24 ساعة

د. أسماء فاروق لـ”نيوز بالعربي”: كتابة المحتوى الطبي مسؤولية علمية لا تقبل المجازفة

د. أسماء فاروق لـ"نيوز بالعربي": كتابة المحتوى الطبي مسؤولية علمية لا تقبل المجازفة

إدارة الحوار/ عبدالرحمن فتحي عبدالنعيم نائب رئيس التحرير.

في زمن ازدحم بالمعلومات المتضاربة على الإنترنت، باتت كتابة المحتوى الطبي مسؤولية تتجاوز حدود الحِرفة التحريرية، لتصبح أمانة علمية تؤثر في قرارات القارئ الصحية بشكل مباشر.

وفي هذا الحوار الخاص مع “نيوز بالعربي”، نلتقي بالدكتورة أسماء فاروق، التي استطاعت أن تمزج بين خلفيتها الأكاديمية وخبرتها التحريرية لتقدّم نموذجًا مشرفًا لصناعة المحتوى الطبي العربي.

نناقش معها الفروق الدقيقة بين الكاتب العادي وكاتب المحتوى الطبي، وكيفية اختيار الكلمات المفتاحية بدقة، ومدى تأثير الذكاء الاصطناعي على جودة هذا النوع من المحتوى، إلى جانب نصائحها الذهبية لكل من يرغب في دخول هذا المجال بثقة واحترافية.

كتابة المحتوى الطبي
كتابة المحتوى الطبي

1- في البداية، نود أن نتعرّف على حضرتك بشكل أقرب.. من هي الدكتورة أسماء فاروق؟ وكيف بدأت رحلتك في مجال كتابة المحتوى الطبي؟

أنا الدكتورة أسماء فاروق عبدالموجود، طبيبة بيطرية وخريجة كلية الطب البيطري، جامعة قنا، وأعمل ضمن القطاع الحكومي بمديرية الطب البيطري بمحافظة سوهاج.

إلي جانب عملي كطبيبة، بدأت رحلتي في مجال كتابة المحتوى الطبي بدافع شخصي وشغف كبير بتبسيط المعلومات الطبية والعلمية، وتقديمها للجمهور بلغة واضحة وسهلة دون إخلال بالدقة أو الأمانة العلمية.

سعيت إلى تطوير نفسي أكاديميًا ومهنيًا، فحصلت على دبلومة في الميكروبيولوجيا، وكورس متخصص في التغذية العلاجية، بالإضافة إلى مجموعة من الدورات الاحترافية في مجالي صناعة المحتوى والتسويق بالمحتوى.

ومن خلال الدمج بين خلفيتي الطبية والمهارات التحريرية، استطعت أن أحقق تصنيف المركز الأول في كتابة المحتوى الطبي على منصة Favikon على مستوى مصر، وأن أكون ضمن أعلى 4% من صناع المحتوى على مستوى العالم عبر منصة LinkedIn، كما تشرفت بالتعاون مع عدد من الشركات والمواقع الطبية داخل مصر وخارجها، من بينها جهات في تركيا والأردن.

وأعمل حاليًا على تعزيز حضوري المهني في مجال صناعة المحتوى من خلال قناة “Dr Asmaa Farouk” على اليوتيوب، إلى جانب حساب احترافي نشط على منصة لينكدإن، وباقي وسائل التواصل الإجتماعي، كما أسعى حاليًا لتطوير مشروع رقمي تعليمي موجّه للأطفال والأمهات، لا يزال في مرحلة الإعداد والبحث.

2- ما الفرق بين كاتب المحتوى العادي وكاتب المحتوى المتخصص في المجال الطبي؟ وهل يشترط أن يكون طبيبًا أو دارسًا لهذا المجال؟

الفرق الجوهري يكمن في طبيعة المسؤولية، فكاتب المحتوى الطبي لا يقدّم مجرد مادة ترفيهية أو تسويقية، بل يقدّم معلومة قد تؤثر بشكل مباشر في صحة القارئ أو قراراته العلاجية، وبالتالي فإن أي خطأ في هذا النوع من المحتوى قد يؤدي إلى تبعات خطيرة.

والمحتوى الطبي المحترف لا يُبنى فقط على المهارات الكتابية، بل يحتاج إلى فهم عميق للعلوم الطبية، والقدرة على تبسيط المعلومة بلغة مفهومة مع الحفاظ على الدقة العلمية.

