سياسة

في أولى جولاته الخارجية… لماذا اختار ترامب السعودية؟

اخبار نيوز بالعربي

كتب: مؤمن علي

في لحظة مشبعة بالتقلبات الجيوسياسية، اختار الرئيس الأميركي دونالد ترامب المملكة العربية السعودية لتكون محطته الخارجية الأولى بعد إعادة انتخابه، في خطوة لم تأت من فراغ، بل تحمل رسائل استراتيجية عميقة تتجاوز الطابع البروتوكولي المعتاد.

رسالة تبدأ من الرياض:

الزيارة، التي تأتي في خضم صراعات إقليمية متصاعدة، من الحرب في أوكرانيا إلى حرب غزة، وصولاً إلى التوتر المتصاعد بين إيران وإسرائيل، تعكس إقرارًا أميركيًا بأن مفتاح “الشرق الأوسط الجديد” – الذي طالما تحدث عنه ترامب – يبدأ من العاصمة السعودية.

الرياض شريك لا غنى عنه

الدبلوماسي الأميركي السابق ألبرتو فرنانديز، وفي حديثه لغرفة الأخبار في “سكاي نيوز عربية”، أكد أن الزيارة تُعد بمثابة “اعتراف أميركي بالدور القيادي الجديد للمملكة”، لافتًا إلى أن السعودية لم تعد تُعامل كشريك إقليمي فقط، بل كدولة ذات تأثير عالمي في ملفات تمتد من الطاقة والأمن، إلى التكنولوجيا والتسويات الدولية.

وقارن فرنانديز بين توجهات إدارة بايدن التي افتتحت علاقتها بالمملكة بحالة من الفتور، قبل أن تعود لتطبيعها، وبين ما وصفه بـ”نهج ترامب المباشر والواضح في ترسيخ الشراكة”، قائلًا: “بالنسبة لترامب، السعودية شريك ثابت في منطقة تغلب عليها الاضطرابات، في وقت تبقى فيه أطراف مثل إسرائيل وإيران في موقع التذبذب”.

السعودية تتحدث من موقع القوة

أما من الداخل السعودي، فقد رأى جميل الذيابي، رئيس تحرير صحيفة “عكاظ”، أن الزيارة تحمل دلالات عميقة، وتعكس “نقطة تحول في مسار العلاقات بين البلدين”، خاصة في ظل التحولات الكبرى التي شهدتها المملكة داخليًا، سواء على صعيد الإصلاحات الاقتصادية، أو تبنيها استراتيجية “صفر مشاكل” مع دول الجوار، وانفتاحها الدبلوماسي على ملفات ساخنة مثل الملف الإيراني وحرب غزة.

واعتبر الذيابي أن السعودية باتت “لاعبًا لا يمكن تجاوزه”، مضيفًا: “بعض الحلفاء التقليديين لأميركا تحولوا إلى عبء، بينما السعودية أصبحت شريكًا ناضجًا، يُطالب لا يُملى عليه، ويقود لا يُقاد”.

أجندة ساخنة ومحاور استراتيجية

الزيارة لم تكن فقط استعراضية، بل جاءت محملة بملفات ثقيلة:

الملف النووي الإيراني، حيث تلعب السعودية دورًا مزدوجًا في الضغط والحوار.

ملف غزة والتطبيع، حيث تصر المملكة على ربط أي تقدم بوقف التصعيد والاعتراف بالحقوق الفلسطينية.

التعاون الاقتصادي، إذ يتوقع توقيع اتفاقيات ضخمة في قطاعات التكنولوجيا والاستثمار، تعكس انتقال العلاقة إلى بعد اقتصادي متقدم.

نقطة انطلاق لشرق أوسط مختلف

يتفق المحللون على أن السعودية لم تعد في موقع رد الفعل، بل في موقع المبادرة والقيادة. وفي ضوء ذلك، فإن زيارة ترامب تمثل لحظة فارقة في العلاقة بين البلدين، وتؤسس لتحالف جديد عنوانه:
الشراكة على قدم المساواة، وثقته قائمة على المصالح المتبادلة والاستقرار الإقليمي.

في هذا السياق، لم يكن اختيار الرياض مجرد محطة أولى، بل إعلانًا صريحًا أن من يريد صياغة مستقبل الشرق الأوسط، عليه أن يبدأ من هنا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى