دولي

تحليل اللواء رضا يعقوب: نداء لبناء دولة سورية بعد رحيل بشار الأسد

 

تحليل اللواء رضا يعقوب: نداء لبناء دولة سورية بعد رحيل بشار الأسد

8/12/2024 فر بشار الأسد من سوريا ليسقط حكم عائلة الأسد بعد أكثر من خمسة عقود، بعد إنهيار سريع ومفاجئ لقوات النظام السورى أمام ضربات المعارضة المسلحة، التى تقدمت فى غضون أيام نحو دمشق، ما تسبب كنتيجة لذلك فى انهيار نظام متهالك للأسد.

سوريا بعد الأسد ديمقراطية أم ديكتاتورية؟ سوريا تعيش فترة جارحة مؤلمة غير مسبوقة، تؤثر فى المنطقة بعد سقوط آل الأسد الذى إستمر عقود وهروب بشار، وإن كانت فرحة مؤقتة عارمة للشعب السورى وصدمة للبعض، لكن السؤال المهم ماذا بعد، هل التخلص من عائلة الأسد نهاية المطاف أم بداية عقد مؤلم، هل تنتقل سوريا للديمقراطية أم عقد ديكتاتورى جديد؟ كذا أثر الدول الدول الإقليمية والمتدخلة بالمشهد السورى.وكذلك الداخل وماضيه وأثر الدم السورى الذى لم يجف بعد.

لابد من تنظيم المؤسسات السورية وإدارة المرحلة المقبلة، المرحلة لابد من إشتراك وتشاور الفاصل التى ساهمت فى طرد بشار الإتفاق على تشكيل الحكومة التى تدير المرحلة الإنتقالية، حيث كلف محمد البشير الذى كان يدير حكومة الإنقاذ التى كانت فى ريف إدلب، محمد البشير مهندس يعمل فى المنظمات يبلغ إحدى وأريعون عاماً، وعمل وزيراً للحكم المحلى بحكومة الإنقاذ، ثم رأسحكومة الإنقاذ، ويبحث عن الشخصيات التى تتألف منها الوزارة.

قالت فصائل معارضة إنّ مقاتليها عثروا الإثنين داخل غرفة تبريد فى مستشفى قرب دمشق على نحو أربعين جثة موضوعة داخل أكياس بيضاء وعليها علامات تعذيب.

أعلن الدفاع المدنى السورى “الخوذ البيضاء” عن إنتهاء عمليات البحث عن معتقلين محتملين داخل سجن صيدنايا، دون العثور على أى زنازين وسراديب سرية غير مكتشفة لم تفتح بعد، وأعلن الدفاع المدنى السورى “الخوذ البيضاء” عن مكافأة مالية قدرها 3000 دولار، لكل من يدلى بمعلومات مباشرة تساعد على تحديد مواقع السجون والزنازين السرية، التى إستخدمها “نظام الأسد” سابقاً فى أنحاء البلاد، وفى مقدمتها سجن صيدنايا، سجن صيدنايا العسكرى هو أحد أكثر السجون العسكرية تحصيناً فى عهد نظام حافظ الأسد، ومن بعده نجله بشار الأسد، وأطلق عليه لقب “السجن الأحمر” فى إشارة لعمليات القتل والتعذيب الدموية التى يقول حقوقيون إنه شهدها.

ذكرت وزارة الخارجية الأمريكية، أن بلادها لا تراجع حالياً تصنيفها لهيئة تحرير الشام، التى قادت الهجوم الذى أطاح بالرئيس السورى المخلوع بشار الأسد، كـ”منظمة إرهابية”، لكنها “قد تغير هذا التصنيف فى المستقبل”

سوريا بعد سقوط الأسد.. ما هى القوى الفاعلة على الأرض؟ المشهد السريع لسقوط نظام بشار الأسد أثار تساؤلات عن القوى المشتركة في إسقاط النظام، وتلك التى دعمته، فى سوريا لاعبون محليون ودوليون ولكل منهم نفوذه ومصالحه، أبرزهم هيئة تحرير الشام. فمن هى القوى اللآعبة على الأرض؟

وصلت الحرب الأهلية فى سوريا الى لحظة حاسمة مع سقوط الرئيس بشار الأسد، مما أنهى حكمه الذى إستمر لعقود وشهد إنتشار الفساد والقمع والتدخلات الأجنبية، وتمكنت إئتلافات المعارضة من كسر حالة الجمود الطويلة، مما غيّر مسار الصراع بشكل جذرى.

ومع ذلك، لا تزال المعارضة السورية عبارة عن خليط متشرذم من مجموعات ذات أيديولوجيات متضاربة وطموحات متباينة على المدى الطويل، وتعتمد كل مجموعة على دعم قوى أجنبية متنافسة، مما يؤدى غالباً الى تصادمها مع بعضها البعض.