لذلك، يُفضّل أن يكون كاتب المحتوى الطبي لديه خلفية علمية أو طبية، مثل الأطباء أو الصيادلة أو أخصائيي التغذية أو غيرهم من المتخصصين في المجال الصحي.

وأما إذا لم يكن الكاتب من هذه الفئة، فعلى الأقل يجب أن يعمل تحت إشراف طبي مباشر، أو يعتمد على مراجعة علمية دقيقة من مصادر موثوقة ومعتمدة، لضمان سلامة المحتوى ومصداقيته.

كتابة المحتوى الطبي
كتابة المحتوى الطبي

3- من وجهة نظرك، ما هي أهم عناصر المقال الطبي المتوافق مع قواعد السيو؟ وما أبرز الأخطاء الشائعة التي يرتكبها كثير من الكُتّاب في هذا النوع من المقالات؟

أهم عناصر المقال الطبي المتوافق مع قواعد تحسين محركات البحث (السيو) يمكن تلخيصها في النقاط التالية:

  • عنوان رئيسي مستهدف يعكس نية الباحث بوضوح ويحتوي على الكلمة المفتاحية.
  • مقدمة موجزة وجذابة توضح للقارئ ما الفائدة التي سيحصل عليها من قراءة المقال.
  • تنسيق منظم وواضح باستخدام العناوين الفرعية، والتعداد النقطي أو الرقمي، لتسهيل القراءة والفهم.
  • تضمين الكلمات المفتاحية بشكل طبيعي داخل النص، مع تجنب الحشو أو التكرار المبالغ فيه.
  • ربط المعلومات الطبية بمصادر موثوقة تدعم المعلومة وتُضفي على المقال المصداقية.
  • خاتمة واضحة ومُلخّصة تحتوي على دعوة لإتخاذ إجراء (Call to Action) أو تنصح بخطوة تالية.

وأما الأخطاء الشائعة التي يقع فيها العديد من الكُتّاب، فهي:

  • الخلط بين الرأي الشخصي والمعلومة الطبية العلمية.
  • إستخدام أسلوب تسويقي مفرط في محتوى يفترض فيه الحيادية العلمية.
  • إهمال نية الباحث، مما يجعل المقال غير متوافق مع ما يبحث عنه القارئ فعلًا.
  • الإعتماد على ترجمات حرفية من مصادر أجنبية دون فهم كافٍ للسياق الطبي أو المصطلحات.

4- كيف يتم إختيار الكلمات المفتاحية المناسبة في المقالات الطبية؟ وهل هناك أدوات محددة تعتمدين عليها في ذلك؟

إختيار الكلمات المفتاحية في المقالات الطبية يعتمد بالدرجة الأولى على فهم “نية الباحث”، أي ما الذي يبحث عنه القارئ تحديدًا: هل يبحث عن معلومات؟ تشخيص؟ علاج؟ بدائل طبيعية؟ جرعة دواء؟ أعراض؟ وهكذا.

وبناءً على هذا الفهم، أبدأ بجمع المصطلحات التي يستخدمها الناس فعليًا في البحث، وأعتمد في ذلك على عدة أدوات، منها:

  • Google Suggest وPeople Also Ask: لفهم طبيعة الأسئلة الشائعة والطريقة التي يُفكر بها الباحث.
  • Ubersuggest، SEMrush، وAhrefs: لتحليل حجم البحث والمنافسة وتحديد الكلمات المفتاحية ذات الفرصة الأفضل.
  • Google Trends: لرصد التغيرات الموسمية أو الفترات التي يرتفع فيها الإهتمام بمصطلح معين.

بعد ذلك، أحدد الكلمة المفتاحية الرئيسية للمقال، ثم أقوم بتوزيع كلمات مفتاحية فرعية مرتبطة بها داخل المحتوى، بما يخدم السياق ويُحسّن فرص ظهور المقال في نتائج البحث دون الإخلال بالجودة أو التدفق الطبيعي للنص.

