اللواء رضا يعقوب يتابع تطور الصراع بسوريا، ودعم القوة الخارجية لتأجيج الإقتتال بسوريا فرصد:
اخبار نيوز بالعربي

بسبب بعد السياسة السورية عن الإنخراط فى الحل السياسى، وبعد بشار الأسد عن نداءات الشعب السورى، اشتغلت الجبهة السورية.
بعد معارك ضارية ومقاومة شرسة من الجيش سيطرت فصائل المعارضة المسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام على مدينة حماة، رابع كبرى المدن السورية والواقعة فى وسط البلاد، بعد أيام من سيطرتها على حلب فى إطار هجوم مباغت، ما يضعف أكثر سلطة الرئيس بشار الأسد على إثر ذلك بدأ الجيش السورى هجوماً مضاداً شمال مدينة حماه، قتل أكثر من سبعمائة شخص وإصابة مئات آخرين.
قالت ماريا زخاروف المتحدثة بإسم الخارجية الروسية ” اعتاد الجماعات الإرهابية على نشر الفوضى والدمار، فيما أدى الى تفاقم الأوضاع بسوريا، وما كانت تجرؤ على ذلك الا بدعم من قوة خارجية، التى سعت لمواجهة مسلحة جديدة بسوريا وتصعيد دوامة العنف”
هل تشتعل الساحة السورية مجدداً بعد هجوم هيئة تحرير الشام وفصائل معارضة على قوات النظام؟
بعد تصعيد عسكرى قتالى بالشمال السورى، المعارضة إستخدمت أسلحة جديدة منها المسيرات بجانب الأسلحة القديمة،
ماذا نعرف عن هيئة تحرير الشام التى تشن هجمات على مواقع تابعة للجيش السورى؟
شهدت سوريا تطوراً مفاجئاً خلال الأيام الماضية، بعد أن شنت “هيئة تحرير الشام” وفصائل متحالفة معها هجوماً واسعاً على مواقع تابعة لقوات الجيش السورى شمال غرب البلاد.
واستهدفت هيئة تحرير الشام وفصائل معارضة أخرى “مواقع تابعة للجيش السورى” غربى حلب، و أطلقت الفصائل المعارضة على الهجوم إسم “ردع العدوان” وقالت إن هذه العملية تأتى رداً على قصف مدافع شنه الجيش السورى مؤخراً.
كما قطعت هيئة تحرير الشام الطريق الدولى الذى يصل العاصمة دمشق بحلب، كبرى مدن شمال سوريا، حسبما أفاد المرصد السورى لحقوق الإنسان الخميس الماضي 28/11/2024.
المعارضة السورية المسلحة تعلن سيطرتها على مطار حلب الدولى و أجزاء من حماة وإدلب، والجيش السورى “يحضر لهجوم مضاد” فى حلب”
وأوضح المرصد أن المعارك أسفرت عن مقتل نحو 182 من جميع الأطراف: “102 من هيئة تحرير الشام و 19 من فصائل المعارضة الأخرى” إضافة إلى 61 من الجيش السورى وفصائل حليفة له، كما أفاد المرصد بمقتل 19 مدنياً على الأقل “بقصف روسى” على قرى فى ريفى حلب (شمال) وإدلب (شمال غرب).
هيئات الأزمة السورية، التى إندلعت عام 2011، الظروف أمام بزوغ جماعات جهادية محلية، من بينها عشرات الجماعات المسلحة، التى جرى تفكيكها بعد ذلك من خلال دمجها أو هزيمتها على يد فصائل أخرى.
كما استطاعت بعض الجماعات التكيف مع الواقع السياسى المتغير و إستمرت على الساحة بفضل قدرتها، كان من بينها هيئة تحرير الشام، التى سرعان ما خدمتها الظروف لتصبح اليوم أقوى فصيل مسلح فى شمال غرب سوريا.
ولدى هيئة تحرير الشام تاريخ طويل ومعقد فى الصراع السورى، إذ مرت بأربع مراحل منذ تأسيسها هى:
المرحلة الأولى (2012-2013) وفيها نشطت تحت إسم جبهة النصرة، وجرى تشكيلها وتمويلها من جانب تنظيم الدولة الإسلامية.
المرحلة الثانية (2013-2016) وفيها إنفصلت جبهة النصرة عن تنظيم الدولة الإسلامية وأعلن زعيمها الولاء لتنظيم القاعدة.
المرحلة الثالثة (2016-2017) وفيها قطعت جبهة النصرة علاقاتها مع تنظيم القاعدة ظاهرياً ثم شكلت تحالفاً عسكرياً مع فصائل محلية أخرى، و إتخذت لها إسم جبهة فتح الشام.
المرحلة الرابعة (2017 حتى الآن) وفيها إنفصلت جبهة فتح الشام عن تنظيم القاعدة و اندمجت مع فصائل محلية أخرى تحت إسم هيئة تحرير الشام.
تشكيل هيئة تحرير الشام باسمها المعروف حالياً مطلع عام 2017، فى محاولة ثانية من جانب زعيمها أبو محمد الجولاني، بعدما تعثرت جهوده الأولى إبان إعلان انفصال عن القاعدة عام 2016.
حظى تأسيس الكيان الجديد بمباركة ستة من رجال الدين البارزين فى سوريا من بينهم الداعية عبد الله المحيسني المولود فى السعودية، و وقع رجال الدين على بيان منفصل أعلنوا فيه نيتهم الإنضمام لتحرير الشام.
