
كتبت: إسراء عبدالله
المصدر: إيتمار أيخنر |يديعوت احرونوت.
ترامب لا ينتظر نتنياهو: إذا كان التقرير الذي نُشر مساء أمس (الخميس) في وكالة رويترز للأنباء صحيحًا، وأن إدارة ترامب لم تعد تربط التطبيع بين السعودية وإسرائيل كشرط للتقدم في المحادثات حول البرنامج النووي المدني للرياض، فهذا دليل على أن الرئيس الأمريكي “يرمي اسرائيل تحت عجلات الحافلة”.
لم يأتِ التقرير من فراغ.
إنها حلقة أخرى في سلسلة من الخطوات الأمريكية التي فاجأت إسرائيل مؤخرًا: المفاوضات مع إيران حول برنامجها النووي؛ الإعلان عن الاتفاق الأمريكي مع الحوثيين في اليمن، الذي علمت به إسرائيل من وسائل الإعلام؛ تجاوز إسرائيل خلال الرحلة المقبلة لترامب في الشرق الأوسط؛ العلاقات الدافئة مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تحت أنف إسرائيل؛ التهديد بفرض رسوم جمركية بنسبة 17% على إسرائيل (التي تبلغ حاليًا “فقط” 10%)؛ والنية الأمريكية للانسحاب من سوريا.
يبدو أن ترامب ببساطة قد سئم من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وإدارته تعبت من الرفض الإسرائيلي للعمل وفقًا للرؤية والخطوات التي تقودها في الشرق الأوسط. بحسب شعورهم، إسرائيل تضع عقبات كثيرة في طريق فوز ترامب بجائزة نوبل للسلام.
في هذا السياق، قبل وصول ترامب إلى الشرق الأوسط الأسبوع المقبل، هناك نشاط أمريكي مكثف حول قضية المختطفين – بهدف التوصل إلى صفقة.
وراء الكواليس،
تبذل الوساطات جهودًا، لتحقيق إنجازات في هذا الملف. تبعث مصادر أمريكية تفاؤلًا بأن “الأمر ممكن”، وفي إسرائيل لا يُلاحظ أي تحرك من جانب حماس – لكنهم أيضًا لا يستبعدون حدوث “مفاجأة” بقيادة أمريكية.
قالت مصادر مطلعة على التفاصيل إن تجميد التطبيع مع السعودية أصبح منذ فترة طويلة “سرًا مكشوفًا”.
كانت هناك فترات منح فيها نتنياهو الوزير للشؤون الاستراتيجية رون درمر، المقرب منه جدًا، موافقات على صيغ وخيارات للتقدم، لكن الأمر لم يعد ذا صلة طالما استمرت الحرب في قطاع غزة.
الأمريكيون يفهمون أن إسرائيل عقبة، والرسالة هي أن الولايات المتحدة تتقدم مع السعودية – بغض النظر عن الموقف الإسرائيلي.
هناك رسالة واضحة للقدس – نحن لا ننتظركم، وقيدودكم محدودة.
قضية البرنامج النووي المدني السعودي معقدة للغاية، والمصادر المطلعة غير مقتنعة بوجود اتفاقيات حقيقية بين الولايات المتحدة والسعودية في هذا الشأن، وأن واشنطن لم تقرر بعد ما إذا كانت تريد عقد تحالف دفاعي مع الرياض.
كما تقول المصادر إنه لا يمكن النظر إلى الحالة السعودية بمعزل عن المفاوضات التي تديرها الولايات المتحدة مع إيران حول برنامجها النووي.
إذا كانت الولايات المتحدة تتبع خطًا صارمًا تجاه طهران وتطالب بتفكيك أجهزة الطرد المركزي لديها – فلا يمكنها السماح للسعودية بتخصيب اليورانيوم على أراضيها، والعكس صحيح.
من ناحية أخرى، هناك تقدم كبير في مفاوضات الولايات المتحدة مع السعودية حول صفقات أسلحة ضخمة.
هنا أيضًا، إسرائيل لم تعد عاملًا مؤثرًا.
إلى جانب ذلك، يطرح سؤال آخر: إذا كان الأمريكيون يمنحون السعوديين ما منحوه للإمارات، فمن الناحية النظرية لا يوجد هنا خرق للاتفاقيات.
جدير بالذكر، قبل نهاية ولاية الرئيس السابق جورج دبليو بوش، تم توقيع اتفاق يحدد التعاون بين الإمارات والولايات المتحدة، والذي بموجبه مُنحت واشنطن الحق في بيع الوقود النووي المنتج في الإمارات.
في المقابل، كان على الإمارات التخلي عن حقها في تخصيب اليورانيوم، لصالح برنامجها النووي المدني.
الخطر المتمثل في وجود “دورة وقود نووي” لدى السعوديين واضح. إذا تمكنوا من إنتاج هذا الوقود، الذي يمكن استخدامه أيضًا لأغراض عسكرية، فهذا يشكل تهديدًا محتملًا لإسرائيل.
لكن لكي يمنح الأمريكيون السعوديين “دورة وقود” كاملة – يجب أن يحصل ذلك على موافقة الكونجرس – ومن غير المؤكد أنه سيسمح بذلك.
يجب توضيح أن هناك صراعات قوى داخلية في الولايات المتحدة حول هذا الأمر، وقد تكون هذة مجرد “فرقعة” أخرى يطلقها ترامب لاختبار ردود الفعل في محيطه.
من رد فعل السناتور ليندسي جراهام يمكن فهم أن البرنامج النووي المدني للسعودية بدون تطبيع هو على الأرجح مسألة غير مغلقة.
السناتور، الذي يُعتبر مؤيدًا قويًا لإسرائيل، جعل التطبيع بين السعودية وإسرائيل إرثًا له – وقد وقف على رجليه الخلفيتين ووضح: “لن أدعم أبدًا اتفاق دفاع مع السعوديين أو أي عناصر أخرى من صفقة مقترحة لا تتضمن تطبيع العلاقات مع إسرائيل كجزء من الحزمة.
التطبيع بين السعودية وإسرائيل عنصر حيوي”.
إسرائيل لم تضع موقفًا رسميًا حيال قضية البرنامج النووي للسعودية.
نوقش الأمر في إسرائيل قبل 7 أكتوبر، لكن المحادثات لم تكن متقدمة وكانت الإدارة الأمريكية آنذاك بقيادة الرئيس السابق جو بايدن.
على أي حال، في إسرائيل هناك قلق من أن الأمريكيين “يفتحون الباب” للنووي ليس فقط مع إيران، بل أيضًا مع السعودية، وأنهم يتحدثون معهم عن موافقة محتملة على التخصيب.
من وجهة النظر الإسرائيلية، تخصيب الوقود النووي على الأراضي السعودية مشكلة كبيرة.
في إسرائيل يقولون إنه “من الخطير منح الدول القدرة على الوصول إلى المواد الانشطارية بأنفسها”. في المقابل، هناك حلول أخرى مثل التخصيب في دولة ثالثة وتفتيش أمريكي.
تناول زعيم المعارضة يائير لبيد تقرير رويترز سابقًا، وقال: “منذ سنوات أحذر من صفقة سعودية تشمل تخصيب اليورانيوم.
من غير المعقول أن نتنياهو يصمت بينما تُحاك صفقة ستؤدي إلى سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط وقد تتسبب في وقوع قدرات نووية في الأيدي الخطأ”.
قال مصدر مطلع على العلاقات الإسرائيلية الأمريكية إنه من الواضح بالفعل أن تصريحات نتنياهو بأن “لا فجوة بين إسرائيل وأمريكا” لا تعكس الواقع.
الدولة الإسرائيلية الرسمية تحافظ على الصمت حتى الآن، كما فعلت بعد إعلان ترامب عن الاتفاق مع الحوثيين.
يبدو الآن أن العلاقات بين إسرائيل وأمريكا تخرج عن السيطرة. إخفاقات درمر تتراكم – وهو لا يعير اهتماما لأحدًا.