ثقافة

لقاء خاص مع الكاتبة يُمنى محمود: الكتابة هي الراحة الوحيدة لقلبي

يُمنى محمود: الكتابة هي الراحة الوحيدة لقلبي

إدارة الحوار: سارة أبو عميرة 

في زمنٍ تتعالى فيه الأصوات المتشابهة، تبرز أقلام لها نكهتها الخاصة، تكتب لا لتُقال، بل لتُحسّ. من بين هذه الأقلام، تطل علينا الكاتبة يمنى، التي لا تكتب بحبرٍ عابر، بل بروحٍ تحمل وجع السؤال وشغف الإجابة.

لم تكن الكاتبة يومًا باحثة عن الضوء، بل صانعة له. في كتاباتها نلمح بصمات الحيرة، وجمال التفاصيل، وجرأة البوح حين يصمت الجميع. التقينا بها لنتعرّف على ملامح فكرها، ودهاليز الحرف في وجدانها، ونسبر أغوار التجربة من الداخل.

في البداية، نود أن نعرف من هي يُمنى محمود بعيدًا عن الألقاب؟

أنا يُمنى محمود، فتاة شغوفة بالكلمة، أؤمن أن المشاعر الصادقة يمكن أن تُترجم إلى حروف تُلامس القلوب. بعيدًا عن الألقاب، أنا شخص بسيط يجد في الكتابة ملاذًا وراحة، أكتب لأنني لا أستطيع أن أكتم ما بداخلي، ولأن الكلمة دائمًا ما كانت عالمي الخاص الذي أهرب إليه.

كيف كانت الشرارة الأولى لعلاقتك بالكتابة؟ ومتى شعرتِ بأنكِ كاتبة بحق؟

بدأت علاقتي بالكتابة عندما وجدت نفسي أترجم مشاعري في هيئة كلمات منسقة، أحيانًا لأُعبّر، وأحيانًا لأتنفّس. كانت البداية عفوية، لكن مع الوقت أصبحت الحاجة للكتابة جزءًا من يومي. شعرت أنني كاتبة بحق عندما بلغت الرابعة عشرة من عمري، حين بدأت أعي ما أكتب، وأدرك أثر كلماتي في من حولي، وبدأت أُعامل قلمي كرفيق لا غنى عنه.

 هل هناك شخص أو حدث كان له دور رئيسي في تشكيل وعيكِ الإبداعي؟

نعم، أمي كانت صاحبة الفضل الأول بعد الله. كانت تُشجعني على القراءة والاستماع إلى قصص الأنبياء والكثير من القصص الأخرى، مما أثار خيالي ومنحني الإلهام. هذه البيئة الثرية بالكلمات والمعاني هي التي جعلتني أبدأ في وصف مشاعري وأفكاري بطريقة جذابة، حتى أصبحت الكتابة أسلوبي في التعبير عن ذاتي.

كيف تصفين أسلوبك في الكتابة؟ وهل هناك مدرسة أدبية تنتمين إليها؟

من خلال تعامل الآخرين معي، كثيرًا ما يُقال إن أسلوبي صادق، بسيط، يمسّ القلب دون تكلّف. لا أنتمي إلى مدرسة أدبية بعينها، أكتب بما يُشبهني، وما يُشبه اللحظة التي أعيشها.

من أين تستمدين أفكارك؟ وهل تعتمدين على الخيال أم الواقع أكثر؟

معظم أفكاري تنبع من الواقع، من موقف بسيط قد يحدث في يوم عادي لكنه يترك أثرًا داخليًا. أحب تحويل المشاهد اليومية إلى مشاعر مكتوبة، وربما أضيف لها لمسة من الخيال لكن الجوهر دائمًا واقعي.

ما العمل الأدبي الأقرب إلى قلبك؟ ولماذا؟

رواية “أحببتها بغرورها”، لأنها ليست فقط أول أعمالي الكبيرة، بل لأنها شهدت تطوري ككاتبة. وكانت نقطة تحوّل حقيقية في مسيرتي.

هل تكتبين تحت تأثير معينحالة نفسية – موسيقى – مكان محدد ؟

نعم، الحالة النفسية تلعب دورًا كبيرًا في كتابتي، فكل شعور داخلي يتحول تلقائيًا إلى كلمات. كما أنني أُحب الكتابة في الأماكن التي تملؤها الخضرة والهدوء، لأنها تبعث فيّ نوعًا من الصفاء الذهني والإلهام.

برأيك، ما مسؤولية الكاتب تجاه قارئه؟

مسؤولية الكاتب كبيرة، لأنه يخاطب العقول والقلوب معًا. يجب أن يكون صادقًا في كل كلمة، لأن الكلمة قد تغيّر نظرة، أو تزرع أملًا، أو تفتح بابًا للتفكير. الكاتب الحقيقي يكتب بإحساس، ويحترم عقل القارئ، ويقدم له رسالة أو تجربة تترك أثرًا لا يُنسى.

كيف ترين العلاقة بين الأدب والمجتمع؟ وهل يجب أن يكون الأدب صوتًا للواقع؟

الأدب مرآة للمجتمع، يعبّر عنه ويؤثر فيه في الوقت نفسه. ليس من الضروري أن يقتصر على نقل الواقع، لكنه أحيانًا يجب أن يكون صوت من لا صوت له، يعكس القضايا، ويفتح نوافذ للوعي والتفكّر. الأدب الحقيقي لا ينفصل عن الناس، بل ينبض بهم.

ما رأيكِ في حال القراءة في العالم العربي اليوم؟

القراءة موجودة لكنها تحتاج إلى دعم وتشجيع أكبر، خاصة بين الأجيال الجديدة. هناك وعي متزايد بأهميتها، لكن لا زلنا بحاجة إلى خطوات عملية لترسيخها كعادة يومية، سواء في المدارس، أو وسائل الإعلام، أو المبادرات الفردية. الكلمة قادرة على تغيير مجتمعات، والقراءة هي البداية.

 هل واجهتِ صعوبات في النشر؟ وما تقييمك لحركة النشر الآن؟

نعم، واجهت بعض الصعوبات في البداية، خاصة أن تجربتي الأولى كانت في نشر كتاب إلكتروني. لكنها كانت خطوة جديدة تعلمت منها الكثير. أرى أن حركة النشر تشهد تطورًا ملحوظًا، خصوصًا في مجال النشر الإلكتروني الذي أصبح فرصة كبيرة للمواهب الشابة.

 كيف تتعاملين مع النقد؟ وهل تعرضتِ لنقد جارح

أتعامل مع النقد كفرصة للتطوير. أستمع له بعقل مفتوح وأحاول أن أتعلم منه. وتعرضت لنقد جارح أكثر من مرة، لكنه جعلني أقوى وأحرص على تقديم الأفضل.

 ما حلمكِ الأدبي الكبير؟

أحلم بأن أُصدر كتابًا ورقيًا يحمل فائدة حقيقية، كتاب يُلهم الناس ويكون سببًا في تغيير حياتهم. أريد أن تكون كلماتي سببًا في بناء دوافع داخل كل قلب يائس أو متردد.

هل هناك مشاريع جديدة تعملين عليها حاليًا؟

نعم، هناك مشاريع جديدة أعمل عليها حاليًا، وستُعلن قريبًا بإذن الله.

ما النصيحة التي تقدمينها لشباب الكتّاب؟

اكتب بقلبك قبل قلمك، وكن صادقًا مع نفسك أولًا. لا تخشَ الأخطاء، فكل سطر تكتبه هو خطوة إلى الأمام. لا تنتظر الكمال، ابدأ وجرّب وطوّر. ما بداخلك يستحق أن يرى النور، فلا تحبسه خوفًا من رأي الناس.

ما الجملة التي تقولينها لنفسك دائمًا لتستمري؟

“إزاي أسيب حاجة هي الراحة الوحيدة لقلبي”

الكتابة ليست مجرد هواية، إنها صديق عمري، وملاذي في كل لحظة ضعف أو قوة. حتى إن قررت يومًا الابتعاد، لا أستطيع أن أبتعد عن الكتابة، لأنها ببساطة جزء منّي.

ما بين الحرف والنبض، تمضي الكاتبة يمنى بخطى ثابتة، تنحت لنفسها مكانًا في ذاكرة القارئ. لا تلهث خلف الترند، ولا تُجامل السائد، بل تختار أن تكون صوتًا يحمل صدقها وألمها وأملها معًا.

هي ليست مجرد كاتبة، بل مرآة لواقعٍ يتبدل، وضميرٌ لا يساوم. فلتبقَ كتاباتها شاهدة على زمنٍ كانت فيه الكلمة أقوى من الصمت، والفكرة أصدق من المجاملة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى