
كتبت: إسراء عبدالله
المصدر: وول ستريت جورنال
إذا قررت إيران بناء سلاح نووي، فإنها ستراهن على قدرتها على إكمال المهمة وفرض الردع قبل أن تتدخل الولايات المتحدة أو إسرائيل – عبر عمل عسكري أو ضغط اقتصادي أو دبلوماسي – لوقفها.
فكلما طال الإطار الزمني، زادت احتمالات أن تُكتشف أو تُضرب مجددًا، ما قد يثني إيران عن اتخاذ هذه الخطوة من الأساس.
لذا، في ميزان “الساعة النووية الإيرانية”، فإن التأخير لبضعة أشهر قد يعني أكثر بكثير مما يبدو، إذا كان من شأنه أن يمنع طهران من التقدم.
وقال مايكل سينغ، المدير التنفيذي لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى والمسؤول السابق في مجلس الأمن القومي الأميركي: “إذا بدأوا جهود الاختراق، واستغرقوا ثلاثة أشهر إضافية، فهذه فترة زمنية كبيرة للاستجابة.
إنها تمنحك وقتًا للكشف عنها، ووقتًا لتنفيذ رد فعل. هذا ليس بالأمر الهين”.
الاتفاق النووي الدولي لعام 2015 الذي تفاوضت عليه إدارة أوباما، والذي منح إيران تخفيفًا في العقوبات مقابل فرض قيود على برنامجها النووي، صُمّم لضمان بقاء إيران بعيدة لمدة عام كامل عن إنتاج كمية كافية من المواد الانشطارية لصنع سلاح نووي.
وفي أول تعليق علني له منذ وقف إطلاق النار الأسبوع الماضي، أعلن المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي النصر في الصراع، وقال إن الولايات المتحدة تبالغ في تقدير نجاح هجماتها.
في ولايته الأولى، انسحب الرئيس ترامب من ذلك الاتفاق. وردّت إيران بتوسيع أنشطتها النووية بعد عام، وبحلول مايو من هذا العام، كانت تنتج ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع قنبلة نووية كل شهر.
قبل الحرب، كان الافتراض العام هو أن إيران ستحتاج لبضعة أشهر لصنع قنبلة بدائية تعادل في قوتها قنبلة هيروشيما ويمكن إيصالها عبر شاحنة أو سفينة، وسنة إلى ثلاث سنوات لصنع رأس حربي يمكن تركيبه على صاروخ.
ويخشى بعض المحللين من أن الهجمات التي شنتها إسرائيل والولايات المتحدة ربما أقنعت المتشددين في طهران بأن السبيل الوحيد للحفاظ على النظام هو السعي نحو تطوير أسلحة نووية.
وقال آلان إير، المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأميركية وعضو فريق التفاوض على الاتفاق النووي عام 2015: “إذا قررت إيران التسلح، فإن الأمر سيستغرق وقتًا أطول مما كان سيتطلبه في السابق”، لكنه أضاف: “ومن المفارقات أننا ربما عززنا عزمهم على امتلاك سلاح نووي الآن”.
وأضاف: “إنهم الآن سيحاولون التفكير في كيفية إعادة تشكيل استراتيجية دفاعية ما – أو على الأقل إنشاء واحدة جديدة – لأن ما كان لديهم لم يعد يعمل”.
ويقول خبراء نوويون ومسؤولون أميركيون إن إيران ربما خبأت ما يكفي من أجهزة الطرد المركزي والمواد اللازمة للاندفاع نحو القنبلة.
وقال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، في مقابلة مع برنامج “Face the Nation” على قناة CBS: “القدرات التي لديهم لا تزال موجودة.
يمكنهم خلال أشهر، بل أقل من ذلك، تشغيل بعض سلاسل أجهزة الطرد المركزي وتخصيب اليورانيوم. ولكن بصراحة، لا يمكن لأحد الادعاء بأن كل شيء قد اختفى أو لم يتبقّ شيء هناك”.
وتتولى وكالة غروسي مسؤولية تفتيش المنشآت النووية الإيرانية، لكنها لم تتمكن من زيارتها منذ بدء الضربات الإسرائيلية على إيران في 13 يونيو.
والآن، أمام إيران عدة خيارات، منها محاولة إعادة إنشاء برنامج نووي سري لصنع قنبلة بأقصى سرعة ممكنة، أو قبول مسار دبلوماسي يحد من قدرتها على صنع سلاح من خلال وقف تخصيب اليورانيوم.
كما يمكن لإيران أن تحاول الجمع بين الخيارين: الدخول في دبلوماسية نووية علنية مع استمرار التقدم سرًا في برنامجها، مما يجعل العملية أكثر تعقيدًا.
وتقول إدارة ترامب إن الضربات الجوية الأميركية – التي استخدمت 14 قنبلة بوزن 30 ألف رطل وسربًا من صواريخ كروز – قد دمرت منشآت فوردو ونطنز وأصفهان.
وإذا كان هذا صحيحًا، فإن إيران ستحتاج إلى مواقع تخصيب جديدة وسرية، بالإضافة إلى منشآت لتحويل اليورانيوم المخصب إلى معدن يُستخدم في نواة القنبلة.
وقالت آنا كيلي، نائبة المتحدث باسم البيت الأبيض: “لن تحصل إيران أبدًا على قنبلة نووية، لأن عملية (مطرقة منتصف الليل) قضت على قدراتها النووية”.
وتشير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إضافة إلى مسؤولين إيرانيين وإسرائيليين، إلى أن إيران عملت لعقود على المعرفة التقنية المتعلقة بتطوير الأسلحة النووية.
وقبل الحرب، كانت إيران قد راكمت كمية كبيرة من اليورانيوم العالي التخصيب تكفي لصنع 10 قنابل نووية إذا تم تخصيبها بدرجة أعلى.
كما اختبرت إيران العديد من المكونات اللازمة لصنع القنبلة، وحافظت على تلك المعرفة من خلال تجارب ودراسات يُفترض أنها لأغراض سلمية.