
كتبت: إسراء عبدالله
يرى بعض المراقبين أن جوهر الأزمة لا يكمن في اليمين واليسار، بل في تعريف إسرائيل نفسها: هل هي دولة تحكمها الضوابط والتوازنات؟ أم نظام يسمح للسلطة التنفيذية بتجاوز الجميع؟
يقول أيالون: “إنها ليست مسألة يمين ويسار. إنها مسألة تعريف اليهودية والديمقراطية. هناك من يرون أن الديمقراطية تعني حكم الأغلبية فقط، ولا يهتمون بحقوق الإنسان أو الأقليات… هذه هي الأزمة الكبرى.”
ترامب هو المفتاح!
يقول دبلوماسيون إن عودة ترامب للرئاسة كانت الدافع الأكبر لتغير نهج نتنياهو. فقد قام ترامب، في ولايته الأولى، بنقل السفارة إلى القدس، وأقر بشرعية المستوطنات في الضفة الغربية.
ومنذ عودته، عيّن شخصيات داعمة لإسرائيل في مواقع حساسة، ووافق على شحنات أسلحة كانت مجمّدة في عهد بايدن، وقدّم غطاءً سياسيًا للحرب في غزة وللوجود الإسرائيلي في لبنان. الأخطر، أنه طرح فكرة ترحيل سكان غزة البالغ عددهم 2.2 مليون — وهي فكرة كانت حكرًا على اليمين المتطرف — وجعلها جزءًا من النقاش العام.
يقول دبلوماسي عربي: “أخطر ما فعله ترامب هو إدخال هذا الطرح إلى الأجندة الرسمية.
بايدن كان صهيونيًا، لكنه مارس ضغطًا على إسرائيل. أما ترامب، فليس أيديولوجيًا، لكنه يمنح نتنياهو الضوء الأخضر الكامل.”
حتى في الداخل، ساهم ترامب في تعزيز موقف نتنياهو.
قبل يومين من التصويت على إقالة بار، نشر نتنياهو على منصة X (تويتر سابقًا) مقارنة بين صراعه مع القضاء وصراع ترامب مع مؤسسات الحكم الأميركية.
كتب: “في أميركا وإسرائيل، عندما يفوز زعيم يميني قوي، تستخدم الدولة العميقة القضاء لإفشال إرادة الشعب. لكنهم لن ينجحوا هنا أو هناك. نحن صامدون معًا.”
التحالفات اليمينية والضغوط السياسية:
كان على نتنياهو أيضًا إرضاء شركائه في اليمين المتطرف، خصوصًا وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، الذي انسحب من الائتلاف احتجاجًا على هدنة مع حماس. وقد عاد إلى الائتلاف بعد استئناف الحرب، والتصعيد ضد بار وباهراف-ميارا، مما أنقذ الحكومة من خسارة تصويت الميزانية — الذي كان سيفرض انتخابات مبكرة.
يقول المستشار السياسي روني ريمون: “كان على نتنياهو أن يرضي شركاءه، وهذا ما فعله بالضبط.”
ويضيف أيالون: “بعد 7 أكتوبر لم يكن لدينا خيار سوى الحرب. لكن بعد 5 أو 6 أشهر، أصبح واضحًا أننا أنجزنا كل ما يمكن عسكريًا. ما نراه اليوم هو حرب سياسية، لأن لحظة انتهاء الحرب، سيفقد نتنياهو أغلبيته.”
ما بعد غزة: إيران هي الهدف الحقيقي!!
رغم تمرير الميزانية، يبقى مصير الحكومة غير مضمون حتى نهاية ولايتها في 2026، خاصة في ظل قضايا شائكة مثل إعفاء طلاب المدارس الدينية من التجنيد، أو تغير مفاجئ في موقف ترامب.
لكن المعارضة نفسها باتت تتقبل فكرة بقاء الحكومة حتى عام 2026، بدليل إطلاق رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت لحزبه الجديد تحت اسم “بينيت 2026”.
ويتوقع المحللون أن تستمر الحكومة في نهجها التصعيدي. في الداخل، ترى قيادات الائتلاف أن الصراع مع القضاء وسيلة لحشد القاعدة الشعبية. أما في الخارج، فلا توجد مؤشرات على التراجع.
الأهم من ذلك كله هو إيران. فقد أمضى نتنياهو معظم مسيرته السياسية محذرًا من الخطر الإيراني، ويضغط منذ ما قبل عودة ترامب الرسمية لدعم ضربة عسكرية لمنشآت إيران النووية.
ورغم أن ترامب لا يزال يفضل التفاوض، فإن المسؤولين الإسرائيليين يعتقدون أن نجاحهم في ضرب حزب الله وتدمير أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية العام الماضي فتح “نافذة” قد لا تبقى مفتوحة طويلًا.
يقول المستشار السياسي نداف شتراوشلر: “الصورة الكبرى لدى نتنياهو منذ 30 عامًا هي إيران. هذه هي الأولوية. أكثر من غزة، أكثر من سوريا، أكثر من لبنان — هذه هي رأس الأفعى.”
ويختم: “منذ 7 أكتوبر، يحاول نتنياهو إعادة كتابة تاريخه. لن ينسى أحد ما حدث في ذلك اليوم، فقد حدث في عهده. لكن إذا غيّر الوضع مع إيران، فسيُعاد كتابة تاريخه هو أيضًا.”