د. جيهان شمس لـ “نيوز بالعربي”: التسويق ليس تقليديًا أو رقميًا، بل هو منظومة متكاملة
د. جيهان شمس لـ "نيوز بالعربي": التسويق ليس تقليديًا أو رقميًا، بل هو منظومة متكاملة

إدارة الحوار/ عبدالرحمن فتحي عبدالنعيم
في حوار حصري مع “نيوز بالعربي”، تفتح د. جيهان شمس، الاستشارية والمدربة المتميزة في مجال التسويق، أبواب تجربتها الثرية وتشاركنا رؤاها حول عالم التسويق المتجدد.
من بداياتها في مصنع للملابس إلى بناء شركتها الخاصة، مرورا بتحديات ومهارات التسويق، تكشف لنا عن أهمية دمج الاستراتيجيات التسويقية التقليدية والرقمية لتحقيق أفضل النتائج، كما تقدم نصائح ثمينة لأصحاب المشاريع الناشئة، لتساعدهم في تحقيق النجاح والتوسع في السوق المتغير بسرعة.

1- في البداية، هل يمكنكِ أن تعطينا نبذة مختصرة عن نفسكِ وخبرتكِ في مجال عملكِ؟
اسمي جيهان شمس، بدأت مسيرتي المهنية كعاملة في مصنع ملابس، ثم طورت نفسي تدريجيًا حتى شغلت مناصب كمديرة تسويق ومديرة مبيعات في عدة شركات، ومع مرور الوقت، أصبحت مدربة واستشارية في مجال التسويق، وحاليًا أدير شركتي الخاصة، والحمد لله.
2- كيف بدأتِ رحلتكِ في عالم التسويق، وما الذي جذبكِ إلى هذا المجال تحديدًا؟
بدأت رحلتي في مجال التسويق عندما عملت كسكرتيرة في إحدى الشركات، وكان لدي شغف بالتعلم، فكنت أرافق مدير التسويق والمبيعات كثيرًا لاكتساب الخبرة.
وبعدها، التحقت بشركة متخصصة في الاستشارات الإدارية والتسويقية، حيث عملت لمدة عشر سنوات، وتعلمت الكثير على يد أحد أبرز الخبراء هناك.
وما جذبني إلى هذا المجال هو طبيعته الإبداعية، فهو ليس تقليديًا أو متكررًا، ولا مجال فيه للملل، وأنا لا أطيق الروتين والملل أبدًا.
3- ما أبرز التحديات التي واجهتِها في بداية مشواركِ المهني، وكيف تمكنتِ من تجاوزها؟
ربما كان التحدي الأكبر هو ضيق الوقت، حيث كنت أدرس وأعمل في آنٍ واحد، لكن بخلاف ذلك، لم أواجه صعوبات كبيرة والحمد لله.
وعلى العكس تمامًا، عندما قررت دخول مجال التدريب والكورسات وبناء اسمي فيه، وجدت دعمًا كبيرًا من أشخاص مميزين مثل د. إيهاب مسلم، د. أيمن شرف، د. شريف حماد، و أ. أحمد الجمال، الذين قدموا لي الكثير من النصائح والتوجيهات.
وكذلك، عندما لم يكن لدي مكان ثابت للعمل، فتحت لي عدة جهات أبوابها، مثل شركة “بداية” التي يديرها أحمد فخري، والذي كان دائمًا داعمًا لي، وكذلك فريق “مناهج”، الذي قدّم لي كل المساندة الممكنة.

4- بحكم خبرتكِ، ما أهم المهارات التي يجب أن يمتلكها أي شخص يسعى للنجاح في مجال التسويق؟
هناك العديد من المهارات الأساسية، لكن أعتقد أن الأهم بينها هي المرونة، القدرة على التفاوض والإقناع، التخطيط الجيد، والتكيف مع التغيرات السريعة في السوق.
بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يكون الشخص اجتماعيًا، محبًا للإبداع والتعلم المستمر، لأن التسويق مجال متجدد لا يتوقف عند حد معين.
5- في رأيكِ، ما الفرق بين التسويق التقليدي والتسويق الرقمي، وكيف يمكن للشركات دمج النوعين لتحقيق أفضل النتائج؟
في الحقيقة، لا يمكن الفصل بين التسويق التقليدي والتسويق الرقمي وكأنهما مجالان منفصلان، فالتسويق هو منظومة متكاملة، وعند دراسة التسويق، نجد أن الأساس يبدأ بعناصر الـ 4Ps، التي تشمل المنتج بمحتواه، التسعير، التوزيع، والترويج.
والترويج بدوره يشمل الإعلام، الإعلان، المبيعات، وجميع أدوات التسويق الرقمي مثل السوشيال ميديا وغيرها، وكل عنصر من هذه العناصر له أهميته، ولا يمكن اختزال التسويق في المجال الرقمي فقط، بل يجب دمج جميع الأدوات والاستراتيجيات لتحقيق أفضل النتائج وضمان نجاح أي شركة.
6- يشهد السوق تطورات متسارعة، فكيف يمكن للمسوّقين مواكبة هذه التغيرات والبقاء على اطلاع بأحدث التوجهات؟
من وجهة نظري، هناك أساسيات ثابتة في التسويق لن تتغير مهما تطور الزمن، لكن طرق الدعاية والترويج، بالإضافة إلى الأدوات المستخدمة في تحليل البيانات وإجراء الأبحاث التسويقية، تتطور يومًا بعد يوم.
لذلك، من الضروري أن يتخصص كل مسوّق في مجال محدد، مع الإلمام بكل الأدوات والتقنيات الحديثة المرتبطة به، حتى يتمكن من تحقيق أقصى استفادة لشركته وقسمه التسويقي.

7- هل تعتقدين أن الشركات الصغيرة قادرة على منافسة العلامات التجارية الكبرى من خلال استراتيجيات تسويقية فعالة؟ وما النصائح التي يمكن أن تساعدها على تحقيق ذلك؟
أولًا، هناك خلط شائع بين مفهوم “الخطة” و”الاستراتيجية”، فكثير من الناس يطلقون كلمة “استراتيجية” على أي خطة، رغم أن الاستراتيجية هي خطة طويلة المدى تمتد لخمس سنوات أو أكثر.
أما بالنسبة للمنافسة، فأي علامة تجارية قادرة على منافسة أخرى، حتى لو كانت عالمية، بشرط أن تمتلك الموارد اللازمة لشراء الوقت بالمال، بمعنى أنه إذا توفرت ميزانية ضخمة، يمكن للعلامة التجارية الجديدة أن تبرز وتنافس بقوة، كما رأينا في العديد من العلامات التجارية التي تمكنت من تحقيق ذلك خلال فترات قصيرة.
8- من خلال خبرتكِ كمدربة، ما أكثر الأخطاء الشائعة التي يقع فيها المبتدئون في مجال التسويق، وكيف يمكنهم تجنبها؟
من أكثر الأخطاء الشائعة بين المبتدئين:
- الاعتماد على نصف المعلومة والاعتقاد بأنه يملك المعرفة الكاملة، بينما الحقيقة أن الجميع لديهم معلومات ناقصة، لكن الخطأ الأكبر هو عدم إدراك الشخص لقدراته وحدود معرفته.
- التسرع في التقدم دون امتلاك الأساس القوي من الخبرة والعلم، وهذا قد يؤدي إلى الفشل سريعًا.
- استعجال النجاح وتحقيق الأرباح، في حين أن التركيز على تطوير الذات وبناء المعرفة والخبرة هو الطريق الحقيقي للنجاح، وبعدها تأتي الفرص والأرباح بشكل طبيعي.
9- أصبح التسويق يعتمد بشكل متزايد على الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات، فكيف ترين تأثير هذه التقنيات على مستقبل المجال؟
الذكاء الاصطناعي هو أداة مساعدة قوية، وينبغي على الجميع، وليس فقط العاملين في التسويق، أن يتعلموا كيفية استخدام الأدوات المرتبطة بمجالاتهم.
ولكن فكرة أن الذكاء الاصطناعي سيحل محل البشر تمامًا هي مجرد خرافة، فهو لن يلغي دور الإنسان، بل سيغير طبيعة العمل وطريقة التنفيذ، تمامًا كما حدث عند دخول الماكينات إلى الصناعة، حيث لم تُلغِ دور البشر، بل تطورت مهامهم وأساليب عملهم.

10- بحكم عملكِ كاستشارية في التسويق، ما النصائح التي يمكن أن تقدميها لأصحاب الشركات أو المشاريع الناشئة لتحقيق الانتشار والنجاح في السوق؟
لتحقيق النجاح والانتشار، يجب على أصحاب المشاريع اتباع بعض الخطوات الأساسية:
- إجراء بحث شامل عن المنافسين لفهم السوق بشكل أفضل.
- وضع خطة واضحة لفريق العمل لضمان التنفيذ المنظم.
- التركيز على بناء السمعة والحفاظ على الأخلاق المهنية أثناء تحقيق الانتشار.
- المنافسة من خلال الجودة، وليس فقط السعر، لأن خفض الأسعار دون دراسة قد يؤدي إلى خسائر.
- اختيار الموظفين بعناية لضمان كفاءة الفريق.
- الاهتمام بخدمة العملاء، لأنها عامل أساسي في نجاح أي مشروع.
- متابعة تطورات السوق بشكل مستمر لضبط الاستراتيجيات وفقًا للمتغيرات.
11- أخيرًا، هل هناك أي إضافة ترغبين في مشاركتها معنا حول هذا الموضوع أو أي نصيحة عامة لرواد الأعمال والمسوقين؟
نصيحتي لأي شخص يرغب في بدء مشروع أو يدير مشروعًا حاليًا هي أن يكون لديه معرفة حقيقية بالمجال الذي يعمل فيه، فلا تعتمد فقط على امتلاك رأس المال وتبحث عن أكثر المجالات ربحًا حاليًا، لأن أي مجال قد يكون مربحًا أو خاسرًا حسب إدارتك له.
والدليل على ذلك أن هناك مهندسين ناجحين جدًا، بينما هناك آخرون يعانون من قلة الفرص، والفارق هو الفهم العميق والتخصص، لذا ركّز على إتقان مجالك والتميز فيه لتتمكن من الإبداع والنجاح.