
بقلم: حنان حسن
عبد الرحمن سليم قات، سوري الجنسية، وأقيم حاليًّا في مدينة إسطنبول التركية. أبلغ من العمر ستةً وعشرين عامًا، وأدرس تخصص تصميم الجرافيك، كما أنني كاتب.
أُصبت بمتلازمة التشنجات اللاإرادية، ومنذ عام 2018 بدأت مشروعًا توعويًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي للتعريف بهذه المتلازمات. فمنذ طفولتي كنت أدوّن مذكراتي، لكن حين شرعت في مشروع التوعية، أصبحت الكتابة بالنسبة إليّ أمرًا أكثر جدية وعمقًا.
كان التحول الأكبر في مساري حين كتبت قصة قرأها أحد أولياء أمور المصابين بمتلازمة التشنجات اللاإرادية، فتأثر بها كثيرًا. عندها أيقنت أن الهواية يجب أن تتحول إلى رسالة، وأن الرسالة يجب أن تجد طريقها إلى كل من يحتاج إليها.
مررت بمحطات إحباط عديدة، خاصة عند غياب الدعم من الآخرين، لكنني كنت أستمد العزيمة من هدفي الأسمى: تقديم رسالة تخدم المصابين وأهاليهم، وتسليط الضوء على معاناتهم.
أحرص في كتاباتي على أن أوجّه القارئ نحو التغيير، لا أن أكتب لمجرد المتعة. فمهمتي ليست إرضاء جمهور بعينه، بل طرح المشكلة وفتح باب الأمل للحل، أعتبر كتاب “الهشاشة النفسية” من أعظم ما قرأت في حياتي؛ إذ ساعدني على إدراك نقاط ضعفي التي تشكلت نتيجة وجود المتلازمة في حياتي.
ومن أصعب المواقف التي واجهتها، أنني تعاقدت مع دار نشر لم تكن على قدر الكفاءة، فتعمدت المماطلة والخداع والابتزاز. كادت تلك التجربة أن تنهي مسيرتي قبل أن تبدأ، لكنني تذكرت أن لكل بداية عثرات، وأن الاستمرار رغم الظروف هو السبيل الوحيد لتحقيق الحلم.
لقد وصلتني رسائل من قراء أخبروني أن كتاباتي أثرت فيهم لدرجة جعلتهم يتمنون لو أن الله ابتلاهم بمثل ما ابتلاني به، ليتعلموا الصبر والشكر.
الكاتب الذي يكتب لمجرد أن يُقرأ، ينشغل بمتعته الخاصة، بينما الكاتب الذي يكتب ليؤثر، يسعى إلى ترك بصمة حقيقية في مجتمعه. وبرأيي، لا يوجد كاتب لا يتمنى التأثير، فالكتابة مزيج من المتعة والتأثير، وهي ليست عملية حسابية جامدة، بل عملية حسية وعاطفية وذهنية في آن واحد.
ورغم ما يقال عن انحسار دور الكاتب في زمن الإنترنت، إلا أنني أؤمن أن للكاتب دورًا جوهريًا، فالتغيرات التي تشهدها المجتمعات تلهمه لصياغة أعمال جديدة، سواء كانت بهدف المعالجة أو التثقيف أو الإضاءة على قضية ما.
أتمنى أن تلامس كتاباتي قلوب القراء، وتدفعهم لتقدير النعم التي بين أيديهم، والشعور بتجارب أصحاب الابتلاءات.
أما عن أحلامي القادمة، فأطمح إلى إكمال ترجمة كتابي إلى اللغة التركية، كما أعمل على عدة مشاريع إبداعية، من بينها روايتي الأولى التي ستحمل عنوان: “زوجة من طين وأخرى من قدر”.
ونصيحتي لكل كاتب: ليضع نصب عينيه حق الله فيما يكتب، وليتذكر أن كل كلمة ستحاسب عليها النفس يوم القيامة.






