
إدارة الحوار : أحمد محمد
في عالم يمتلئ بالأصوات، يبرز صوت مختلف قادر على أن يسرد حكاية، ويمنح الحياة لشخصية كرتونية، أو يُحاكي وجدان مستمع من خلف المايكروفون. مريم السيد، خريجة قسم الترجمة الفورية دفعة 2024، استطاعت أن تجمع بين شغفها باللغات وموهبتها الفريدة في الأداء الصوتي. في هذا الحوار نقترب من عالمها الإبداعي، ونتعرف إلى التحديات والطموحات التي ترسم ملامح رحلتها المهنية في الترجمة والفويس أوفر والدوبلاج.
بدايةً، من هي مريم السيد؟
مريم السيد، من مواليد 21 مارس 2002، أعيش في القاهرة، وخريجة ليسانس الترجمة الفورية دفعة 2024. شغفي باللغة بدأ مع الدراسة، لكن شغفي الحقيقي اكتشفته من خلال الصوت. منذ عام تقريبًا، بدأت رحلتي كمعلقة صوتية وممثلة دوبلاج، وأعمل حاليًا بشكل حر في هذا المجال.
حدثينا عن مجالات عملك في الأداء الصوتي؟
أعمل على دبلجة مسلسلات باللهجة المصرية، والسورية، والخليجية، بالإضافة إلى الوثائقيات، الكتب الصوتية، الإعلانات، الرد الآلي، المسلسلات الإذاعية، وأعمال الكرتون بكل تنوعاتها، حتى أغاني ديزني أقوم بأدائها أحيانًا.
ما هي أهم اهتماماتك الحالية في المجال؟
أركز حاليًا على تطوير صوتي من حيث المرونة والقدرة على تأدية شخصيات مختلفة ومتنوعة. أحب تجربة أدوار جديدة سواء كانت لطفل، فتاة شقية، أم طيبة، أو حتى شخصيات كرتونية شريرة. كما أسعى لإتقان لهجات جديدة دائمًا.
وما هي خططك المستقبلية؟
أطمح لأن أكون من الأسماء اللامعة في عالم الدوبلاج والتعليق الصوتي في الوطن العربي، وأن أترك بصمة يتذكرها الناس ويحبونها. كما أهدف لتقديم محتوى تعليمي للمبتدئين في المجال، سواء عبر كورسات أو ورش عمل.
ماذا تحبين في هذا العمل؟
أحب اللحظة التي أندمج فيها مع الشخصية وأراها تتجسد من خلال صوتي على المايك. أحب تفاعل الجمهور، سواء كانت ضحكة طفل أو تعليق من مستمع يقول لي: “كنتِ حقيقية!” أحب الشغل الصادق الذي يصل من القلب إلى القلب.
وماذا تكرهين فيه؟
لا أحب الاستهانة بهذا الفن، لأن البعض لا يدرك كم يتطلب من جهد وتعب حقيقي. كما لا أحب الكسل أبدًا، ولا أؤمن بمقارنة نفسي بأحد، فلكل شخص طريقه وتوقيته وبصمته.
ما تقييمك لتجربتك في الترجمة، وما أبرز مميزاتها وعيوبها؟
الترجمة بالنسبة لي ليست مجرد مهنة، بل بوابة لعوالم مختلفة. أعيش بين نصوص أدبية ووثائق رسمية. من أبرز مميزاتها المرونة، فأنا أعمل من أي مكان وفي الوقت الذي يناسبني. الترجمة تُبقي ذهني متصلًا باللغات، وتمنحني معرفة مستمرة. أما العيوب، فهي الإرهاق الذهني الناتج عن التركيز في النصوص الطويلة، وعدم ثبات الدخل كوني أعمل كمستقلة. كما أن بعض العملاء لا يقدّرون قيمة الترجمة بالشكل الكافي.
ما هي التحديات التي تواجهينها في مجال التعليق الصوتي؟
التحديات كثيرة، أبرزها عدم وضوح متطلبات العميل من البداية، مما يضطرني لتجربة أكثر من أسلوب حتى نصل إلى الشكل المطلوب. أحيانًا يحتاج التسجيل لجودة استوديو، بينما يتوقع العميل أن يتم بنفس الجودة من المنزل. أيضًا، هناك صعوبات في الالتزام بالدفع خاصة مع عملاء جدد.
كيف تسير مراحل العمل مع العميل؟
أبدأ دائمًا بالاستماع للنص كأنني مستمعة، لأفهم النبرة المطلوبة. ثم أسجل عينة مبدئية وأرسلها للعميل. بعد الموافقة، أبدأ التسجيل النهائي بجودة عالية، ثم أعد المونتاج لضبط النفس، وإزالة الأصوات غير المرغوبة، والتأكد من سلاسة الأداء.
ما اللحظة التي تشعرين فيها بالرضا؟
عندما يرسل لي العميل ويقول: “هذا بالضبط ما كنت أبحث عنه” أشعر حينها أن كل التعب كان يستحق.
ما رأيك في الفرق بين الإعلام القديم والحالي؟ ومن الأقرب لتوصيل الرسالة بصدق؟
الإعلام القديم كان له هيبة ومصداقية، رغم محدودية الأدوات. أما الإعلام الحالي فأتاح مساحة أكبر للتعبير، لكنه أيضًا عرّضنا لفوضى المعلومات. من وجهة نظري، مَن يوصل الرسالة بصدق هو الشخص الذي يقف خلفها، وليس الوسيلة. إن كان صادقًا، واعيًا، ومسؤولًا، ستصل رسالته سواء عبر أثير إذاعي أو مقطع على إنستغرام.
وأخيرًا، لمن تحبين أن توجهي شُكرك؟
أولًا لأهلي الذين آمنوا بي منذ البداية وكانوا دائمًا سندي. ثم لكل شخص دعمني بكلمة أو فرصة أو دعم. ولكل عميل منحني ثقته، ولكل مستمع قال لي “برافو… كمّلي”.