الهجوم الخاطف الأخير الذى أدى الى سقوط دمشق قادته هيئة تحرير الشام ، وهى جماعة إسلامية متشددة يقودها أبو محمد الجولاني، وإسمه الحقيقي أحمد الشرع، لدى هيئة تحرير الشام تاريخ معقد مرتبط بالصراع السورى. تأسست في البداية كجبهة النصرة عام 2011، وكانت فرعاً لتنظيم القاعدة أُنشئ بمشاركة أبو بكر البغدادى، زعيم تنظيم “داعش” ، الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)

إشتهرت جبهة النصرة بأيديولوجيتها الجهادية وإصطدمت كثيراً مع مجموعات معارضة أخرى، بما فى ذلك الإئتلاف الرئيسى للمعارضة تحت راية الجيش الحر، فى عام 2016، قطع أبو محمد الجولانى علاقاته مع تنظيم القاعدة وأعاد تسمية الجماعة الى هيئة تحرير الشام ، ودمجها لآحقًاً مع عدة فصائل إسلامية أصغر.

ورغم أن أيديولوجية هيئة تحرير الشام لا تزال تتماشى الى حد كبير مع القاعدة، الا أن تركيزها تحول نحو إقامة حكم إسلامى متشدد داخل سوريا، مبتعدة عن طموحات تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) لإقامة خلافة عالمية.

ومنذ ذلك الحين، رسخت الهيئة قاعدتها فى محافظة إدلب شمال غربى سوريا، حيث تعمل كإدارة بحكم الأمر الواقع. ومع ذلك، فقد قوضت إتهامات بانتهاكات حقوق الإنسان جهودها لإكتساب شرعية أوسع.

من ذلك، يبدو أن هجومها الأخير يتماشى مع هدف أنقرة الطويل الأمد المتمثل فى الإطاحة بالأسد، ومن المرجح أنه لم يكن ليحدث بدون تنسيق ودعم تركى، رغم نفى المسئولين الأتراك تورطهم المباشر.

 

الجيش الوطني السوري

بالإضافة إلى هيئة تحرير الشام، هناك العديد من الميليشيات السورية الأخرى التي تقاتل وفق أجنداتها وولاءاتها الخاصة، فإن أحد أبرز الفصائل المشاركة في الهجوم على حلب هو الجيش الوطني السوري، وهو تحالف تم تأسيسه في عام 2017 ويجمع عشرات الفصائل ذات الأيديولوجيات المختلفة تحت مظلة واحدة.

على عكس هيئة تحرير الشام المركزية والمنظمة، يُعد الجيش الوطنى السوري (SNA) تحالفًاً متشرذماً يضم مجموعات مسلحة متباينة، العديد من هذه المجموعات كانت تعمل سابقًاً تحت لواء الجيش السورى الحر، وقد إصطدمت فيما بينها مراراً.

رغم الانقسامات الداخلية، فإن العديد من فصائل الجيش الوطنى السورى تحتفظ بعلاقات قوية مع تركيا، بعض هذه الفصائل، مثل لواء السلطان سليمان شاه، فرقة الحمزة، ولواء السلطان مراد، مرتبطة بشكل وثيق بأنقرة، وهو ما يظهر من خلال أسمائها التى تكرم شخصيات عثمانية بارزة.

ومع ذلك، لا تتماشى جميع فصائل الجيش الوطنى السورى بالكامل مع المصالح التركية، بعض الجماعات، رغم تعاونها مع أنقرة، تحاول موازنة أولوياتها الخاصة، على سبيل المثال، يضم التحالف فصائل متمردة مؤثرة مثل أحرار الشام، التى تهدف الى “إسقاط نظام الأسد” و”إقامة دولة إسلامية تحكمها الشريعة الإسلامية”

فى الأيام الأخيرة، إشتبكت قوات الجيش الوطنى السورى مع القوات الكردية فى المحافظات الشمالية وإستولت على العديد من البلدات والقرى الإستراتيجية، هذا التحرك يتماشى مع أحد الأهداف الرئيسية لتركيا فى سوريا ومنع وجود قوة كردية عسكرية قوية ومنظمات على طول الحدود التركية-السورية.