كتابة المحتوى الطبي
كتابة المحتوى الطبي

5- هل ترين أن كتابة المحتوى الطبي تتطلب تحقيق توازن بين الدقة العلمية وفهم القارئ غير المتخصص؟ وكيف تحققين هذه المعادلة؟

بالفعل، تحقيق هذا التوازن هو جوهر نجاح أي محتوى طبي، فالدقة العلمية لا يمكن التنازل عنها، لأنها الركيزة الأساسية للمصداقية والمهنية، ولكن في المقابل، استخدام لغة طبية معقدة أو مصطلحات غير مفهومة قد ينفّر القارئ ويجعل الرسالة التوعوية تفشل في الوصول إليه، لذلك أحرص دائمًا على إتباع عدة خطوات لتحقيق هذا التوازن:

  1. أبدأ بقراءة المعلومة من مصادر علمية موثوقة، مثل الدراسات الأكاديمية، أو المقالات الطبية المعتمدة، أو مواقع طبية عالمية متخصصة.
  2. أعيد صياغة المعلومة بلغة مبسطة وواضحة، دون أن أُخل بجوهر المعنى أو أغيّره.
  3. أستخدم أمثلة واقعية أو تشبيهات قريبة من الحياة اليومية إذا كان السياق يسمح، وذلك لتقريب الفكرة إلى ذهن القارئ.
  4. أراجع النص وكأني أنا القارئ غير المتخصص، وأسأل نفسي: هل فهمت المحتوى؟ هل استمتعت بالقراءة؟ هل وصلتني الفكرة بوضوح؟ ومن هنا أُجري أي تعديلات ضرورية.

6- مع إنتشار أدوات الذكاء الاصطناعي القادرة على كتابة المقالات، هل تعتقدين أن ذلك يؤثر على جودة المحتوى أو ترتيب المواقع؟

أدوات الذكاء الاصطناعي أصبحت بالفعل أدوات قوية ومفيدة، لكن لا يمكن اعتبارها بديلًا عن الكاتب المتخصص، خاصة في المجال الطبي.

فالمحتوى الناتج عن الذكاء الاصطناعي قد يبدو منسقًا وواضحًا، لكنه في حال عدم مراجعته علميًا قد يحتوي على أخطاء خطيرة أو معلومات منسوخة وغير دقيقة، وهو ما يُعدّ تهديدًا حقيقيًا لموثوقية المحتوى.

كما أن خوارزميات محركات البحث، وعلى رأسها جوجل، أصبحت أكثر قدرة على التمييز بين المحتوى “البشري الحقيقي” الذي يحمل بصمة خبرة وتجربة، وبين المحتوى الآلي المُعاد تدويره.

وهناك بالفعل مواقع كثيرة فقدت ترتيبها في نتائج البحث بعد اعتمادها الكامل على أدوات الذكاء الاصطناعي دون إشراف بشري متخصص أو تدقيق علمي.

وبالنسبة لي، أتعامل مع أدوات الذكاء الاصطناعي كمساعد ذكي في البحث أو توليد الأفكار، لكن لا أستخدمها في كتابة المحتوى الطبي النهائي، لأن هذا النوع من المحتوى يتطلب حسًا علميًا دقيقًا وفهمًا عميقًا للسياق والهدف والجمهور.

كتابة المحتوى الطبي
كتابة المحتوى الطبي

7- مع تشديد جوجل مؤخرًا على معايير E-E-A-T (الخبرة – الموثوقية – السلطة – تجربة المستخدم)، كيف يمكن للمقالات الطبية أن تلتزم بهذه المعايير؟

كتابة المحتوى الطبي لم تعد مجرد مهارة تحريرية، بل أصبحت مسؤولية تتطلب الإلتزام الصارم بمعايير الجودة، خاصة مع تركيز جوجل على عناصر E-E-A-T، ولتحقيق هذه المعايير في المقالات الطبية، يجب الإلتزام بما يلي:

  1. الخبرة (Experience): يجب أن يظهر بوضوح أن كاتب المقال لديه خلفية طبية أو خبرة حقيقية في المجال، وذلك من خلال النبذة التعريفية أو توقيع الكاتب في نهاية المقال.
  2. الإختصاص (Expertise): يُفضل أن يكون الكاتب متخصصًا في المجال الطبي أو على الأقل يكتب تحت إشراف طبي مباشر، مع توثيق كل معلومة بمصدر علمي موثوق مثل Mayo Clinic أو WHO أو NIH.
  3. السلطة (Authoritativeness): يمكن تعزيزها من خلال التنسيق الإحترافي، والإشارة إلى الجهات أو الخبراء الذين يدعمون المعلومة، وإبراز اعتماد المحتوى على مصادر معترف بها.
  4. الموثوقية (Trustworthiness): تتطلب تحديث المحتوى بانتظام، خصوصًا في حالة ظهور تحذيرات جديدة أو توصيات طبية محدثة، وكذلك تجنب المبالغات أو المعلومات غير المثبتة.
  5. تجربة المستخدم (User Experience): يجب أن يكون المقال منسقًا بوضوح، سهل القراءة، ويقدّم قيمة حقيقية للقارئ، وقد يتضمن، عند الحاجة، تجارب واقعية مدروسة تدعم المعلومة المطروحة.

