
كتبت: إسراء عبدالله
المصدر: فايننشال تايمز
أثار مشروع “القبة الذهبية” الصاروخية الذي أطلقه دونالد ترامب معركة ضغط قوية بين شركات التكنولوجيا الكبرى في وادي السيليكون ومجموعات الدفاع الأميركية التقليدية، في صراع على حصة من هذا المشروع الطموح البالغ قيمته 175 مليار دولار.
الدعوة الصريحة من إدارة ترامب لـ”مقاولين غير تقليديين” حفزت المنافسة على تصميم النظام الدفاعي التجريبي، ما وضع عمالقة مثل لوكهيد مارتن ونورثروب غرومان في مواجهة مع مجموعات تكنولوجية تسعى لاقتناص جزء أكبر من تمويلات البنتاغون.
مع انخراط قادة التكنولوجيا مثل بيتر ثيل وإيلون ماسك، يبقى السؤال: هل تملك شركات وادي السيليكون فعليًا القدرة الدفاعية الكافية لاختراق مجمع الصناعات العسكرية الراسخ منذ عقود؟
قال جون كلارك، رئيس التكنولوجيا والابتكار الاستراتيجي في لوكهيد مارتن، إحدى شركات الدفاع الكبرى التي ساعدت في تأسيس وادي السيليكون منذ عقود: “أقدر روح المبادرة والجرأة التي يتمتع بها بعض هؤلاء الوافدين الجدد… لكن في نهاية اليوم، علينا التأكد أن هذا النظام يعمل فعلًا”.
أما السياسة فهي أصبحت معقدة أيضًا: إذ كانت شركة SpaceX (من أكبر المتعاقدين مع البنتاغون) تستعد لتكون من كبار المستفيدين من المشروع، لكن دورها بات موضع تساؤل بعد خلاف علني بين ماسك وترامب.
مع ذلك، من المتوقع أن تتقدم عشرات الشركات التكنولوجية الأخرى، بما فيها مايكروسوفت وشركة Palantir (المملوكة لبيتر ثيل)، بالإضافة إلى جميع شركات الدفاع الكبرى التقليدية، بعروضها.
تخطط وكالة الدفاع الصاروخي لمنح عقود مدتها 10 سنوات بإجمالي 151 مليار دولار في عملية مفتوحة وتنافسية، ما يضمن فرصًا وافرة للمنافسين الجدد والقدامى على حد سواء. وقد تلقت الوكالة أكثر من 500 رد على طلب المعلومات الذي أصدرته.
عقدت نورثروب غرومان الأسبوع الماضي اجتماعًا لجميع موظفيها لمناقشة مشروع القبة الذهبية، الذي وصفه روبرت فليمنغ، رئيس قسم الفضاء بالشركة، بأنه “تحولي” للصناعة، وأكد أنهم يتوقعون المشاركة في كل طبقة من المشروع.
وتعرض شركات مثل نورثروب ولوكهيد سجلها الحافل بتقديم تقنيات مثبتة وجاهزة للمعارك وبالحجم الذي ينشده ترامب.
يستلهم مشروع القبة الذهبية فكرته من “القبة الحديدية” الإسرائيلية، ويهدف إلى بناء درع صاروخي قائم على الفضاء لحماية الولايات المتحدة من تهديدات متقدمة من دول مثل روسيا والصين.
سيشمل النظام مجسات تلتقط صورة لحظية للعالم بأسره، واعتراضات فضائية مثل “الليزر غير الحركي” الذي يمكنه تدمير الصاروخ بعد ثوانٍ من إطلاقه، ونماذج ذكاء اصطناعي توليدي لتحليل البيانات المعقدة.
رغم أن المشروع يستهدف التصدي للأجيال الجديدة من الصواريخ الباليستية وفرط الصوتية، يرى النقاد أنه غير ضروري ومكلف ويهدد بإشعال سباق تسلح.
كما أن عناصر رئيسية من التكنولوجيا ما تزال قيد التطوير أو لم تثبت فعاليتها في المعارك.
شهدت شركات الدفاع التكنولوجي الناشئة طفرة في عددها وتمويلها في السنوات الأخيرة، في ظل الحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط، والتوترات الجيوسياسية بين أميركا والصين التي أبرزت أهمية التكنولوجيا الحديثة للأمن القومي.
وترى وزارة الدفاع الأميركية أن هذه الشركات “حيوية لصياغة مستقبل الدفاع الصاروخي”، بسبب سرعة تطوير الذكاء الاصطناعي وانخفاض تكلفة الابتكار التجاري مقارنة بشركات الدفاع التقليدية.
لكن الشركات التقليدية ما تزال تهيمن على القطاع وتملك خبرة أكبر بكثير في صناعة أسلحة وتقنيات مستخدمة فعلًا في الحروب.
وشدد فليمنغ من نورثروب على أهمية التمييز بين “القدرات” و”الطموحات”.
قال إدوارد أبو، نائب الرئيس التنفيذي للتكنولوجيا في C3 AI، إن القبة الذهبية ستحتاج إلى مزيج من الأجهزة والبرمجيات “يتطلب دمج البيانات ونماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي والتنبؤي على نطاق واسع”.
وأضاف: “المدّ يتغير بسرعة. الآن نرى الحكومة تُفضل البرامج الجاهزة من القطاع التجاري”.
تعاونت SpaceX التابعة لماسك وPalantir التابعة لثيل مع الحكومة الأميركية على مدى عقدين تقريبًا.
لكنهم يواجهون الآن منافسة من الوافدين الجدد مثل Anduril وC3 AI وEpirus وSaronic وScaleAI وShieldAI وTrue Anomaly، التي تجاوزت قيمة كل منها مليار دولار.
قال مايك براون، المدير السابق لوحدة الابتكار الدفاعي بالبنتاغون وشريك حالي في شركة Shield Capital: “الإدارة الحالية تُسرّع بشكل كبير طريقة شراء التكنولوجيا التجارية”.
كما كثفت شركات التكنولوجيا الاستهلاكية مثل مايكروسوفت وجوجل وOpenAI عروضها السحابية والذكاء الاصطناعي للدفاع الأميركي.