
بقلم/ عبدالرحمن فتحي عبدالنعيم
مرحلة المراهقة ليست مجرد فترة عمرية عابرة؛ إنها واحدة من أكثر مراحل الحياة تعقيدًا وتحديًا، حيث يواجه الشباب العديد من العقبات التي قد تشكل مستقبلهم بالكامل.
وفي هذا المقال، نكشف عن أبرز 3 كوارث تُعرقل طريق المراهقين وتُهدد استقرارهم النفسي والعملي، وسنتعرف معًا على كيفية التغلب على هذه التحديات بخطوات عملية تُساعدك على تخطيها، وتحويلها إلى فرص للنجاح والتطور، لذلك إذا كنت مراهقًا، أو لديك ابن أو ابنة في هذه المرحلة، فهذا المقال لك.
كوارث سن المراهقة
مرحلة المراهقة هي واحدة من أكثر الفترات تحديًا في حياة الإنسان، حيث يمر الشباب بتغيرات كبيرة على المستويين الجسدي والنفسي، وهذه التغيرات غالبًا ما تقود إلى اتخاذ قرارات خاطئة أو تبني مفاهيم مغلوطة يمكن أن تترك أثرًا طويل الأمد، وفيما يلي أبرز الكوارث التي تواجه المراهقين، وكيفية التعامل معها بحكمة لتجنب تأثيراتها السلبية على المستقبل:

الكارثة الأولى: الخوف من كلمة “لا”
يعد الخوف من كلمة “لا” والتجنب الدائم للرفض إحدى أكبر الكوارث التي يتعلمها الإنسان منذ الصغر، وهذا الخوف يمنعك من النمو وتطوير مهاراتك الشخصية.
لذلك، يُنصح بأن تتبنى أسلوبًا مختلفًا في مواجهة هذا التحدي، والحل هو أن تبدأ في تقبل كلمة “لا” كجزء من الحياة، بل وأن تطاردها لتتعلم كيفية التعامل معها بثقة ومرونة.
حيث ينصح الخبراء بخوض تحدي لمدة 30 يومًا، تتعمد فيه وضع نفسك في مواقف تتوقع فيها الرفض، والهدف من هذا التمرين هو تدريب نفسك على تلقي الرفض دون أن يؤثر على حالتك النفسية أو يقلل من ثقتك بنفسك، وإليك خطوات تنفيذ هذا التحدي:
- الأسبوع الأول: قم بتحديد مهمة واحدة يوميًا، مثل زيارة مقهى وطلب مشروب مجاني، بالطبع ستُقابل بالرفض، ولكن هذا هو المطلوب، لذلك تعامل مع الرفض بابتسامة ولا تشعر بالإحباط، فالهدف هو أن تتوقع الرفض وتتقبله كجزء من التجربة.
- الأسبوع الثاني: انتقل إلى تحديات أكثر جرأة، مثل طلب إعداد مشروبك بنفسك في المقهى أو تحضير وجبة في مطعم، وهذه مرة أخرى ستُقابل بالرفض، لكن هذا التمرين سيزيد من مرونتك ويكسر حاجز الخوف لديك.
- الأسبوع الثالث والرابع: كرر المهام السابقة مع زيادة تنوع المواقف، وركز على طلب أشياء غير مألوفة في أماكن مختلفة، فالهدف هنا هو الاعتياد على تلقي “لا” من مصادر مختلفة وفي مواقف متنوعة.
بنهاية التحدي الذي يستمر 30 يومًا، ستكون قد اكتسبت مرونة نفسية عالية، وزادت قدرتك على مواجهة المواقف الصعبة بثقة وثبات، كما أن هذا التدريب سيجعلك شخصًا قويًا لا يخاف من الرفض، ويمنحك القدرة على التعامل مع أي تحديات تواجهها في الحياة بثبات وشجاعة.

الكارثة الثانية: وهم العمل الذكي دون مجهود
من النصائح الشائعة التي ستسمعها في سن المراهقة هي أن “العمل الذكي” أفضل من “العمل الكثير”، وهذه النصيحة صحيحة نظريًا، لكنها ليست قابلة للتطبيق من البداية.
فالحقيقة التي يجب أن تدركها هي أن العمل الكثير هو الذي يفتح لك أبواب العمل الذكي، فالممارسة الكثيرة والتجارب المتعددة هي التي تعلمك كيفية تحقيق أفضل نتائج بأقل مجهود.
ولكي تصل إلى مرحلة العمل بذكاء، عليك أن تبدأ بالعمل بجدية وبكثرة، وهذا هو الطريق الذي يجعلك تكتشف الأساليب الصحيحة ويمنحك الفرصة لمعرفة ما يعمل وما لا يعمل.
ومن خلال التجربة والخطأ، ستتعلم كيفية استغلال وقتك بأفضل شكل ممكن، لكن هذا لا يحدث بين ليلة وضحاها أو من خلال التخطيط فقط.
كما أنك سوف تسمع كثيرًا أن عليك دخول مجال تحبه لتوفير الوقت، ولكن لا يخبرك أحد كيف تعرف المجال الذي تحبه، والإجابة تأتي من خلال التجربة، فالتجربة الكثيرة هي التي تساعدك على اكتشاف اهتماماتك، وتصقل مهاراتك، وتوضح لك الطريق الأنسب.
وسوف تسمع أيضًا أنك بحاجة إلى التفكير في المال والاستثمار في سن مبكرة، ولكن القليل جدًا من الناس يعلمونك كيف تدير أموالك بشكل صحيح.
ففي المدرسة، لا تتعلم شيئًا عن الضرائب، أو الاستثمار، أو حتى أساسيات التعامل مع المال، فهذه المهارات تأتي من العمل المتواصل والتجارب العملية التي تمر بها.
لذا، وأنت صغير، المطلوب منك هو أن تجرّب وتخطئ قدر المستطاع، لأن هذه الأخطاء هي التي ستقودك في المستقبل إلى النجاح.
فالعالم مليء بالفرص، والوقت هو أغلى ما تملك، لذلك لا تهدره بالتردد أو الخوف من الخطأ، وقم بالتجربة، وتعلم من الأخطاء، واكتسب خبرات عملية، وهذا النهج هو ما سيجعلك تعمل بذكاء وكفاءة في المستقبل.

الكارثة الثالثة: الخوف من الطموح والمجهول
في مرحلة المراهقة، ستواجه نوعًا من الضغط من عائلتك لتجنب المخاطرة أو تجربة أي شيء جديد خارج نطاق ما اعتادوا عليه.
وستسمع عبارات مثل “ابقَ في الأمان” أو “امشِ على الطريق المعروف”، حيث يُنصحك دائمًا بالاختيار المضمون: التخرج من الجامعة، الحصول على وظيفة ثابتة، العيش حياة مستقرة، ثم التقاعد على راتب محدود.
ولكن هذه النصيحة، رغم نواياها الجيدة، قد تقيدك وتحرمك من تحقيق طموحاتك، فالأمر أشبه بقبول حياة رتيبة دون محاولة للوصول إلى شيء أعظم، وإذا اتبعت هذا النمط دون أن تسعى وراء أحلامك، فستجد نفسك تعيش حياة عادية تخلو من المغامرة والتجربة.
فالخوف يشبه البحر الكبير الذي يبدو عميقًا ومخيفًا، لكنه في الحقيقة قد يكون بعمق مسبح أطفال، بالطبع قد تتعرض لبعض الصعوبات، لكنك ستتمكن من التعامل معها.
وإذا قفزت في هذا “البحر”، ستكتشف أن الأمور ليست بالصعوبة التي تبدو عليها، وستتعلم كيف تتعامل مع التحديات بدلاً من الخوف منها.
الخوف من المجهول طبيعي، لكنه غالبًا ما يكون انعكاسًا لتجارب الآخرين الذين لم يجرؤوا على المحاولة، وبالنسبة لهم المخاطرة مرعبة لأنهم لم يجربوا، ولكنك إذا قررت التجربة، ستكتشف عالمًا جديدًا من الفرص.
والنصيحة هنا ليست التخلي عن الأمان تمامًا، بل تحقيق التوازن بين السعي لتحقيق طموحاتك والاحتفاظ بخطة واقعية، لذلك اعمل في وظيفة ثابتة توفر لك الحد الأدنى من الدخل اللازم للحياة اليومية، ولكن خصص وقتًا وجهدًا لتحقيق أحلامك، ولا تترك طموحك جانبًا، بل اجعله جزءًا من خطتك.
لأنك إذا تمسكت بأحلامك واستثمرت وقتك وجهدك في السعي لتحقيقها، فإن النجاح سيأتي مع الوقت، وفي هذه اللحظة، سيُنظر إليك كالشخص الذي خالف التوقعات وحقق ما بدا مستحيلاً، ليس لأنه كان محظوظًا، بل لأنه لم يستسلم أو يتبع القطيع.