
كتبت: إسراء عبدالله
المصدر: نيويورك تايمز
على مدار أكثر من 18 شهرًا من الحرب في غزة، واجهت إسرائيل انتقادات شديدة من قادة دوليين ومنظمات إغاثية، لكنها نادرًا ما تعرضت لإدانة علنية مستمرة أو تبعات ملموسة من أقرب حلفائها.
حتى الآن!!
ففي الأسابيع الأخيرة، أصبح شركاء مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا أكثر استعدادًا لممارسة ضغوط علنية على إسرائيل، وبلغت تلك الضغوط ذروتها في تصريح الرئيس ترمب يوم الأحد، الذي دعا فيه إلى إنهاء الحرب.
قال ترمب للصحفيين في نيوجيرسي، قبيل صعوده إلى طائرة الرئاسة: “نتحدث مع إسرائيل، ونريد أن نرى إن كان بإمكاننا إنهاء هذا الوضع بأسرع وقت ممكن”.
تتعارض هذه التصريحات مع الموقف العلني الذي تبناه ترمب عند توليه منصبه في يناير، حين ألقى اللوم على حماس لا على إسرائيل في استمرار الحرب.
وكان حريصًا أيضًا على إظهار جبهة موحدة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
جاءت تعليقات ترمب الأخيرة بعد تحرك منسق من بريطانيا وكندا وفرنسا لانتقاد قرار إسرائيل بتوسيع عملياتها في غزة.
وفي بيان مشترك الأسبوع الماضي، قالت الدول الثلاث – التي دعمت عموماً حق إسرائيل في الرد على هجوم حماس في أكتوبر 2023 – إن التوسع “غير متناسب تمامًا” كما حذرت جميعها من تبعات ملموسة إذا لم تغير إسرائيل مسارها.
وقد أوقفت بريطانيا منذ ذلك الحين مفاوضات تجارية مع إسرائيل، وفرضت عقوبات على متطرفين إسرائيليين يقودون جهود تهجير الفلسطينيين من أراضي الضفة الغربية المحتلة – وهي من أقوى التحركات ضد المصالح الإسرائيلية منذ أن تخلت بريطانيا العام الماضي عن معارضتها لمذكرة توقيف صدرت بحق نتنياهو.
وفي سياق منفصل، تنظم فرنسا مؤتمرًا سيعقد في يونيو، بالشراكة مع السعودية، لبحث إنشاء دولة فلسطينية – وهو أمر تعهد نتنياهو بمقاومته.
ورغم ذلك، لا تزال هذه الدول تدعم إسرائيل بطرق عملية عديدة، لا سيما من خلال الشراكات العسكرية والاقتصادية والاستخباراتية.
تواصل الولايات المتحدة تزويد إسرائيل بمليارات الدولارات من المساعدات العسكرية، ما يساعد في استمرار العمليات العسكرية في غزة.
وزارت وزيرة الأمن الداخلي الأميركية كريستي نويم إسرائيل يومي الأحد والإثنين، والتقت بنتنياهو وقادة آخرين، وحضرت مراسم تأبين لموظفين اثنين في السفارة الإسرائيلية قُتلا في هجوم في واشنطن الأسبوع الماضي.
وساعدت بريطانيا وفرنسا في حماية إسرائيل العام الماضي من وابل ضخم من الصواريخ الباليستية الإيرانية، ومن المرجح أن تكررا ذلك إن لزم الأمر.
كما لا تزال تلك الدول حذرة، وأحيانًا تنتقد تحركات بعض الدول الأخرى ضد إسرائيل، بما في ذلك الدفع بتهم الإبادة الجماعية.
لكن التغير في نبرة الرسائل، إلى جانب بعض الإجراءات العملية المحدودة ضد مصالح إسرائيل، يشير إلى أن أقرب شركاء إسرائيل بدأوا يفقدون صبرهم مع نتنياهو.
حتى الآن، تبدو إسرائيل غير متأثرة. وردًا على التهديدات الأوروبية، قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر إن بلاده ستتخذ “إجراءات أحادية” إن استمرت تلك الدول في خطواتها.
في غزة، واصلت القوات الإسرائيلية تقدمها، وقال مسؤولون إن الجيش يسيطر الآن على نحو 40% من الأراضي.
واستهدفت القوات الجوية الإسرائيلية أهدافًا في غزة يوم الإثنين، من بينها مدرسة تحولت إلى ملجأ، وقالت إسرائيل إنها كانت تُستخدم من قبل مسلحين.
وعلى الرغم من أن إسرائيل أنهت حصارًا غذائيًا استمر 80 يومًا، وسمحت بدخول بعض المساعدات إلى القطاع في الأيام الأخيرة، فإن جزءًا كبيرًا منها لم يصل بعد إلى المحتاجين، بحسب منظمات الإغاثة.
وتواصل إسرائيل أيضًا المضي قدمًا في خطة مثيرة للجدل لإعادة تنظيم توزيع الغذاء في غزة، يقول منتقدون إنها ستُسرّع من تهجير السكان من شمال القطاع إلى جنوبه.
وقد ظل نتنياهو متحديًا، واتهم بريطانيا وكندا وفرنسا بـ”تشجيع حماس”.
وفي خطاب ألقاه الأسبوع الماضي، خاطب قادة تلك الدول قائلاً: “أنتم تقفون في الجانب الخاطئ من الإنسانية، وفي الجانب الخاطئ من التاريخ”.
داخليًا، يُنظر إلى هذه التحركات على أنها خطوة نحو العزلة الدبلوماسية.
كتب إيتامار آيشنر، المراسل الدبلوماسي في صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية الوسطية، الأسبوع الماضي: “بعد 593 يومًا من الحرب، وصلت إسرائيل إلى الحضيض دبلوماسيًا: بعض من أهم أصدقائها في العالم – بريطانيا وفرنسا وكندا – أخذوا على عاتقهم إصدار بيان يهدد إسرائيل بفرض عقوبات إذا واصلت الحرب في غزة”.
وأضاف: “لم يسبق أن صدر بيان كهذا ضد إسرائيل، محولاً إياها إلى دولة منبوذة.
والأمر الأكثر إثارة للقلق: أن الولايات المتحدة، التي لطالما وقفت إلى جانب إسرائيل، التزمت الصمت”.