
كتبت: سهام إبراهيم علي حسن
في ظل واقع إقليمي متداخل يشهد تحولات متسارعة، شكّل اللقاء الأخير بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ووزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي محطة لافتة في مسار العلاقات بين القاهرة وطهران، حاملاً مؤشرات على تقارب محسوب يتجاوز البروتوكول إلى بحث ملفات استراتيجية تمسّ الأمن الإقليمي والدولي.
لقاء رابع خلال 10 أشهر.. ومؤشرات على تطور العلاقات
عراقجي وصف لقاءه مع الرئيس السيسي – الذي عُقد يوم الإثنين – بأنه “عملي بامتياز”، مشيرًا إلى أنه يُعد اللقاء الرابع بينهما في أقل من عام، ما يعكس خصوصية العلاقة بين البلدين.
وقال في تصريحات لـ”القاهرة الإخبارية” إن مصر الدولة الوحيدة التي التقى رئيسها بهذا التواتر، مؤكدًا وجود إرادة مشتركة لتعزيز التعاون الثنائي والإقليمي.
قضايا إقليمية ودولية على الطاولة
اللقاء تناول ملفات عديدة، على رأسها تطورات القضية الفلسطينية، والوضع في غزة والضفة الغربية، والأزمة اليمنية والسورية، إضافة إلى مفاوضات إيران النووية مع الولايات المتحدة.
ولفت عراقجي إلى وجود توافقات في الرؤية بين البلدين، مؤكدًا الاتفاق على تفعيل آلية مشاورات سياسية منتظمة بين مساعدي وزيري الخارجية لمناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك.
دفع للعلاقات الاقتصادية والسياحية
وعلى الصعيد الثنائي، أكد عراقجي التوصل إلى اتفاقات لتعزيز التبادل التجاري بين مصر وإيران رغم العقوبات المفروضة على طهران، موضحًا إمكانية استخدام آليات قانونية لذلك.
كما تم الاتفاق على تنشيط السياحة بين البلدين، عبر تبادل الزيارات الشعبية وزيادة مستوى التعاون في هذا القطاع الحيوي.
تبادل السفراء.. مسألة وقت
وحول مسألة رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي، أوضح عراقجي أن تبادل السفراء بين البلدين “مسألة وقت”، مشددًا على وجود إرادة سياسية واضحة لدى القيادتين في القاهرة وطهران لتعميق العلاقات على أسس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.
البحر الأحمر وغزة.. علاقة متشابكة
وفيما يخص أمن الملاحة في البحر الأحمر، اعتبر وزير الخارجية الإيراني أن ما يحدث هناك مرتبط مباشرة بتطورات الأوضاع في غزة، مشيرًا إلى أن الهجمات توقفت مؤقتًا مع بروز بوادر اتفاق لوقف إطلاق النار.
وأكد أن جماعة “أنصار الله” اليمنية تتخذ قراراتها بشكل مستقل، رغم علاقاتها الوثيقة بطهران، وأن إيران توصيها بعدم استهداف السفن إلا تلك المرتبطة بإسرائيل.
الملف النووي الإيراني.. ودور القاهرة
كما كشف عراقجي عن لقاء ثلاثي جمعه بمدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل جروسي ووزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، ناقشوا فيه مستقبل المفاوضات النووية.
وانتقد عراقجي “تسييس” بعض تقارير الوكالة، داعيًا إلى احترام الطابع الفني والتقني لأعمالها. وأعرب عن تقديره للدور المصري الداعم للمسار الدبلوماسي، إلى جانب الوساطة العمانية في المحادثات غير المباشرة مع واشنطن.
رسالة طهران: لا تنازل عن التخصيب.. ولا نية لتطوير السلاح النووي
وأكد الوزير الإيراني أن بلاده لن تتنازل عن حقها في تخصيب اليورانيوم، واصفًا ذلك بالإنجاز الوطني الذي تحقق بجهود علمائها.
وأعاد التأكيد على التزام إيران بفتوى المرشد الأعلى بتحريم إنتاج السلاح النووي، وعضويتها في معاهدة حظر الانتشار، معتبرًا أن أي اتفاق مستقبلي يتطلب تخلي واشنطن عن مطالبها “غير الواقعية”.
تأييد الجهود المصرية القطرية بشأن غزة
وفي ختام تصريحاته، شدد عراقجي على دعم بلاده الكامل للجهود المصرية والقطرية المبذولة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، مؤكدًا استمرار التشاور الإقليمي من أجل تحقيق حل عادل للقضية الفلسطينية.