دولي

اللواء رضا يعقوب: هل يتمكن الأسد من الصمود أمام تصاعد العنف والضغوط الإقليمية؟”

في تحليل شامل، يناقش اللواء رضا يعقوب مستقبل النظام السوري في ظل التحديات المتزايدة من المليشيات المعارضة، ويستعرض دور حلفاء الأسد وتأثير الأحداث الجارية في المنطقة

اللواء رضا يعقوب يحلل مقدرة السياسة السورية على الصمود في مواجهة المليشيات المعارضة المسلحة، ومدى قدرة معاونة مساعدى النظام على تقديم العون فرصد:

هل يصمد الأسد بسوريا هذه المرة؟

حيث موجة جديدة من العنف تجتاح الرئيس بشار الأسد متصلة بالأمر الواقع، فى عالم متغير يشتد الصراع، يرتبط ذلك بالتشكك فى قوة الأسد حالياً بقدرته على هزيمة الفصائل المسلحة، حيث إستمد قوة من روسيا التى تعانى فى حرب أوكرايا أولاً، ومن أيران التى تواجه معضلات سياسية ثانياً، ومن حزب الله الذى مصيراً حتمياً ضد الكيان الغاصب الصهيونى.

أصبح موقف الرئيس السورى بشار الأسد صعباً بعد إجتياح المعارضة لحلب و تقدمهم الى حماة وسط سوريا.

ويشكك البعض فى إمكانية بقاء الأسد فى السلطة بسبب ضعف الجيش وحلفائه، حيث سيطرت الفصائل السورية المسلحة على محافظة درعا بالكامل جنوب البلاد، بعد إنسحاب القوات النظامية من المحافظة وتوجهها نحو دمشق، كما خسر النظام مناطق سيطرته فى محافظة دير الزور.

المعارضة السورية تبدأ “المرحلة الأخيرة” من تطويق دمشق، والجيش السورى يقول إنه إستعاد السيطرة على حمص وحماة، أفاد مصدر أمنى، بأن أكثر من ألفى عنصر من عناصر الجيش السورى ما بين منتسب وضابط دخلوا الأراضى العراقية، وقال المصدر لبى بى سى: “إن السلطات العراقية سمحت لهم بالدخول عبر منفذ القائم الحدودى مع سوريا بسبب توتر الأوضاع الأمنية فى سوريا”

على المستوى السياسى شدد وزير الخارجية الإيرانى عباس عراقجي على أهمية إجراء “حوار سياسى” بين حكومة الرئيس السورى بشار الأسد، وفصائل المعارضة، فى ظل هجوم غير مسبوق شنته فصائل معارضة أتاح لها السيطرة على مناطق عدة.

بإتجاه سياسى آخر تتدرج المواقف التركية تجاه تطور العملية العسكرية فى سوريا التى تتشارك فى حدود طولها 900 كم مع بلاد الأناضول، فى ظل هواجس لا تستطيع أنقرة تجاوزها تتعلق بالفصائل الكردية المسلحة فى سوريا وملايين اللاجئين السوريين لديها، حيث صرح الرئيس التركى أن الأولوية بالنسبة لبلاده هى الحفاظ على السلام على الحدود”، وتحدث عن “أهمية الحفاظ على وحدة و إستقرار وسلامة أراضى سوريا” ودعا “النظام السورى الى الإنخراط فى عملية سياسية حقيقية لمنع تفاقم الوضع”

بوجهة نظر المعارضة أثارت مقابلة زعيم تحالف فصائل المعارضة السورية، أبو محمد الجولانى، الحصرية مع CNN تفاعلاً واسعاً إقليمياً ودولياً بعد ما كشفه عن طريقة تفكيره وما هدفه من القتال والسيطرة على منطقة تلو الأخرى بسرعة فائقة وثقته بزوال نظام الرئيس السورى بشار الأسد، من جانبه قال سفير أمريكا الأسبق فى سوريا، روبيرت فورد علق بمقابلة مع CNN على ما أدلى به الجولانى، حيث قال: “بداية، كان لدى الجولاني هذا الهدف دائماً، لم يتغير قط، ولم يتردد فيه قط، ثانياً، أعتقد أن ما نشهده فى سوريا هو التحدى الأكثر خطورة خلال الحرب الأهلية السورية المستمرة منذ 12 عاماً”

هل تستطيع روسيا القتال على جبهتين؟

بعد تورطها فى غزو أوكرانيا، لا تستطيع روسيا بسهولة زيادة دعمها للرئيس السورى بشار الأسد، لكن موسكو لن تتخلى عنه بسهولة؛ فسوريا مهمة جداً بالنسبة للكرملين، يقول محللون.

لفترة طويلة، قدمت روسيا حلب كرمز لقوتها، وكانت الحملة العسكرية الروسية هى التى ساعدت الرئيس السورى بشار الأسد فى الإستيلاء على المدينة فى نهاية عام 2016 بعد أربع سنوات من القتال، والآن سقطت حلب فى أيدي المتمردين فى أقل من أربعة أيام، وهو ما يشكل نكسة للكرملين.