تُعد قوات سوريا الديمقراطية تحالفًاً يضم فى الأساس مقاتلين أكراداً، الى جانب عرب ومجموعات عرقية أخرى، وبرزت هذه القوات خلال الحرب الأهلية السورية، تأسست قوات سوريا الديمقراطية فى عام 2015، وتعمل تحت قيادة وحدات حماية الشعب الكردية (YPG)، وقد تلقت دعماً كبيراً من الولايات المتحدة، خصوصاً فى الحملة ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش)

بعد هزيمة تنظيم “داعش” الى حد كبير، عززت القوات الكردية سيطرتها على بلدات فى الشمال الشرقى، ووسعت منطقة الحكم الذاتى التى أقامتها هناك، ومع ذلك، لا يزال المقاتلون الأكراد يواجهون عدوهم التقليدى، تركيا، التى تعتبرهم امتداداً لتمرد انفصالى كردى وحزب العمال الكردستانى (PKK)

مثل القوى الإقليمية الأخرى، مارست تركيا نفوذها فى سوريا من خلال دعم مجموعات مسلحة مثل هيئة تحرير الشام والجيش الوطنى السورى، منذ بداية الحرب الأهلية، أطلق الجيش التركى عدة تدخلات عسكرية عبر الحدود الى داخل سوريا، معظمها ضد القوات الكردية السورية.

آخر عملية عسكرية لتركيا تعود الى أكتوبر/ تشرين الأول 2019، حيث كان هدف أنقرة إبعاد المقاتلين الأكراد لمسافة لا تقل عن 30 كيلومتراً عن حدودها وإنشاء ما يُسمى بـ”المنطقة الآمنة” فى أجزاء من سوريا، تخطط لإعادة توطين اللآجئين فيها.

منذ ذلك الحين، سيطرت تركيا فعلياً على منطقة على طول الحدود الشمالية لسوريا، مما مكنها من التنسيق مع مجموعات المتمردين المناهضة للأسد.

تُعد روسيا الحليف الأكثر موثوقية لبشار الأسد، حيث وفرت له الدعم العسكرى واللوجستى طوال الحرب، ساهمت الضربات الجوية والقوات الروسية فى بقاء الأسد فى السلطة لسنوات، ومع ذلك، تراجعت قدرة موسكو على التدخل مع تحويل مواردها الى الحرب فى أوكرانيا.

تعتبر إيران سوريا حلقة حيوية فى “محور المقاومة” وهو تحالف من الميليشيات فى الشرق الأوسط يهدف الى مواجهة النفوذ الأمريكى والصهيونى دعمت إيران الأسد بنشر قوات إيرانية ومقاتلى حزب الله، كما سمح نظام دمشق بمرور الأسلحة من إيران والعراق الى لبنان.

ومع ذلك، أشارت تقارير حديثة الى أن إيران سحبت عناصرها، مما يدل على تحديات فى الحفاظ على دورها مع سقوط الأسد.

فى البداية، دعمت الولايات المتحدة مجموعات المعارضة خلال المراحل الأولى من الإنتفاضة فى 2011، لكنها لآحقًاً ركزت جهودها على محاربة تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش)

اليوم، يوجد حوالى 900 جندى أمريكى فى سوريا، يتمركزون بشكل رئيسى فى المناطق التى يسيطر عليها الأكراد والمناطق الغنية بالنفط فى الشمال الشرقى، بالإضافة الى نقطة عسكرية عند المنطقة الحدودية بين سوريا والعراق والأردن.

على مدى العقد الماضى، إستهدفت الصهيونية بشكل متكرر أصولًا إيرانية وأخرى تابعة لحزب الله فى سوريا من خلال غارات جوية متكررة، تهدف هذه العمليات الى تعطيل نقل الأسلحة الى حزب الله وتحجيم التهديدات بالقرب من مرتفعات الجولان التى تحتلها العبرية.

مؤخراً، تحركت القوات الصهيونية الى مدينة القنيطرة الحدودية القريبة من مرتفعات الجولان ، بعد أن سيطرت مجموعات مسلحة على المناطق المحيطة، وأعلنت القوات الصهيونية مناطق عسكرية جديدة فى مرتفعات الجولان على طول الحدود مع سوريا.

وبنظره إستعمارية قال رئيس الوزراء الصهيونى بنيامين نتنياهو” إن القوات الصهيونية سيطرت على منطقة عازلة فى مرتفعات الجولان، تم تحديدها بموجب إتفاق وقف إطلاق نار مع سوريا عام 1974″ وأضاف نتنياهو “إن الإتفاق الذى يعود لعقود مضت إنهار، مضيفاً أن القوات السورية تركت مواقعها، مما إستلزم السيطرة الصهيونية” وفى تصريحات صحفية خلال زيارته الى منطقة قريبة من الحدود مع سوريا، وصف نتنياهو سقوط الأسد بأنه “يوم تاريخى” وقال: “هذه التطورات تفتح أمامنا فرصاً جديدة، لكنها تحمل مخاطر أيضاً، يجب علينا حماية حدودنا وضمان أمن مستوطناتنا”

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى