تقاريرسياسة

لاستمالة الرئيس الأمريكي؟ هكذا وُلدت فكرة برج ترامب في دمشق

اخبار نيوز بالعربي

كتبت: إسراء عبدالله
المصدر: الغارديان

خمسة وأربعون طابقًا، بتكلفة محتملة تبلغ 200 مليون دولار (150 مليون جنيه إسترليني)، واسم “ترامب” مكتوب بالذهب على التاج — هذا هو برج ترامب دمشق، نصب لامع مُعدّ لإعادة سوريا التي مزقتها الحرب إلى الساحة الدولية.

وكما توحي الكتابة الذهبية، فقد صُمم المبنى البراق لجذب الانتباه — تحديدًا انتباه رئيس الولايات المتحدة.

قال وليد محمد الزعبي، رئيس مجلس إدارة مجموعة تايغر، التي تتخذ من الإمارات مقرًا لها وتُقدّر قيمتها بـ5 مليارات دولار، والتي تتولى تطوير برج ترامب دمشق:

“هذا المشروع هو رسالتنا — أن هذا البلد الذي عانى كثيرًا، وشعبه أُنهك على مدار سنوات طويلة، خصوصًا في الـ15 سنة الأخيرة من الحرب، يستحق أن يخطو خطوة نحو السلام”.

اقتُرح بناء البرج في إطار محاولة لجذب انتباه الرئيس الأميركي، بينما كانت الحكومة السورية الجديدة تسعى إلى رفع العقوبات الأميركية وتطبيع العلاقات مع واشنطن.

جاء ذلك إلى جانب عرض قدّمته سوريا لتوفير وصول الولايات المتحدة إلى النفط السوري، وفرص استثمارية، فضلًا عن ضمانات لأمن إسرائيل.

كانت سوريا خاضعة للعقوبات الأميركية منذ عام 1979، والتي اشتدت بعد حملة القمع الدموية التي شنّها الرئيس السوري آنذاك، بشار الأسد، ضد المتظاهرين السلميين عام 2011.

ورغم الإطاحة بالأسد في ديسمبر على يد قوات المعارضة، فإن الولايات المتحدة أبقت على العقوبات، نظرًا لقلقها من الحكومة الجديدة التي يقودها الإسلاميون.

لكن المقترح السوري، إلى جانب ضغط من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، نجح.

فقد أعلن ترامب الأسبوع الماضي عن رفع جميع العقوبات الأميركية عن سوريا، والتقى الرئيس السوري الجديد أحمد الشراع، واصفًا إياه بأنه “رجل جذاب” و”صلب”.

ومع رفع العقوبات وتعزيز العلاقات مع واشنطن، يمكن لبرج ترامب أن ينتقل من الورق إلى الواقع.

يتوجه الزعبي هذا الأسبوع إلى دمشق للتقدم رسميًا بطلب الحصول على تراخيص البناء لناطحة السحاب.

قال الزعبي: “نحن ندرس عدة مواقع. نقترح بناء 45 طابقًا، قابلة للزيادة أو النقصان حسب التخطيط”.

وأضاف أن تكلفة بناء البرج التجاري ستتراوح بين 100 إلى 200 مليون دولار.

بعد حصوله على الترخيص، سيتعين على الزعبي التقدم بطلب إلى شركة ترامب للحصول على حقوق الامتياز التجاري.

وتُظهر صور شاركها مع صحيفة الغارديان نموذجًا أوليًا للمبنى دون شعار ترامب، إذ لا تزال حقوق العلامة التجارية قيد التفاوض.

وقدّر أن عملية البناء ستستغرق ثلاث سنوات بعد الحصول على الموافقات القانونية من الحكومة السورية والحقوق من مؤسسة ترامب التجارية.

ومع ذلك، لا تزال هناك عقبات، إذ إن عملية رفع العقوبات لم تتضح بعد، كما أن الاقتصاد السوري المنهار والبيئة السياسية الهشة قد يعقدان تنفيذ المشروع.

الزعبي، رجل أعمال سوري-إماراتي، يعمل معه أحد قادة مشروع برج ترامب إسطنبول، وسبق أن أنجز 270 مشروعًا في الشرق الأوسط.

حاليًا، يشيد “تايغر سكاي تاور” في دبي، وهو مشروع بقيمة مليار دولار يزعم أنه يحتوي على “أعلى مسبح لامتناهٍ في العالم”.

كما التقى بالرئيس الشراع في يناير، قبل توليه الرئاسة.

وُلدت فكرة برج ترامب دمشق في ديسمبر، بعد أن طرح عضو الكونغرس الجمهوري الأميركي جو ويلسون الفكرة في خطاب أمام الكونغرس.

قال رضوان زيادة، الكاتب السوري المقرب من الرئيس السوري، والذي تقدم إلى الزعبي بالفكرة: “الفكرة الأساسية كانت جذب انتباه الرئيس ترامب”.

ومنذ ذلك الحين، بدأ الاثنان العمل على المشروع.

كانت هذه الخطوة جزءًا من حملة جذب متعددة المحاور تهدف إلى وضع سوريا على جدول أعمال ترامب.

فالرئيس لم يدلِ بتصريحات كثيرة عن سوريا منذ توليه المنصب، وكان الطريق لرفع العقوبات — الذي تشرف عليه وزارة الخارجية — يبدو طويلًا.

استضاف الرئيس السوري رجال أعمال أميركيين وأعضاء في الكونغرس في دمشق، حيث قاموا بجولات في سجون تعود لعهد الأسد، وزاروا قرى مسيحية حول العاصمة.

في الوقت نفسه، التقى وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، بزعماء دينيين مقربين من إدارة ترامب خلال زيارته للأمم المتحدة في نيويورك.

ومع استمرار الدبلوماسية، بدا أن برج ترامب وسيلة فعالة لجذب الرئيس المعروف بذوقه غير التقليدي، وغموض الخط الفاصل بين أعماله العائلية ومناصبه السياسية — خاصة في الشرق الأوسط، حيث سبق أن تلقى طائرة فاخرة من قطر.

في أوائل أبريل، عرض زيادة النموذج الأولي للبرج على الشيباني، الذي أعرب عن “حماس كبير” له.

كما قدمه للسفير السعودي في دمشق، على أمل أن يصل إلى فريق ترامب عبر الرياض.

قال زيادة: “هكذا تكسب عقله وقلبه” وازداد ثقته في استراتيجيته بعد أن نشر ترامب مقطع فيديو في فبراير يُظهر برج ترامب في غزة، كجزء من مقترح مثير للجدل يقضي فعليًا بترحيل الفلسطينيين وبناء ريفييرا فاخرة في القطاع.

وبعيدًا عن كسب العقول والقلوب في الولايات المتحدة، يأمل السوريون أن يُسهم مشروع عقاري كبير مثل برج ترامب في جذب المزيد من الاستثمارات الدولية إلى سوريا.

فما تحتاجه سوريا اليوم ليس مشاريع فاخرة فقط، بل استثمارات ضخمة في البنية التحتية والخدمات الأساسية.

وتُقدّر الأمم المتحدة أن 90% من السوريين يعيشون في فقر، ويقضون معظم يومهم من دون كهرباء أو رعاية صحية مناسبة.

شارك الزعبي صورة تُظهر أفق دمشق، حيث استُبدل انفجار بناطحة سحاب أنيقة من الزجاج والفولاذ.

وقال الزعبي: “المشروع يدور حول كيف تتحول الدولة التي مزقتها الحرب إلى مكانٍ للنور والجمال… إنه رمز يساهم في الأمن والسلام”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى