
هدير شهاب الدين
في زاوية بعيدة من العالم، يعيش طفل اسمه مصطفى، لا يملك من الدنيا سوى اسمه وجسده المنهك. فقد أسرته بالكامل في ظروف مأساوية، ووجد نفسه في ماليزيا، غريبًا عن وطنه، يحاول أن يتشبث بالحياة وسط غرف العمليات والمستشفيات. سنة كاملة قضاها هناك، خضع خلالها لأربع عمليات جراحية، لكن الألم ظل كما هو، والشفاء لم يأتِ.
مصطفى ليس مجرد حالة طبية، هو قصة نجاة، هو طفل لم يتوقف عن المحاولة رغم كل الخسارات. لكن الوقت يمر، والجسد يضعف، والأمل يتقلص. الأطباء في ماليزيا فعلوا ما بوسعهم، لكن حالته تحتاج إلى تدخل متخصص لا يتوفر هناك. مصر، بلده، هي الأمل الأخير.
منذ ستة أشهر، يعيش مصطفى وأسرته حالة من الانتظار القاسي. كل يوم يمر يحمل معه سؤالًا واحدًا هل ستسمح مصر بدخوله؟ هل سيُفتح له باب العلاج؟ المناشدات لم تتوقف، والطلبات الرسمية قُدمت، لكن الرد لم يصل بعد.
مصطفى لا يطلب امتيازًا، ولا يبحث عن معجزة. هو فقط يريد أن يعيش. يريد أن يُعالج في وطنه، أن يشعر بالأمان، أن يجد من يقول له: “أنت مش لوحدك”.
مصر، التي احتضنت آلاف الحالات الإنسانية من قبل، قادرة أن تكون الحضن الأخير لهذا الطفل. مصطفى لا يملك رفاهية الوقت، ولا رفاهية الانتظار. كل دقيقة تمر تُحسب عليه، لا له.
الرحمة لا تحتاج إلى إذن، والإنسانية لا تُؤجل.
مصطفى لازم يكمل علاجه.






