
كتبت: إسراء عبدالله
قال جون بولتون “مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق” إن:
تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن قطاع غزة، عقب لقائه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 4 فبراير، أثارت جدلًا واسعًا وحالة من الارتباك.
أشار بولتون في مقال رأي لـ “التليغراف البريطانية” إلى أن تصرحات ترامب لم تكن مجرد تأملات عابرة، بل كانت مكتوبة مسبقًا.
وكعادته، خرج ترامب عن النص، متكهنًا باستخدام القوة العسكرية الأمريكية في غزة، وهو ما سارع مسؤولو البيت الأبيض إلى التراجع عنه في اليوم التالي.
لكن ترامب نفسه سرعان ما تراجع عن هذا التراجع، مؤكدًا أنه جاد بشأن السيطرة الأمريكية على غزة، لكن دون استخدام القوة.
للتوضيح، لم أؤيد مطلقًا نشر القوات الأمريكية في غزة.
كشف بولتون أن فكرة تحويل غزة إلى “ريفييرا” تعود لمقترح لترامب عرضه سابقاً على رئيس كوريا الشمالية حيث قال:
“إنها تعود إلى اقتراحه خلال فترة رئاسته الأولى للزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، بأن شواطئ بلاده غير المستغلة يمكن أن تتحول إلى منتجعات سياحية كبرى.
لم يتحقق هذا الحلم، لكنه لم يمت”.
لقد طغى الجدل الناتج عن هذه التصريحات على حقيقة أن ترامب تناول قضيتين مختلفتين تمامًا.
أولًا،
وبشكل غريب للغاية، زعم أن إسرائيل ستسلم السيطرة على غزة للولايات المتحدة، التي ستصبح “مالكة” لها، وتحولها إلى “ريفييرا الشرق الأوسط”.
ثانيًا،
وهو الأهم بكثير، أكد ترامب أن إعادة توطين سكان غزة داخل القطاع ليس الطريق الصحيح للمضي قدمًا، على الأقل في المستقبل القريب.
هذا التمييز ضروري لتقييم تصريحات ترامب، حتى يغير موقفه مرة أخرى، ربما أثناء قراءة هذا المقال.
“امتلاك” أمريكا لغزة ليس احتمالًا واقعيًا
فكرة ترامب الأولى لن تحدث. فهي لا تنبع من أي فلسفة أساسية أو استراتيجية كبرى للأمن القومي أو سياسة مستقبلية متسقة.
إذا كان هذا الاقتراح غير واقعي لكوريا الشمالية، فهو أكثر غرابة بالنسبة لغزة.
فكما يقول المثل، “رأس المال جبان”، بمعنى أن المستثمرين لا يخاطرون بأموالهم في مناطق غير مستقرة.
بسبب وقف إطلاق النار المؤقت وتبادل الأسرى، بدأت حماس في استعادة السيطرة في غزة، مما يشير إلى أنها لم تتضرر بشكل كبير كما كان متوقعًا في البداية من الهجمات الإسرائيلية.
وهذا يعني أن إسرائيل ستستأنف العمليات القتالية بمجرد انتهاء عمليات التبادل، وهو أمر منطقي من منظورها.
حتى يتم تأمين غزة بالكامل، سيكون من الصعب جدًا جذب رأس المال والعمالة اللازمة لبناء “ريفييرا الشرق الأوسط”.
فكرة حل الدولتين قد انتهت، وهناك بدائل
غزة نفسها مجرد نتاج لواقع عسكري عقب الحرب العربية-الإسرائيلية الأولى عام 1948، حيث أنها ببساطة جزء من الطريق المتوسطي القديم المؤدي إلى مصر.
كيان مستقل، ليس له مقومات اقتصادية قابلة للحياة في المستقبل المنظور.
أما اقتراح ترامب الثاني حول مستقبل غزة، فهو ليس جديدًا، فقد طُرح من قبل عدة مصادر قبل تصريحاته في 4 فبراير.
إذا تم تبني هذا الطرح، فسيؤدي إلى تغيير جذري ودائم في الشرق الأوسط، حيث سيمثل الضربة القاضية لفكرة “حل الدولتين”.
حتى قبل هجوم حماس الوحشي في 7 أكتوبر، كان حل الدولتين مجرد “شعار فارغ”. وبعد الهجوم، اختفى تمامًا من الأجندة الإسرائيلية كخيار جاد.
ومع ذلك، وبغياب أي جهد جاد لإنشاء بديل، بقي هذا المفهوم موقفًا افتراضيًا.
طرح حل “الدول الثلاث” كبديل
لقد اقترحتُ سابقًا حل “الدول الثلاث”، الذي يقضي بإعادة غزة إلى مصر، مع تقاسم إسرائيل والأردن للسيادة على الضفة الغربية.
هذا النهج من شأنه أن يحمي أمن إسرائيل مع تمكين الفلسطينيين من الاستقرار في اقتصادات قابلة للحياة، توفر لهم مستقبلاً حقيقياً.
لكن الفلسطينيين تعرضوا لعقود من الاستغلال على يد الأنظمة العربية الراديكالية بعد الاستعمار، مما جعل كلاً من القاهرة وعمان مترددتين في قبولهم ضمن أراضيهما.
إعادة بناء غزة خطأ استراتيجي
لا ينبغي أن تقود صعوبة حل القضية الفلسطينية الدول الإقليمية والقوى الخارجية إلى إعادة بناء مخيمات اللاجئين في غزة.
هذا الحل سيتطلب تكاليف باهظة لإزالة الأنقاض والذخائر غير المنفجرة، وتفكيك شبكة أنفاق حماس، ومن ثم إعادة الإعمار، وهو ما سيؤدي حتمًا إلى وقوع “7 أكتوبر آخر”، وهو أمر غير مقبول.
بديل عملي:
إنهاء عمل الأونروا ونقل مسؤولية اللاجئين الفلسطينيين إلى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين
هناك خيار آخر يتمثل في تغيير طريقة التعامل مع الفلسطينيين خلال العقود السبعة الماضية.