تقاريرسياسة

ابن سلمان يحاول تقديم السعودية كوسيط رئيسي في الصراعات العالمية

اخبار نيوز بالعربى

كتبت: إسراء عبدالله
المصدر: إن بي سي نيوز

مع انطلاق جولة جديدة من محادثات السلام بين أوكرانيا والولايات المتحدة هذا الأسبوع، تستعد السعودية لاستضافة قمة رئيسية يوم الثلاثاء تجمع بين وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي يسعى إلى إصلاح علاقاته مع واشنطن بعد المواجهة الحادة التي وقعت في المكتب البيضاوي مع الرئيس دونالد ترامب ونائب الرئيس جي دي فانس.

وتُعد هذه الخطوة إنجازًا جديدًا ضمن استراتيجية القوة الناعمة للمملكة، التي تسعى عن عمد إلى بناء سمعة كوسيط دبلوماسي دولي.

فسواء كان الأمر يتعلق باستضافة مسؤولين أميركيين لمفاوضات تهدف لإنهاء الحرب في أوكرانيا، أو تنظيم محادثات حول مستقبل غزة، أو استقبال ترامب في أول زيارة خارجية له، فقد برزت السعودية في السنوات الأخيرة كلاعب غير متوقع على الساحة الدولية.

قبل أقل من خمس سنوات، وصف المرشح الرئاسي آنذاك جو بايدن المملكة بأنها «منبوذة»، وحتى بعد تنفيذ العديد من الإصلاحات، لا تزال منظمات حقوق الإنسان تصف سجل السعودية بأنه «سيئ للغاية».

ورغم ذلك، فإن المحادثات الجارية في مدينة جدة الساحلية تعكس جهود إعادة تشكيل الصورة التي يقودها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

ولي العهد، المعروف اختصارًا بـ”إم بي إس”، يسعى لتحويل صورة المملكة من دولة ثيوقراطية محافظة غنية بالنفط، والتي تلطخ اسمها بمقتل الصحفي جمال خاشقجي في 2018، إلى قوة إقليمية تعتمد على الدبلوماسية والأعمال والسياحة والترفيه والرياضة.

يقول توماس ليبمان، الباحث في معهد الشرق الأوسط بواشنطن، إن «السعودية أصبحت لاعبًا أكثر وضوحًا وحيوية على الساحة العالمية مما كانت عليه في الماضي»، مضيفًا:

«هذه السعودية الجديدة، أفضل تعليمًا، وأكثر انفتاحًا، وتجربة، مقارنة بالماضي».

إضافة إلى اجتماع زيلينسكي وروبيو، كشف ترامب الأسبوع الماضي أن أول زيارة خارجية له في ولايته الثانية ستكون إلى السعودية، كما كانت في ولايته الأولى.

وذكر أن السعودية وافقت على استثمار تريليون دولار في الشركات الأميركية، مما أثار مجددًا التساؤلات حول طبيعة العلاقات بين الرياض وعائلة ترامب.

العام الماضي، أعرب رون وايدن، الرئيس الديمقراطي السابق للجنة المالية بمجلس الشيوخ الأميركي، عن «قلقه الواضح من تضارب المصالح» بعد استثمار السعودية ملياري دولار في صندوق يديره جاريد كوشنر، صهر ترامب، الذي نفى بدوره وجود أي تضارب.

وطلبت شبكة NBC تعليقًا من البيت الأبيض بشأن هذه المخاوف، لكن «لم يكن هناك يومًا تمييز حاد بين أعمال العائلة وشؤون الدولة في السعودية»، كما يقول إف.

غريغوري غاوس الثالث، الباحث الزائر في معهد الشرق الأوسط. وأضاف: «في عهد ترامب، دخل هذا العنصر إلى السياسة الأميركية».

ومع ذلك، فإن بروز السعودية كقوة دبلوماسية يتجاوز العلاقة مع عائلة ترامب.

فقد استضافت المملكة الشهر الماضي محادثات بين الولايات المتحدة وروسيا، كما عقدت اجتماعًا لقادة عرب لمناقشة اقتراح ترامب بشأن «غزة ريفييرا».

يقول غاوس إن السعودية «تسعى للترويج لنفسها كموقع بديل لمثل هذه الاجتماعات، وتحاول أن تكون بديلاً لجنيف أو فيينا».

ويشير محللون إلى أن السعودية، إلى جانب قوى «وسطية» أخرى مثل الهند والبرازيل وجنوب إفريقيا، تمكنت من الحفاظ على علاقات متوازنة مع الولايات المتحدة والصين، مما جعلها تظهر كحليف لأي منهما حسب الحاجة.

يقود بن سلمان أيضًا مشروع «رؤية 2030» الضخم، الذي يهدف لتنويع اقتصاد المملكة بعيدًا عن النفط، من خلال تنفيذ مشاريع بنية تحتية طموحة.

كما أصبحت المملكة وجهة دائمة للحفلات الموسيقية لنجوم البوب الغربيين والأحداث الرياضية الكبرى. واستثمر صندوق الاستثمارات العامة السعودي في نادي نيوكاسل يونايتد الإنجليزي.

كما أطلق، إلى جانب لاعبي الجولف الشهيرين فيل ميكلسون وغريغ نورمان، جولة «ليف» المثيرة للجدل التي اندمجت لاحقًا مع رابطة PGA.

ويضيف كارين يونغ، الزميلة البارزة في معهد الشرق الأوسط، أن استضافة الرياض لقمة مجموعة العشرين في عام 2020 مثلت «حفل خروج السعودية إلى العالم»، موضحة أن المملكة أصبحت «دولة تنموية غير منحازة، ولديها موارد هائلة لتحقيق التحول الداخلي»، بالإضافة إلى قدرتها على التأثير في السياسة الدولية من خلال «النفوذ الاقتصادي».

تحول موقف ترامب تجاه السعودية جاء بعد تطور مماثل في عهد جو بايدن، الذي انتقل من إدانة مقتل خاشقجي إلى زيارة الرياض ومصافحة بن سلمان.

ورغم أن بن سلمان قال إنه يتحمل مسؤولية الجريمة، إلا أنه نفى تورطه الشخصي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى