سياسة

إيران تعرض على الولايات المتحدة تقاسم الشرق الأوسط!!

اخبار نيوز بالعربي

كتبت: إسراء عبدالله

على الرغم أن مجلة فورين بوليسي الأميركية ليست مجلة ساخرة، فإنها تنشر مقالاً لوزير الخارجية الإيراني السابق محمد جواد ظريف كل بضع سنوات، منذ أن كان سفيراً لإيران لدى الأمم المتحدة.

كان آخر مقال في الثاني من ديسمبر، حيث قدم ظريف باعتباره “نائب الرئيس الإيراني للشؤون الاستراتيجية”، رغم أن مثل هذا المنصب غير موجود في النظام الإيراني الحالي.

فما لدينا في إيران هو نحو عشرة “مساعدين للرئيس” يتعاملون مع قضايا مختلفة وفقاً لرغبة الرئيس، من دون تفويض شعبي أو تصديق برلماني. وظريف هو أحد هؤلاء المساعدين.

مع ذلك،
يتظاهر ظريف في مقاله الجديد بالتحدث باسم النظام الإيراني بأكمله بشأن قضايا تقع بوضوح خارج نطاق اختصاصه.

يبدأ بالتظاهر بأن رئيس إيران وليس “المرشد الأعلى” هو الذي يملك الكلمة الأخيرة في جميع جوانب الدفاع والأمن والسياسة الخارجية.

على النقيض من مقالاته السابقة، يذكر ظريف هذه المرة “المرشد الأعلى” علي خامنئي مرة واحدة.

في حين يذكر رئيسه الرئيس مسعود بزشكيان تسع مرات، وكثيرا ما يستخدم عبارات مثل “بزشكيان يريد”، وكأن رغبته هي أمر الأمة.

يكتب ظريف:
“يدرك بزشكيان أن العالم ينتقل إلى عصر ما بعد القطبية حيث يمكن للجهات الفاعلة العالمية التعاون والتنافس في وقت واحد عبر مناطق مختلفة.

وقد تبنى سياسة خارجية مرنة، مع إعطاء الأولوية للمشاركة الدبلوماسية والحوار البناء بدلا من الاعتماد على نماذج عفا عليها الزمن”.

بعبارة أخرى،
يعد الرئيس الجديد بقطع تام مع سلوك النظام في السنوات الخمس والأربعين الماضية.

يضيف:
“يريد بزشكيان الاستقرار والتنمية الاقتصادية في الشرق الأوسط”، وهو ما لم يكن النظام الإسلامي يريده من قبل لأن أولويته كانت “تصدير الثورة”.

ثم يزيد:
“يأمل بزشكيان في مفاوضات متساوية”، أيا كان ما يعنيه ذلك، مع أميركا تحت قيادة الرئيس دونالد ترامب.

هذا تصريح جريء، إذا ما أخذنا في الاعتبار أن خامنئي كرر في الأسبوع الماضي شعاره “لا حرب ولا مفاوضات” بينما قال وزير الخارجية عباس عراقجي لوسائل الإعلام الرسمية:

“لا أساس للمحادثات مع الأميركيين”.

ثم بينما يستنشق أنفاساً أعمق من غليونه الحلمي، يقترح:

“يمكن لإيران وجيرانها أن يبدؤوا بمحاكاة عملية هلسنكي، التي أدت إلى تشكيل منظمة الأمن والتعاون في أوروبا”.

تم توقيع اتفاقيات هلسنكي في أغسطس 1975، بعد عامين من المفاوضات بين دول أوروبا الغربية، تحت قيادة الولايات المتحدة، ودول حلف وارسو، بقيادة الاتحاد السوفييتي.

(وقعت كندا، العضو في حلف شمال الأطلسي، أيضًا).

استخدمت الكتلتان الاتفاقيات كأساس لخفض التوترات في الحرب الباردة لكنهما لم يحولاها إلى معاهدة رسمية مع التصديق القانوني الكامل.

مع ذلك،
يقترح ظريف هيكل معاهدة رسمي للنسخة الشرق أوسطية من اتفاقيات هلسنكي.

ربما دون وعي،
يستخدم ظريف كلمة “محاكاة”، حيث يرى إيران كخليفة للاتحاد السوفييتي كقوة تحدٍ للعالم الغربي، ومحور المقاومة، أي الحشد الشعبي في العراق، وسوريا.

(عندما كُتب المقال، كان الأسد لا يزال في دمشق)، ولبنان تحت حكم حزب الله، والحوثيين في جزء من اليمن، وغزة تحت حكم حماس كحلف وارسو مصغر.

بينما تقود الولايات المتحدة جميع الدول الأخرى في المنطقة من مصر إلى دول مجلس التعاون الخليجي وتركيا العضو في حلف شمال الأطلسي.

بعبارة أخرى،
فإن النسخة الشرق أوسطية “المقلدة” من اتفاقيات هلسنكي من شأنها أن تقسم المنطقة إلى منطقتين من النفوذ:

واحدة لإيران ومحور المقاومة، والأخرى لـ”الشيطان الأعظم” الأميركي وحلفائه العرب والأتراك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى