سياسة

مآلات اغتيال حسن نصر الله بين التصعيد و الحرب الإقليمة.

اخبار نيوز بالعربى- سياسة

مصطفى نصار.

الرأس لا تؤثر في الأقدام : حزب الله بين حرب إسرائيل و إعادة الترميم :

اغتيل الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله أمس ٢٧ سبتمبر في غارة إسرائيلية مفاجئة . و لعل ما أشارت له وكالة رويترز ، عن عدم وجود إصابات كبيرة كبرى في الجثة و موته من آثار مفاجأة الضربة تعطي فكرة عن مباغتة العدو للحزب في عقر مقره الرئيسي في حارة كريك في الضاحية بعد ٣٤ عام حكم فيها الحزب في فترة صعبة و شاقة جعله قوة إقليمية له وزنه و ثقله في المنطقة.

و من عادة الجماعات خارج إطار القانون أن إذ قطعت رأسها ، فإن باقي الجسد يظل سليمًا حتى يركب له رأس جديد مناسب له ، و تأتي هذه الرأس وفقًا لعدة إجراءات منها توحد الجبهة الداخلية للجماعة سواء كانت ميشليات أو حركات تحريرية، فالمهم الإجماع على الرأس الجديدة الكفؤة و المدربة جيدًا و ذات الخبرة . يربط العرف الاجتماعي و الاجماعي الجماعي بمدى ثبات أو اهتزاز الجماعة و استمراريتها في تحقيق أهدافها أو الدفاع عن نفسها .

تطبيقًا على حالة حماس ، جاء يحيى السنوار ليمثل الحركة و يرأسها بعد اغتيال أبي العبد (إسماعيل هنية )رحمه الله ، ليبدأ جولة أصلب و أشد قسوة من الحرب و المفاوضات ، ليقابل الاحتلال صلف بصلف و عند بعناد ، ليخرج منها في جميع الحالات خاسرًا و فاشلًا في جميع الأحوال .

بنفس النمط السابق ، في عام ١٩٩٢ ، اختار حزب الله أمين عام جديد بعد اغتيال عباس الموسوي بعد نحو ٩ أشهر من تولية المنصب، ظنًا من الاحتلال الإسرائيلي أنه سيخلل بنية الحزب . و لكن بنقيض تصوره ،اشتدت مقاومته و سلح نفسه بأسلحة دقيقة و متطورة ، فانسحب الاحتلال من لبنان و أعلنها رسميًا عام ٢٠٠٠م .

و كذلك من المتوقع بعد اغتيال حسن نصر الله تولية ابن خالته هشام صفي الدين رئيس المجلس الوزراي بالحزب ، و هو يؤيد التصعيد و كاتم أسرار حسن نصر الله، و مؤمن بولاية الفقية ، أي أن الاحتلال وقع تحت اختبار حقيقي بعد اغتيال حسن نصر الله ، إما أن يحقق المحاولة المستعصية بالقضاء على حزب الله أو الفشل فيها للتفاوض معه . و الأكثر ترجيحًا أن الاحتلال سينتهج نفس السيناريو في غزة دون تحقق أي من أهدافه الحقيقية ، و يبدأ يخفض أهدافه و آماله مثلما فعل مع حماس الذي ظن أنها مهمة شهر ، و امتدت لعام .

و نصح العديد من المحللين السياسين و العسكرين مثل أوري ملياتشين و آفي مليشمان ، بتوخي الحذر مع حزب الله لعدم الدخول في حرب إقليمية مع إيران، و لإن إذ ما قتل حسن نصر، فالحزب ما زال مستقرًا حتى الآن هيكليًا و منيع عسكريًا واضعة نفسها إما في حرب طويلة مع الحزب أو الاستعداد لمرحلة تصعيد مستمرة تمتد لحرب إقليمية شاملة ، قد تدخل فيها إيران كعامل أساسي في اللعبة إذ ما احتاج الحزب ، مع ضعف الاحتمال ، كما صرح مسعود بزشكيان في مقابلته مع شبكة سي إن إن يوم الجمعة ٢٧ سبتمبر.

مفاوضات الحبر السري ..وقف إطلاق نار بقيد أمريكي صهيوني .

