا تدريب الشباب على التعليق الصوتي.
ماذا تقولين لمن يرغب بدخول هذا المجال ولا يعرف من أين يبدأ؟
البداية بسيطة. عليه أن يستمع لكل ما يُقال من المذيعين والمعلقين الصوتيين في مختلف الأماكن: صوت المذيع في المترو عند إعلان المحطة القادمة، صوت الرد الآلي في البنوك، المُعلّق في نشرات الأخبار، الإعلانات، حتى الرسائل المسجلة على الهاتف مثل: “عفوًا، لقد نفد رصيدكم”.
كل ما يتعلق بالتعليق الصوتي عليه أن يستمع له بعناية، ثم يُقلده ويكرره مرات عديدة.
إذا أُتيحت لكِ فرصة تسجيل رسالة تُبث للعالم كله، ماذا ستقولين؟
أُخلصوا النية لله سبحانه وتعالى، فـ “وعلى نياتكم تُرزقون.”