وقال رسلان سليمانوف، الباحث المستشرق الروسى فى جامعة ADA فى باكو بأذربيجان، إن “روسيا لم تعد قادرة على دعم نظام الأسد كما فعلت قبل عشر سنوات، وهي تنفذ اليوم ضربات جوية ضد المتمردين مرة أخرى، لكن هذا ليس كافيا لوقفهم” الفرق الرئيسى بين الأمس واليوم يتجلى فى تورط روسيا بهجومها على أوكرانيا، وقال سليمانوف: “بالطبع، بدأ الوجود الروسى في سوريا يتقلص بعد ذلك”

عندما قرر فلاديمير بوتين في عام 2015 مد يد العون لبشار الأسد عسكرياً فى الحرب الأهلية، تركز الدعم بالدرجة الأولى على سلاح الجو، ولا تقدم روسيا أى معلومات رسمية على الإطلاق فيما يتعلق عدد قواتها فى سوريا، لكن ووفقاً للتقديرات، يتراوح عد الجنود الروس بين 2000 و4000 عسكرى، وهو عدد ليس بالكبير، وكان فى السابق عدد مماثل من المرتزقة، مثل مرتزقة مجموعة فاغنر، ممن شاركوا فى القتال البرى الى جانب قوات النظام، ولكن بعد إندلاع الحرب فى أوكرانيا جرى نقلهم الى جبهات هناك.

يقول بافيل لوزين، خبير القوات المسلحة الروسية، لـ DW: “سيكون من الصعب للغاية على روسيا زيادة المساعدات للأسد دون إضعاف قواتها فى أوكرانيا”

وبعد الهجوم على أوكرانيا الذى بدأ عام 2022، أنكرت روسيا رغبتها فى سحب قواتها من سوريا، ومع ذلك، أفادت التقارير أنها نقلت بعض الطائرات المقاتلة الى روسيا، كما أنها شحنت نظام الصواريخ الروسى المضاد للطائرات S-300 الى ميناء روسى بالقرب من شبه جزيرة القرم.

الى جانب ذلك، تمّ تجميع الجنود الروس فى سوريا لنقلهم من مواقع أصغر الى قواعد أكبر، كما أدى نقل المرتزقة ذوى الخبرة فى القتال الى أوكرانيا الى إضعاف موقف روسيا، واليوم هناك مرتزقة روس آخرون فى سوريا، “لكنهم غير متخصصين فى المهام القتالية، بل على سبيل المثال فى مراقبة بعض منشآت إنتاج النفط” كما يقول رسلان سليمانوف.

وعلى الرغم من أن الحرب فى أوكرانيا هى أولوية موسكو، الا أن روسيا لن تتخلى عن سوريا، وقال سليمانوف: “من المؤكد أن الكرملين لن يتخلى عن الأسد”

ترى موسكو أن أهم محورين فى مصالحها فى سوريا هى القاعدة البحرية فى طرطوس التى تؤمن وصول روسيا الى البحر الأبيض المتوسط، وقاعدة حميميم الجوية التى تسمح لها بالعمل فى جميع أنحاء المنطقة.

لكن سوريا مهمة أيضاً بالنسبة للروسيا للحفاظ على صورتها كقوة عظمى، وبعد التدخلات الغربية الفاشلة فى العراق وليبيا، أرادت روسيا تقديم نفسها كعامل إستقرار فى المنطقة، ولقد نجحت موسكو فى ترسيخ مكانتها كلاعب فى الشرق الأوسط.

وتشير ردود فعل روسيا الأولية على هجوم المتمردين الى أنها لا تنوى إرسال موارد عسكرية إضافية لسوريا، ومع ذلك، تشن غارات جوية بشكل متزايد، وبحسب قناة “رايبار” الروسية (Rybar) على تلغرام، فإن الجنرال ألكسندر تشايكو، الذى قاد القوات الروسية فى البلاد سابقاً، عاد الى سوريا.

وفى ذات الوقت تسعى روسيا الى التواصل مع القوى الأخرى المشاركة فى الصراع، وخاصة تركيا، حليفة المعارضة المسلحة التى سيطرت مؤخراً وفى ظرف وجيز على محافظات حلب وإدلب ودخلوا رابع أكبر مدينة فى البلاد حماة.

وتحدث فلاديمير بوتين هاتفياً مع الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، ومن المقرر أن يجتمع ممثلون عن روسيا وإيران وتركيا فى الدوحة بعد أيام.

ويقول المستشرق رسلان سليمانوف: “هناك مفاوضات صعبة للغاية و مرهقة للغاية أمام الكرملين، الذى ينفق بالفعل الكثير من الأعصاب والطاقة والموارد على أوكرانيا، والآن سيتعين على الكرملين إستخدام هذه الموارد فى سوريا أيضاً”

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى