
كتبت: إسراء عبدالله
نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن ستة مستشارين حاليين وسابقين وأشخاص مطلعين على تفكير الرئيس الأمريكي ترامب قولهم:
إن الرئيس يرغب في إبرام صفقة واسعة النطاق مع الرئيس الصيني، تتجاوز مجرد إعادة صياغة العلاقة التجارية بين البلدين، على الرغم من العقبات الكبيرة التي تعترض طريق أي اتفاق.
وأشارت الصحيفة إلى أن مسؤولين أمريكيين يدرسون إمكانية التوصل إلى صفقة مع الصين من شأنها زيادة مشترياتها من السلع الأمريكية واستثماراتها في الولايات المتحدة.
وأوضحت الصحيفة أن ترامب أبدى اهتمامه بصفقة تشمل استثمارات كبيرة والتزامات من الصين لشراء المزيد من المنتجات الأمريكية، رغم فشلها سابقًا في شراء 200 مليار دولار إضافية من السلع والخدمات بموجب اتفاق عام 2020.
كما يرغب في أن تتضمن الصفقة قضايا مثل الأمن النووي، التي يتصور مناقشتها وجهًا لوجه مع الرئيس شي، بحسب مستشاريه.
وقال مايكل بيلسبري، خبير الشؤون الصينية الذي كان مستشارًا لترامب خلال مفاوضات ولايته الأولى، إن الرئيس أخبره “قبل بضعة أشهر أنه يريد عقد صفقة مع الرئيس الصيني شي جين بينغ تعود بالنفع على الجانبين.”
وأشار بيلسبري إلى أن فريق ترامب يناقش حاليًا من سيتولى مسؤولية المفاوضات، وما هي الجوانب التي لم تلتزم بها الصين في اتفاق 2020، وكيف يمكن إعادتها إلى طاولة المفاوضات.
استراتيجية التفاوض: الرسوم الجمركية والتهديدات
يتبع ترامب نفس الأسلوب القديم القائم على الرسوم الجمركية والتهديدات أثناء سعيه للتفاوض.
ففي الأول من فبراير، فرض رسومًا جمركية بنسبة 10% على جميع الواردات الصينية، واصفًا ذلك بأنه “الضربة الافتتاحية”، وهو ما قوبل سريعًا بإجراءات انتقامية من الصين.
كما طرح فكرة إلغاء العلاقات التجارية الطبيعية الدائمة التي منحتها الولايات المتحدة للصين قبل أكثر من 20 عامًا.
رغم اعتبار الصين تهديدًا أمنيًا رئيسيًا للولايات المتحدة، إلا أنها أيضًا شريك تجاري رئيسي، ولاعب محوري في قضايا مثل الأمن النووي، والتكنولوجيا، والاستعداد للأوبئة.
مدى نجاح العلاقات بين الولايات المتحدة والصين أو تدهورها قد يعتمد بشكل كبير على مزاج ترامب المتقلب، حيث يمارس الضغوط على بكين لتقديم المزيد من التنازلات.
تحديات تحقيق الصفقة
يقول محللون ومستشارون إن الحكومتين ستواجهان عقبات كبيرة للوصول إلى اتفاق، ولم تحدد إدارة ترامب بعد ما الذي تريده بالضبط من الصين.
هناك مقترحات لعقد لقاء بين شي وترامب في مار-إيه-لاجو أو في بكين، لكن لم يتم تحديد موعد رسمي بعد.
ويشجّع بعض مستشاري ترامب، مثل وزير التجارة هاورد لوتنيك ووزير الخزانة سكوت بيسنت، بالإضافة إلى الملياردير إيلون ماسك، الرئيس على السعي لعقد صفقة كبرى مع الصين، بحسب مسؤول سابق وشخص آخر مطلع على المحادثات.
ماذا تريد واشنطن؟
يلقي ترامب ومستشاروه باللوم على الصين لعدم التزامها بشروط اتفاق 2020، وكذلك على إدارة بايدن لعدم فرضها التنفيذ.
خلال ولايته الأولى، فرض ترامب رسومًا جمركية على واردات صينية بقيمة 300 مليار دولار للضغط على بكين، وهي الرسوم التي أبقى بايدن عليها.
في اتفاق 2020، وعدت الصين بفتح أسواقها للشركات الأجنبية، وتعزيز حماية الأسرار التكنولوجية، وشراء المحاصيل والطاقة الأمريكية، لكنها لم تفِ بمستهدفات الشراء، مبررة ذلك بجائحة كوفيد-19.
في أول يوم له في المنصب، وقع ترامب أمرًا تنفيذيًا يطالب مستشاريه بمراجعة امتثال الصين للاتفاق واتخاذ قرار بشأن فرض رسوم إضافية أو عقوبات أخرى بحلول أبريل.
هل يمكن للصين تقديم تنازلات؟
يرى بعض المحللين الأمريكيين أن ضعف الاقتصاد الصيني قد يدفع شي جين بينغ إلى إبرام صفقة جديدة.
فقد أجبرت أزمة العقارات الحكومة الصينية على الاعتماد بشكل أكبر على الصادرات، مما أدى إلى إغراق الأسواق العالمية بالسيارات والألواح الشمسية وغيرها من المنتجات، ما أدى إلى إغلاق مصانع في دول أخرى.
تقول ويندي كاتلر، مفاوضة تجارية أمريكية سابقة، إن أي اتفاق يجب أن يعالج هذه القضايا الشائكة.
“حتى لو كنت تريد بدء مفاوضات مع الصين، فسيكون ذلك صعبًا للغاية.”
كيف تنظر بكين إلى ترامب؟
يبدو أن المسؤولين الصينيين ينظرون إلى ترامب بحذر، ويتوقعون استمرار التوترات.
فهم يدركون أنه لا يتردد في فرض رسوم جمركية وعقوبات صارمة، لكنهم يعتقدون أيضًا أن رغبته في إعادة صياغة العلاقات التجارية قد تدفعه إلى طاولة المفاوضات.
في ورقة بحثية حديثة، جادل مسؤول صيني سابق بأن ترامب سيشعر بأنه مضطر للوفاء بوعوده للناخبين عبر تعزيز النمو الاقتصادي وزيادة الصادرات.
لكنه أضاف أن ترامب “شخص متغطرس وسريع الغضب، وسيمارس سلطته بطريقة عشوائية وفظة.”