
كتبت: إسراء عبدالله
المصدر: مقال لديفيد إغناتيوس في واشنطن بوست
حتى “الانتصارات” الظاهرة التي يحققها قد تكون باهظة الثمن.
أطلق إصدار لعبة “ترامب: اللعبة” عام 1989 من قبل شركة “ميلتون برادلي”. وكان الشعار التسويقي لها: “المهم ليس أن تربح أو تخسر، بل أن تربح فقط!”
لكن، وكما هو حال العديد من مشروعات دونالد ترمب على مدار العقود، بدأت اللعبة ببريق لامع وانتهت نهاية باهتة. فمبيعاتها في العام الأول لم تحقق سوى أقل من نصف التوقعات.
وحتى بعد أن أعيد إصدارها في 2004 من قبل “باركر براذرز” مع شعار “أنت مطرود!”، بقيت المبيعات ضعيفة. والآن أصبحت مجرد قطعة لهواة الجمع.
بدأ ترمب ولايته الثانية كرئيس بداية جريئة مماثلة. واحتفت طموحاته الواسعة اثنتان من كاتباتي المفضلات. كتبت بيغي نونان أنه بعد خمسة أشهر مهيمنة: “إنه الآن في لعبة العظمة”.
أما والتر راسل ميد، فلاحظ أن ترمب المتواجد في كل مكان والجائع للسلطة، يُشبه إلى حد كبير تيودور روزفلت، الذي قيل عنه إنه “يريد أن يكون الجثة في كل جنازة، والعروس في كل زفاف، والرضيع في كل معمودية”.
لكن الجانب السلبي لهذا الطابع المميز لترمب بدأ يتكشف بوضوح: فعلى الرغم من بداياته المتوهجة، فإنه يواجه صعوبة في الوصول إلى خط النهاية.
وكما كان الحال في مسيرته التجارية، يُقدم على رهانات كبيرة استعراضية — غالبًا ما تحمل اسمه — لكنه لا يتمكن دائمًا من إتمامها بنجاح. جرأة ترمب واستعراضه قد يثيران الإعجاب حقًا، لكنهما لا يكفيان.
حتى انتصارات ترمب الظاهرة قد تكون انتصارات “بيروسية” (أي مكلفة جدًا). وهذا ما قد ينطبق على الموازنة العملاقة التي أطلق عليها اسم “الفاتورة الجميلة الواحدة”.
حتى لو حصلت على الموافقة النهائية في مجلس النواب هذا الأسبوع، فإن هذا “النجاح” سيأتي بتكلفة سياسية فادحة قد تؤدي إلى فقدان السيطرة على كلا المجلسين في انتخابات منتصف 2026 — ناهيك عن معاناة من سيُحرمون من برامج المساعدة الطبية (Medicaid) أو قسائم الطعام، كي يتمكن ترمب من تمديد التخفيضات الضريبية.
لا تبدأ شيئًا لا تستطيع إنهاءه.
أوضح مثال حديث على هذه القاعدة هو تدخل ترمب في حرب إسرائيل مع إيران.
إرسال قاذفات B-2 لقصف المخابئ النووية الإيرانية كان محاولة لتحقيق وعد ترمب بألا تمتلك إيران سلاحًا نوويًا.
كانت خطوة جريئة في استخدام القوة العسكرية الأميركية، ومن هذه الزاوية، عززت مصداقية الولايات المتحدة وقدرتها على الردع.
لكنها لم تحل مشكلة إيران النووية. فكما كان يمكن للرؤساء الثلاثة السابقين (الذين درسوا استراتيجية “قنابل اختراق المخابئ” بدقة) أن يقولوا لترمب، فإن القصف يمكنه فقط تأخير البرنامج الإيراني. لكنك تحتاج إلى اتفاق يمكن التحقق منه، تفرضه الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لإيقافه فعليًا.
في أبريل، بدا أن ترمب يدرك أنه بحاجة إلى استراتيجية دبلوماسية مع إيران. بدأ مفاوضات (رغم استياء إسرائيل)، لكنه فقد صبره.
هاجمت إسرائيل الشهر الماضي، وسرعان ما بدأت تحقق تفوقًا جويًا فوق طهران.
أراد ترمب أن يكون “الرابح” أيضًا، فأطلق قاذفاته B-2، وبدأ أسبوعًا من المناورات اللغوية حول مدى الضرر الذي أحدثته. لكنه حتى الآن لا يمتلك مسارًا دبلوماسيًا يضمن إيقاف إيران عن السعي وراء سلاح نووي.
ما النتيجة؟
في وقت كتابة هذا المقال، يبدو أن إسرائيل ستتبنى ما وصفه وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت بـ”سياسة الردع المتكرر”. أي أن الطائرات الإسرائيلية، وربما الأميركية، ستقوم كل بضعة أشهر أو سنوات بتدمير أي نشاط نووي إيراني متجدد.
إنها استراتيجية مشابهة لتلك التي اتبعتها إسرائيل لعقود مع حماس في غزة، والتي عُرفت باسم “جزّ العشب”. فكيف كانت نتائجها؟
حرب ترمب الجمركية هي مثال آخر على بداية كبيرة وجريئة، ولكنها حتى الآن لم تحقق النتائج المرجوة. بدأها في أبريل بشعار ضخم (“يوم التحرير!”). وأثارت ضجة كبيرة في وول ستريت لدرجة أنه اضطر إلى تأجيل التنفيذ — واعدًا بأنه سيُنجز 90 صفقة بحلول 9 يوليو. هذا الموعد يقترب، ومعظم الاتفاقيات التجارية الكبرى لا تزال غير مكتملة.
الحلفاء المخلصون في اليابان وأوروبا يحاولون التوصل إلى اتفاق. إنهم يخشون من أن تؤدي التعريفات الجمركية المرتفعة إلى تباطؤ النمو وارتفاع التضخم، كما يجب علينا أن نخشى ذلك أيضًا.
لكن الاتفاقات التجارية — كالاتفاقات النووية — تحتاج إلى شهور طويلة من التفاوض. ويبدو أن فريق ترمب لا يمتلك الصبر أو القدرة الكافية لتلك المفاوضات.
أما الحرب في أوكرانيا، فهي المثال الأكثر إزعاجًا على ضعف ترمب في المتابعة. لقد كان محقًا تمامًا في أنه حان وقت إنهاء “حمام الدم”، كما سماه. وبدأ المفاوضات وسط ضجة إعلامية كبيرة.
لكن عندما تعثرت المفاوضات بسبب رفض روسيا تقديم أي تنازلات، تهرّب ترمب من أي مساومة حقيقية.
هدد بفرض عقوبات على موسكو مرارًا، لكنه حتى الآن لم يفعل شيئًا. وفي هذه الأثناء، تستمر الدماء والدمار في أوكرانيا. دعونا نأمل أن يأخذ الأمر على محمل الجد قريبًا.
جزء من القيادة الجيدة هو فهم حدودك. لا شك أن ترمب مسوّق بارع ومخرب للنظام التقليدي. لكنه، وبعد سلسلة طويلة من الإخفاقات التجارية (جامعة ترمب، طيران ترمب، فريق نيوجيرسي جنرالز، وفندق بلازا، من بين آخرين) ينبغي أن يعرف أن بعض أفكاره الكبيرة لا تنجح.
لطالما استخدم التهديدات وسياسة حافة الهاوية للفرار من صفقات تجارية سيئة — وهو يستخدم هذه الأساليب الآن ضد الساسة الذين يقفون في طريقه، محليًا ودوليًا.
لكن الرؤساء لا يُمنحون التقدير على مجرد إطلاق المبادرات. إنهم يُمدحون ويُكافَؤون — بـ”العظمة” كما قالت نونان — عندما يُكملونها.
ببساطة: لا أحد يريد أن يعيش في ناطحة سحاب مهجورة، نصف منجزة — مهما كانت ردهتها الأمامية لامعة ومتلألئة.