
كتبت: إسراء عبدالله
المصدر: بلومبيرغ
يشهد سوق الطروحات الأولية السعودية طفرة بقيمة 3 مليارات دولار تواجه تحديات، وصندوق الثروة السيادية الكويتي يراهن على الذكاء الاصطناعي، وأحد نجوم صناديق التحوط يخطط للتوسع في أبوظبي.
لكن أولًا، العراقيل السعودية التي تعيد تشكيل مشهد التمويل في الشرق الأوسط.
تعاني السعودية من عجز في الميزانية، فيما تركز الحكومة على خطة تحول اقتصادي بقيمة تريليوني دولار ستتطلب جذب رؤوس الأموال الأجنبية.
وبينما تدفع هذه الضغوط العديد من الشركات إلى إعادة التفكير في خطط التمويل أو إبرام الصفقات، يرى المصرفيون أن هناك فرصًا لا تزال متاحة في أكبر اقتصاد خليجي.
قال مسؤول تنفيذي كبير في إحدى الشركات الغربية إن شركته تجني الآن أموالًا أكثر في السعودية من ترتيب السندات والقروض، مقارنةً بتقديم المشورة بشأن صفقات الاندماج والاستحواذ الخارجية.
تُعد المملكة الآن أكبر مُصدر للسندات السيادية في الأسواق الناشئة، حيث أبرمت صفقات بأكثر من 14 مليار دولار هذا العام.
وسيكون الرقم أعلى بنحو 10 مليارات دولار إذا شُملت مبيعات صندوق الاستثمارات العامة وشركة النفط الحكومية “أرامكو السعودية”.
تبقى السعودية سوقًا نشطًا للطروحات العامة الأولية (IPO)، وتواصل شبكة شركات صندوق الاستثمارات العامة توليد تدفقات ثابتة من صفقات الدمج والاستحواذ.
وتشير بعض صفقات الاستحواذ الأخيرة إلى أن المملكة من المحتمل أن تستمر في إبرام صفقات دولية تتماشى مع أهدافها للاقتصاد المحلي، حتى لو تراجع الزخم السابق في عمليات الاستحواذ العالمية.
تعتمد خطة تنويع الاقتصاد الحكومية أيضًا على الشراكات العالمية. حتى خلال زيارة دونالد ترامب الأخيرة، امتلأت قاعة في الرياض بالمديرين التنفيذيين الأمريكيين الذين تحدثوا عن الفرص التي يرونها في إطار “رؤية 2030”.
وقد وقّع صندوق الاستثمارات العامة صفقات مع “بلاك روك” و”فرانكلين تمبلتون” وغيرهما — لكن هذه الصفقات ركزت على بناء الأسواق المالية السعودية، لا على الاستثمار في الخارج.
في المقابل، تحقق الإمارات وقطر إيرادات بمليارات الدولارات تفوق قدرتها على الإنفاق محليًا، ما يضطرها للبحث عن استثمارات في الخارج.
ونتيجة لذلك، بدأ بعض الاهتمام يتحول إلى لاعبين خليجيين آخرين.
تطرح قطر حوافز لتضع نفسها كمركز مالي. ويحذر المديرون التنفيذيون من أن الدوحة أمامها طريق طويل، لكنها نجحت في استقطاب شركات مثل “أشمور غروب” المتخصصة في الأسواق الناشئة، و”بلاك روك جلوبال إنفراستركتشر بارتنرز”.
بدعم من صندوق ثروة سيادية بقيمة 1.7 تريليون دولار وسعر تعادل نفطي أدنى بكثير من السعودية، تتحرك أبوظبي بسرعة أكبر.
بدأت البنوك العالمية وصناديق التحوط في فتح قواعد لها في حيها المالي، مستفيدةً من تدفقات الصفقات في قطاعات متنوعة من البنية التحتية إلى الذكاء الاصطناعي.
وقال روبرت موجيلنيكي، الباحث المقيم البارز في معهد دول الخليج العربية في واشنطن: “على الحكومة السعودية أن توازن بعناية بين مخاوف واحتياجات المواطنين المحليين والمصالح الأجنبية”.
وأضاف: “يمكن للإماراتيين والقطريين من الناحية الواقعية تقديم حوافز أكثر جاذبية للشركات الأمريكية والعالمية على مدى زمني أطول”.
تتسابق البنوك السعودية لإصدار ديون محفوفة بالمخاطر فيما تواجه المملكة مطالب إنفاق هائلة.
بنوك مثل “الراجحي” و”البنك السعودي الفرنسي” باعت سندات “الشريحة الأولى الإضافية” (AT1) بأكثر من 5.6 مليارات دولار حتى الآن هذا العام — وهو بالفعل رقم قياسي سنوي للمملكة — إذ تسعى البنوك لتحرير رؤوس أموال لمشاريع ضخمة.
وبهذا، أصبحت السعودية ثاني أكبر مصدر عالمي لسندات AT1 بالعملات الرئيسية في 2025، وفقًا لبيانات بلومبرغ.
جمعت الشركات السعودية نحو 3 مليارات دولار من مبيعات الأسهم الجديدة هذا العام، ما يجعلها واحدة من أكثر أسواق الاكتتاب الأولي سخونةً في العالم.
لكن سلسلة من العقبات الأخيرة تهدد بإطفاء بريق تلك الطفرة، وفقًا لتقرير زميلتي لورا غاردنر كوستا.
سجلت شركة “يونايتد كارتون إندستريز” أداءً ضعيفًا عند الإدراج — وهو أمر نادر في المنطقة — فيما دفعت الأرباح المخيبة للآمال أسهمها للهبوط بنسبة تقارب 20% عن سعر الطرح.
وفي الوقت ذاته، سجل الاكتتاب العام لشركة “سبيشالايزد ميديكال” أدنى معدل اكتتاب بين الإدراجات السعودية الأخيرة، وقد طغى عليه قرار الشركة باسترداد توزيعات أرباح مدفوعة مؤخرًا، ما أعاد ترتيب دفتر أوامر المؤسسات.
تأتي هذه التعثرات في وقت أنهى فيه السوق السعودي تداولات مايو كأسوأ أداء عالميًا، متأثرًا بتراجع أسعار النفط ومخاوف بشأن تباطؤ الإنفاق على المشاريع الكبرى.
انخفض مؤشر “تداول” بنسبة 9% هذا العام، على الرغم من تحقيقه مكاسب طفيفة في يونيو.