شهد تأسيس هيئة تحرير الشام إندماج خمس جماعات مسلحة هى جبهة فتح الشام وحركة نور الدين الزنكى ولواء الحق وجبهة أنصار الدين وجيش السنة، بيد أن الكيان سرعان ما شهد إنشقاق فضائله عن بعضها، لتبقى هيئة تحرير الشام بقيادة الجولاني نفسه.
حصرت هيئة تحرير الشام، منذ انفصالها ايدولوجيا و تنظيمياً عن القاعدة عام 2017، نفسها فى تنفيذ عمليات داخل حدود سوريا، الأمر الذى شكل تحولاً بارزاً، بعدما تخلت الهيئة عن فكرة الجهاد العالمى و نصب تركيزها على الساحة السورية فقط.
و إتبعت هيئة تحرير الشام إستراتيجية عسكرية اعتمادا على هزيمة بعض الجماعات الإسلامية المسلحة فى إدلب وشرق حلب وفرض سيطرتها على فصائل أخرى، بما فى ذلك أحرار الشام و صقور الشام ولواء التوحيد بهدف المحافظة على نفوذها وسيادتها على الفصائل المحلية.
ونجحت هيئة تحرير الشام فى السيطرة على معظم مناطق محافظة إدلب شمال غرب البلاد، وتديرها من خلال جبهة إدارية أطلقت عليها إسم “حكومة الإنقاذ السورية”، أما هدف الهيئة العام، فهو تحرير سوريا من القوات الحكومية.
تتبنى هيئة تحرير الشام فكراً جهادياً، لكنها تسعى الى تقديم نفسها بملامح أقل تطرفاً مقارنة تنظيمات أخرى مثل تنظيم الدولة الإسلامية، مع تركيز نشاطها على السيطرة المحلية والحكم.
وتعد هيئة تحرير الشام حالياً لاعباً رئيسياً فى المشهد السياسى السورى، إذ تهيمن على أغلب محافظة إدلب ومناطق من الساحل والمناطق الشمالية المحاذية لادلب، ويقع ضمن المنطقة التى تسيطر عليها أكثر من ثلاثة ملايين نسمة، فضلاً عن التماس الجغرافى مع تركيا.
ولطالما كانت العلاقة بين تركيا وهيئة تحرير الشام جيدة، إذ واستعانت أنقرة على مدار سنوات الجولاني وتنظيمه فى ضبط وانفلات فصائل المعارضة السورية الموالية لها، فضلاً عن كون تركيا الداعم الأساسى للهيئة وقائدها الجولاني.
ويقول خبراء إن هيئة تحرير الشام لم يكن بمقدورها السيطرة على مساحات شاسعة فى مناطق إدلب بسوريا، لولا دعم تركيا، خاصة أنها هى من يسيطر على أهم طرق العبور للمساعدات الإنسانية والتجارة بين تركيا و الأجزاء التى تسيطر عليها هيئة تحرير الشام فى إدلب.
على الرغم من إصرار هيئة تحرير الشام على أنها مستقلة ولا تربطها أى صلات بكيانات خارجية، فضلاً عن زعمها بأن ليس لديها طموحات جهادية عالمية، الا أن الأمم المتحدة والولايات المتحدة وتركيا تصنيفها جماعة على صلة بتنظيم القاعدة، كما تدرجها على قوائم المنظمات الإرهابية.
وتشير بعض التقارير الى أن عدد عناصر هيئة تحرير الشام يقدر بنحو 10 آلاف مقاتل وفقاً لتقرير صادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عام 2022، بيد أن خبراء يقولون إنه يصعب التحقق من مدى دقة هذه الأرقام أو طبيعة توزيعها بين الألوية.
وتعتمد هيئة تحرير الشام على مصادر لتمويل أنشطتها، أبرزها إيرادات رسوم المعابر، إذ تسيطر حالياً على معبرين رئيسيين هما “باب الهوى” الحدودي مع تركيا، الذى تدخل الأمم المتحدة عبره مساعدات الى شمال سوريا، ومعبر “الغزاوية” الفاصل بين ريف عفرين ومناطق ريف حلب الغربى، كما تحتكر الهيئة قطاعات تجارية محددة مثل المحروقات، الى جانب إعتماد تمويلها أيضاً على تبرعات.
وفيما يتعلق بقدراتها العسكرية، تمتلك هيئة تحرير الشام أسلحة لاسيما مضادات الدبابات، كما استخدامت تكتيكات التفجيرات الإنتحارية باستخدام سيارات مفخخة، الأمر الذى ساعدها على السيطرة على مساحات من الأراضى، لاسيما فى بدايات الصراع السورى.
كما يمكن وصف العمليات العسكرية التى تشنها هيئة تحرير الشام فى شمال غرب سوريا بأنها دفاعية و هجومية، دفاعية بغية صد زحف قوات الحكومة السورية و الميليشيات المتحالفة معها، و هجومية ضد الجماعات الجهادية المنافسة لها بغية الحفاظ على هيمنتها العسكرية فى المناطق الواقعة تحت سيطرتها.
بيد أن هيئة تحرير الشام تواجه عقبات كثيرة تحد من قدرتها على شن هجمات كبيرة خارج حدود إدلب، لاسيما عدم توافر الدعم الجوى ومحدودية مواردها وموقعها الجغرافى بين الجيش التركى و مواليه من جهة والجيش السورى وقوات سوريا الديمقراطية من جهة أخرى.