على مدار الأشهر العديدة الماضية، لم تكتف الولايات المتحدة بمساندة إسرائيل قالبًا و قلبًا معها حتى إنها ساندتها بآخر مبلغ و قدره ٢٠ملياؤ دولار ، متذرعة بحق إسرائيل الباهت في الدفاع عن نفسها . و لكن هذا تغير بعد إيجاد أن القضاء على حماس مهمة عصية و أنها ستأخذ وقتًا طويلًا فأخذت على عاتقها الغناء بسرعة تطبيق وقف إطلاق النار.

و هدد بسبب ذلك مسؤولون في حكومة نتنياهو يصفون ،على أقل تقدير ، بالتطرف و الفاشية بالانسحاب و الاستقالة من الحكومة حال وافق نتنياهو على شروط أي مقترح أمريكي لوقف إطلاق النار ، وه لو كتب ليؤيد و يحصد مزايا لإسرائيل مثلما فضح مقترح أغسطس لوقف إطلاق النار مع حماس .

و بالتأكيد زاد المتطرفون من حدتهم مع حزب الله عند الحرب معه ، و احتفلوا بالحلوى و القهوة ، و كذلك صلوا شكرًا لإلهم على موت نصر الله ، و اقتحموا الأقصى و رقصوا في الشوارع ، مما يؤكد مدى تأثير حزب الله المؤلم و المدمر عليهم أيا كان موقفك من نصر الله .

و زعزع هذا الموقف الأمريكان لتوسعة الانقسام بين النخبة الأمريكية نفسها بين خوض حرب آخر بنفس وتيرة حرب غزة ، بل بوتيرة أعمق مع حزب الله ، لتحندر في آخر المطاف لحرب إقليمية واسعة ستحوط المنطقة العربية بظلام دامس ، أو أن دعم الولايات سيكفي لإتمام مهمة إسرائيل بإنشاء إسرائيل الكبرى، و تحويل الأغيار (الجوييم بالعبرية)لمجرد عبيد باختلاف المكانة.

فتحول وقف إطلاق النار من فكرة مطروحة لفكرة متنازع عليها يتنافس عليها الأمريكان الحاكمين و الإسرائيلين لعدم تنفيذها الفكرة ، و طرحها باعتبارها مفاوضات معقلة تقابل بصلف مستفلح ، و تحول لمجرد مفاوضات الحبر السري لا يرى إلا لطرف واحد مصالحه الخاصة عند إزالة الحبر بماء الثوم أو الكحول.

و يجد العداء الممتد لحزب الله باعتباره حليفًا لإيران في المنطقة نفسه كحجة كفيلة لأمريكا و إسرائيل لعدم وقف إطلاق النار ، و خاصة أن القضاء على قادته أولوية أمريكية بالمقام الأول . فلا يمكن لها ردع إسرائيل بقصف الحزب ، و تدمير الحزب و الضاحية الجنوبية كلها على رؤوس سكانها مقابل ٣٤ إرهابي دولي منهم إبراهيم عقيل و على كركي و نصر الله .

رعب و تجوس في المنطقة العربية كافة :نحن على أعتاب حرب إقليمية؟!

من الجدير بالملاحظة في الظروف الآنية حتمية دخول حرب إقليمية تشمل المنطقة العربية كلها من الخليج العربي لحدود مصر الشرقية أي غزة ، واصلة لنتائج مظلمة تجعل المنطقة على شفا هوة بركان.

و بدأت إسرائيل المرحلة الأولى من جر حزب الله للحرب السيبرانية كممهد لاختراق الحزب و زعزعة الهيكل الداخلي التنظيمي و العسكري للحزب ، لتهز صورته و يضعه أمام حتمية خوض الحرب بصفتها سبيلًا لحماية و واقية الحزب من الانهيار.

و قد توقع الشيخ أحمد الجوهري بتلك الحرب الدائرة بين لبنان و إسرائيل، لتتوسع بعدها من كونها حرب قصيرة محدودة لحرب النهاية مع هذا الكيان ، و يبدو أن هذه النبوءة ستترك إما للتحقق أو السقوط . و لكن الذي أغفله الشيخ مدى القوة بين الكفتين ، و المصالح التي ستتدمر و الأهوال المحدقة بالمنطقة التي ستمدد من الخليج للبحر المتوسط ، و هذا خوف متجذر لدى الحكومات العربية جميعها دون اتخاذ موقف قوي و حازم يبنى عليه اتفاق وقف إطلاق نار لينتقل من حيز طرحه ، و محاولة قمع الفكرة ، للتفاوض حوله .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى