“قَدر”… حين تتحول الجلسة النفسية إلى رواية متكاملة… رواية قدر فى معرض القاهرة الدولى للكتاب 2026
"قَدر"... حين تتحول الجلسة النفسية إلى رواية متكاملة... رواية قدر فى معرض القاهرة الدولى للكتاب 2026

بقلم / د. ميرنا محمود
تأتي رواية “قدر” لتُرسّخ حضورها في المشهد الأدبي العربي كعمل روائي نفسي، يُحلّق في آفاق مختلفة عن السائد، ويعيد تشكيل العلاقة بين القارئ والذات الإنسانية من الداخل.
والرواية ليست مجرد سرد لأحداث أو شخصيات تمر بصراعات، بل هي تجربة شعورية خالصة، تجلس فيها الكاتبة القارئ على كرسي الاعتراف، كأنها تقول له: “دعنا نتحدث قليلًا عن وجعك الذي لا يراه أحد.”
“قَدر”.. رواية تُنصت أكثر مما تحكي
الاختلاف في “قَدر” ينبع من طبيعة السرد نفسه، إذ تدور الرواية داخل عيادة نفسية تطل على البحر، حيث يتم استخدام العلاج بالموسيقى والكلمة كوسيلة لفك عقد الماضي، ومواجهة الذات، وكل فصل بمثابة جلسة، وكل جلسة موجة، وكل موجة تقود إلى إدراكٍ أعمق.
والرواية لا تقتصر على طرح مشكلات نفسية مثل الاكتئاب، والخذلان، والانفصال، والنرجسية، بل تتجاوز ذلك إلى استكشاف البعد الإنساني للشفاء، وقيمة الحديث، وأهمية أن نجد من يسمعنا دون أن يُحاكمنا.
كما أن لغة الرواية سلسة عذبة، تنبض بالمشاعر، وتجمع بين التحليل النفسي والتأملات الوجودية، فالرواية لا تروي فقط، بل تُنصت، وتدع القارئ يُكمل القصة في داخله.
أبرز مميزات رواية “قدر”
من أبرز ما يُميّز هذا العمل:
- الاعتماد على الإيقاع الموسيقي في البناء الفني، حيث تشعر أن كل جملة وُضعت بإيقاع معين يناسب السياق الشعوري.
- البُعد التأملي، الذي يجعل من الرواية مساحة صادقة للتفكّر في معاني الحب، والخسارة، والاختيار.
- الحضور الرمزي لـ”الموج”، الذي يستخدمه النص كتعبير عن الاضطراب، والعودة، والغرق، والتجدّد.
“قَدر” ليست رواية حب، وإن كان الحب واحدًا من محاورها، وليست رواية طب نفسي، وإن بدت هكذا في ظاهرها، بل هي نص إنساني بامتياز، يضيء على ما نخفيه، ويحتفي بكل محاولاتنا البسيطة في النجاة.
وفي النهاية، لا تُعطي الرواية إجابات نهائية، بل تترك القارئ في حالة من التأمل والحيرة المُحبّبة، كأنها تقول له: “لست وحدك… نحن جميعًا نحاول أن نُشفى.”