باتباع هذه الخطوات، يثبت المحتوى الطبي جدارته أمام خوارزميات محركات البحث، ويكتسب ثقة القارئ في الوقت نفسه.

8- هل إدراج الروابط العلمية والمراجع الموثوقة في المقالات الطبية يؤثر فعليًا في تقييم جوجل؟

نعم، وبشكل ملحوظ، كما أن إدراج الروابط الخارجية لمصادر علمية موثوقة يُعدّ من أبرز العوامل التي تعزز مصداقية المحتوى الطبي في نظر جوجل، وهذه المراجع لا تمنح الثقة للقارئ فقط، بل تعطي أيضًا مؤشرات إيجابية لمحركات البحث بأن المحتوى مبني على مصادر قوية ومعترف بها.

وكلما زادت الإشارة إلى مصادر مرجعية موثوقة مثل PubMed أو WebMD أو Mayo Clinic، زادت “سلطة” الصفحة (Page Authority)، وبالتالي ترتفع فرص تصدّرها في نتائج البحث.

وكذلك تُظهر هذه الروابط أن الكاتب ملمّ بالتحديثات العلمية، ويستند في طرحه إلى مرجعية علمية واضحة، مما يدعم إلتزام الموقع بمعايير E-E-A-T التي أصبحت جزءًا أساسيًا من خوارزميات التقييم في جوجل.

كتابة المحتوى الطبي
كتابة المحتوى الطبي

9- ما النصائح التي يمكن تقديمها لأي موقع طبي لتحسين ترتيبه على محرك البحث جوجل؟ وهل كتابة المحتوى وحدها كافية؟

المحتوى يظل هو العنصر الأهم، وهو ما يُطلق عليه بحق “الملك”، لكنه ليس العامل الوحيد في تحسين ترتيب الموقع، فلكي ينجح أي موقع طبي في المنافسة وتحقيق ظهور فعّال على جوجل، أنصحه بالآتي:

  • الإستثمار في محتوى عالي الجودة: يجب أن يُكتب المحتوى على يد متخصصين في المجال الطبي، وأن يتم تقديمه بلغة واضحة ودقيقة.
  • مراجعة وتحديث المحتوى باستمرار: فالمجال الطبي متجدد، وأي تأخر في تحديث المعلومات قد يؤثر على المصداقية والترتيب.
  • التركيز على نية الباحث (Search Intent): لا يكفي إستخدام الكلمات المفتاحية، بل يجب فهم ما يبحث عنه المستخدم فعليًا وتلبية هذا الهدف بوضوح.
  • إضافة ملف تعريفي للمؤلف أو الجهة الطبية: لإظهار الموثوقية والخبرة أمام جوجل والقارئ.
  • تحسين سرعة الموقع وتجربة المستخدم (UX): لأن الأداء التقني وسهولة التصفح عنصران مهمان في تقييم جوجل.
  • تفعيل الروابط الداخلية والخارجية: لربط المقالات ببعضها داخليًا، والإعتماد على مصادر مرجعية خارجية موثوقة.
  • الإهتمام بتصميم المقال وتنسيقه: فالمظهر الإحترافي يعزز من قابلية القراءة وثقة المستخدم.

10- وأخيرًا، ما هي النصيحة التي تودين توجيهها لكُتّاب المحتوى الطبي المبتدئين؟

نصيحتي الأهم لأي كاتب محتوى طبي مبتدئ: لا تكتب معلومة طبية ما لم تكن واثقًا من صحتها وفاهمًا لها بشكل كامل، فالمحتوى الطبي ليس مجالًا للتجربة أو النقل الأعمى، بل هو مسؤولية تجمع بين الأمانة العلمية والهدف الإنساني.

وإذا لم تكن دارسًا للمجال الطبي، فأحرص على العمل تحت إشراف طبي مباشر، وراجع كل معلومة بمصدر علمي موثوق وواضح، ولا تنسَ أن الكتابة ليست غاية في ذاتها، بل وسيلة لنقل معرفة يمكن أن تُحدث فارقًا حقيقيًا في صحة إنسان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى