سياسة

السويداء.. أزمة اقتصادية واجتماعية على وقع الجفاف والنزاعات القديمة

أزمة اقتصادية واجتماعية على وقع الجفاف والنزاعات القديمة

كتبت: سهام إبراهيم علي حسن 

تشهد محافظة السويداء جنوب سوريا أزمة مركبة، يتداخل فيها الواقع الاقتصادي الصعب مع تحولات اجتماعية وصراعات تاريخية، مما جعل المنطقة تقف على صفيح ساخن منذ سنوات، خاصة بعد تصاعد الاحتجاجات الشعبية في عام 2023.

ورغم تنوع التفسيرات حول طبيعة ما يجري في السويداء، بين من يراها توتراً طائفياً وآخرين يعتبرونها حملة أمنية منظمة، فإن البعد الاقتصادي والاجتماعي لا يمكن تجاهله، خصوصاً مع ما تعانيه المحافظة من تدهور زراعي وجفاف غير مسبوق.

الزراعة تنهار.. والشتاء بلا أمطار

الاعتماد الكبير على الزراعة البعلية، التي تحتاج لمعدلات مطر طبيعية، جعل 90% من أراضي السويداء رهينة للطقس. هذا الموسم، لم تتجاوز الهطولات المطرية 30% من المعدل السنوي، ما أدى إلى تراجع إنتاج المحاصيل الأساسية مثل القمح، الذي لم يتجاوز 2000 طن رغم زراعة 30 ألف هكتار.

كذلك، تراجع محصول التفاح، الذي يعد مصدر رزق لنحو 11 ألف أسرة، بنسبة 80%. وأشجار الزيتون والكاكي تواجه خطر الزوال، فيما حذر مدير الزراعة بالمحافظة من دخول السويداء فعلياً في مرحلة تصحر تهدد مستقبلها.

خروج 75% من الأراضي عن الخدمة

في ظل شح المياه وغلاء الوقود، باتت أنظمة الري خارج متناول المزارعين. وبحسب التقديرات، خرج ثلاثة أرباع الأراضي الزراعية عن الخدمة هذا العام، ما عمق من الأزمة الاقتصادية وضاعف من نسب البطالة والفقر، خصوصاً بعد انهيار العملة المحلية وتوقف النشاط التجاري بين السويداء والمحافظات الأخرى.

تجارة وخدمات راكدة

القطاع الخدمي والتجاري، الذي يمثل مع الزراعة نحو 80% من اقتصاد المحافظة، لم يسلم هو الآخر من الركود، بعد سنوات الحرب وغياب الدعم الحكومي. وبات سكان المدن مثل السويداء وشهبا وصلخد يعانون من ضعف القدرة الشرائية وانقطاع الإمدادات الأساسية.

خلاف تاريخي بين الدروز والبدو يتجدد

إلى جانب الجفاف والانهيار الاقتصادي، عاد الخلاف القديم بين الدروز والبدو حول ملكية الأراضي والمياه ليؤجج التوترات من جديد. هذا النزاع، الذي تعود جذوره إلى بدايات القرن العشرين، تفاقم في السنوات الأخيرة مع تراجع الموارد، ليتحول في بعض القرى إلى صراع مسلح حول الآبار، كما في الحقف وبريكة وملاحة.

خلاصة المشهد

أزمة السويداء ليست فقط نتيجة قرارات سياسية أو أحداث آنية، بل هي نتاج تراكمات تاريخية وتغيرات مناخية واقتصادية عميقة. وفي ظل غياب حلول جذرية من الدولة وتوسع نفوذ جماعات محلية مسلحة، تبقى المحافظة في قلب أزمة مفتوحة على احتمالات شديدة التعقيد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى