
كتبت: إسراء عبدالله
المصدر: سي إن إن
أثار قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب بتأجيل قراره بشأن ما إذا كان سيضرب إيران لمدة أسبوعين حالة من البلبلة والتكهنات في إسرائيل.
فقد دفع بعض كبار المسؤولين الإسرائيليين علناً باتجاه مشاركة الولايات المتحدة في الحرب، بحجة أن التدخل العسكري الأميركي قد يقصّر أمد الصراع ويسمح لإسرائيل بتحقيق هدفها المتمثل في إزالة ما تعتبره منذ وقت طويل تهديداً وجودياً: إيران نووية مسلحة بصواريخ باليستية.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت لشبكة CNN في وقت سابق من هذا الأسبوع: “نحن نؤمن بأن على الولايات المتحدة الأميركية ورئيسها واجباً لضمان أن يسير هذا الإقليم في اتجاه إيجابي، وأن يكون العالم خالياً من إيران تمتلك سلاحاً نووياً”.
وكان غالانت قد شارك في التخطيط للعملية ضد إيران قبل أن يُقيله رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في نوفمبر.
لكن بعد الجدول الزمني الجديد الذي حدده ترمب، بات القادة السياسيون الإسرائيليون أكثر حذراً في تصريحاتهم، حرصاً على عدم الظهور وكأنهم يدفعون الرئيس الأميركي نحو نوع الصراع في الشرق الأوسط الذي لطالما سعى لتجنبه.
فأصبح نتنياهو وغيره من المسؤولين أكثر تحفظاً في تصريحاتهم العلنية، مشيدين بفوائد محتملة للتدخل الأميركي دون الدعوة الصريحة إليه.
تحدثت CNN إلى ستة مسؤولين إسرائيليين لفهم كيف ترى القيادة الإسرائيلية هذه اللحظة الحرجة من الصراع، بينما يدرس ترمب ما إذا كان سينضم إلى الحملة العسكرية الإسرائيلية الجارية.
وقد تحدث معظمهم بشرط عدم الكشف عن هويتهم نظراً لحساسية العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل.
تدخل أمريكي سيغير قواعد اللعبة
ترى إسرائيل أن مشاركة الولايات المتحدة ستغير طبيعة الصراع بشكل جذري، لا سيما من حيث زيادة فرص النجاح في ضرب منشأة “فوردو” النووية الإيرانية، المدفونة عميقاً داخل جبل جنوبي طهران.
ويتطلب تدمير هذه المنشأة قنابل خارقة للتحصينات تزن 30 ألف رطل، لا تمتلكها إلا القاذفات الأميركية.
وقال ياكي ديان، القنصل العام الإسرائيلي السابق في لوس أنجلوس: “هناك قناعة بأن الإسرائيليين سيذهبون لضرب فوردو على أي حال، لكن من دون الأميركيين قد تكون العملية أكثر فوضوية وأقل حسماً”.
وبعد الأسبوع الأول من الضربات الإسرائيلية على إيران، فقدت إسرائيل عنصر المفاجأة، وأصبحت القيادة السياسية أمام قرار مصيري بشأن مدى استمرار الحملة، وهو قرار يعتمد إلى حد كبير على ما سيقرره ترمب.
وتتابع إسرائيل عن كثب الجدل داخل قاعدة ترمب الشعبية المعروفة بـ”MAGA”، بين الجناح الانعزالي الرافض لأي تدخل أميركي جديد في الشرق الأوسط، والفريق الذي يرى في هذا الصراع فرصة ذهبية لتوجيه ضربة حاسمة لإيران.
وقال ديان لـCNN إن القيادة السياسية الإسرائيلية تحرص على ضبط تصريحاتها العلنية بسبب هذا الجناح الانعزالي، لكن الموقف الإسرائيلي يصل للدوائر المؤثرة في واشنطن من خلال تصريحات أدلى بها مقربون من نتنياهو مثل رون ديرمر لوسائل الإعلام اليمينية الأميركية.
علاقة معقدة بين نتنياهو وترمب
يظهر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترمب علاقة ودية علنية، رغم أن ترمب انحرف في بعض الأحيان عن السياسة الأميركية التقليدية المؤيدة لإسرائيل، لا سيما في مفاوضات مع إيران، وصفقة وقف إطلاق النار مع الحوثيين، وزيارة للمنطقة لم تشمل إسرائيل. وقد كشفت قرارات البيت الأبيض عن تباينات حادة بين الزعيمين.
ومع ذلك، حافظت الحكومتان على حوار مستمر منذ بدء إسرائيل هجومها على إيران.
وقال ديان إن التنسيق بين نتنياهو وترمب “أفضل بكثير مما يظنه الناس”، لكنه أقر بأن ترمب يتخذ قراراته بشكل أحادي بعد استشارة دائرة ضيقة من المستشارين.
وفي الوقت نفسه، كان وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يلتقي يوم الجمعة بنظرائه من المملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا في سويسرا، ما سيسمح للولايات المتحدة بتقييم مدى جدوى حل دبلوماسي لبرنامج إيران النووي.
وكانت واشنطن قد أعلنت يوم الخميس أن التواصل مع إيران “لا يزال مستمراً”، من دون تقديم أي تفاصيل، رغم أن ترمب يدرس خيار الضربة العسكرية.
“دخان ومرايا” أم مناورة؟
لكن الحكومة الإسرائيلية لا تظهر علامات هلع من قرار ترمب بتأجيل الضربة لمدة أسبوعين.
ويرى عدد من المسؤولين الذين تحدثوا مع CNN أن بيان الرئيس هو مجرد “دخان ومرايا”، كما وصفه أحدهم – جزء من مناورة خداع لإبقاء طهران في حالة تخمين، بينما يكون ترمب قد اتخذ قراره فعلاً بالتدخل الأميركي.
وقال مسؤول: “لن يمنح نفسه مهلة يجب أن يلتزم بها إن لم يكن قد قرر بالفعل”، مع الإشارة إلى أن هذا التفسير هو الأكثر تفاؤلاً بالنسبة لإسرائيل.
لكن مسؤولين آخرين أعربوا عن قلقهم.
وقال أحدهم: “إذا تابعت تصريحاته خلال الأسبوعين أو الثلاثة الماضية، ستجد الكثير من التذبذب”.
فالأمر الذي كان يبدو شبه مؤكد قبل 48 ساعة – بأن ترمب سيأمر بتدخل عسكري أميركي – لم يعد كذلك.
فقد انتقل من قوله: “نحن نسيطر بشكل كامل على الأجواء فوق إيران” – منسوباً إلى إنجازات الجيش الإسرائيلي – إلى منح نفسه أسبوعين إضافيين لاتخاذ ما قد يكون أحد أخطر قرارات السياسة الخارجية في رئاسته.
تباطؤ الحملة العسكرية الإسرائيلية
كانت إسرائيل قد بدأت عمليتها ضد إيران من دون ضمان أميركي بالمشاركة، حسبما ذكر مسؤولون، لكن الاعتقاد كان أن تغطية الإنجازات العسكرية الإسرائيلية ستغري ترمب بالمشاركة.
لكن مع دخول الحملة أسبوعها الثاني، قال أحد المسؤولين إن “وتيرة النجاح بدأت تتباطأ”.
وكلما استمرت العمليات – على بعد نحو 1600 كيلومتر – زادت فرص الوقوع في الخطأ، ما قد يؤثر على أداء إسرائيل ويقلل من احتمالات التدخل الأميركي.
وأضاف: “كل يوم يمر يزيد من احتمال حدوث خطأ ما”، دون تقديم تفاصيل إضافية.
وقال ألون بينكاس، القنصل الإسرائيلي العام السابق في نيويورك، لـCNN: “إنهم لا يعرفون ما يعنيه ذلك”. وأضاف: “إسرائيل ستزداد قلقاً مع مرور كل يوم”.
وأشار بينكاس إلى أن تحديد ترمب لموعد نهائي يعكس حقيقة أن الرئيس الأميركي “يصعب فهمه”. كما يثير ذلك احتمال أن “نتنياهو ربما بالغ في رهانه”، على حد تعبيره.