سياسة

ساحة صراع عالمي تهدد بحرب باردة جديدة

اخبار نيوز بالعربى

كتبت : سارة قنديل

تتصاعد التوترات في منطقة القرن الأفريقي نتيجة لأهميتها الاستراتيجية وثرائها بالموارد الطبيعية،

وسط هشاشة سياسية واقتصادية وأمنية تجعلها هدفًا رئيسيًا لصراع القوى الدولية والإقليمية.

ومع اشتداد المنافسة بين الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين وروسيا،

تدخل قوى إقليمية مثل تركيا وإيران والهند على خط النفوذ،

مما ينذر باحتمالات تصعيد قد يصل إلى مواجهة مسلحة.

موقع استراتيجي وثروات تجذب الأطماع:

جغرافيًا، يمتد القرن الأفريقي ليشمل دول الصومال وجيبوتي وإريتريا وإثيوبيا،

مع دول محيطة مثل السودان وكينيا واليمن،

مشكّلًا منطقة تتحكم في الممرات البحرية العالمية عبر البحر الأحمر وخليج عدن.

يُقدر أن 12% من التجارة العالمية تمر عبر هذه الممرات،

مما يجعل الموانئ الـ10 في المنطقة محط تنافس شرس بين القوى الكبرى.

الصين تعزز نفوذها من خلال مبادرة “الحزام والطريق” وإدارة ميناء جيبوتي،

بينما تركز الولايات المتحدة على التحالفات البحرية لتأمين تجارتها.

أما تركيا، فتسعى لتعزيز وجودها عبر اتفاقيات مع الصومال لتطوير الموانئ،

في حين تحلم دول مثل إثيوبيا بدور أكبر في المنطقة.

الصراع على الموارد الطبيعية:

تتمتع المنطقة بموارد طبيعية ضخمة، أبرزها النفط والغاز والمعادن، ما يجعلها محور تنافس دولي.

وقد وقعت تركيا اتفاقيات مع الصومال لتطوير حقول النفط والغاز،

وهو ما يزيد من التعقيدات السياسية في المنطقة،

ويبرز مخاوف من استغلال القوى الكبرى لهذه الموارد لتوسيع نفوذها.

عسكرة المنطقة وتصاعد المخاطر:

تسارعت وتيرة الحشد العسكري في القرن الأفريقي مع تصاعد التهديدات الأمنية والمخاوف على الملاحة البحرية. جيبوتي،

على سبيل المثال،

أصبحت مركزًا للقواعد العسكرية الأجنبية، حيث تستضيف قواعد للولايات المتحدة والصين وفرنسا ودول أخرى،

ما جعلها مصدر دخل مهمًا؛ إذ ساهمت رسوم تأجير الأراضي العسكرية بـ18% من دخلها القومي في عام 2020.

وفي الصومال، افتتحت تركيا قاعدة عسكرية في 2017، بينما تسعى روسيا لإقامة قواعد في السواحل الإريترية والسودانية،

ودخلت الهند السباق بنشر سفن حربية في خليج عدن لمكافحة القرصنة.

الولايات المتحدة والصين.. تنافس شديد:

تتصدر الولايات المتحدة المشهد العسكري في المنطقة من خلال تحالفات أمنية مثل “قوة المهام المشتركة 153”،

بينما تركز الصين على الاستثمارات الاقتصادية و إغراق الدول بالديون، ما يثير قلق القوى الغربية من سيطرة صينية طويلة الأمد على المنطقة.

تحالفات إقليمية وتوترات جديدة:

يشهد القرن الأفريقي إعادة تشكيل للتحالفات. ففي حين عززت الصومال تعاونها مع تركيا ومصر في مواجهة النفوذ الإثيوبي،

أدى توقيع إثيوبيا مذكرة مع إقليم “أرض الصومال” الانفصالي إلى تصاعد التوترات.

كما تلوح خلف الكواليس أبعاد مائية للصراع، خصوصًا مع النزاع بين مصر وإثيوبيا حول سد النهضة.

ويرى مراقبون أن التحركات المصرية في القرن الأفريقي تهدف لتأمين مصالحها المائية ومواجهة التهديدات المتزايدة في البحر الأحمر.

خطر التنظيمات الإرهابية وحروب الوكالة:

وسط هذه التوترات، تتزايد المخاوف من تمدد التنظيمات الإرهابية مثل حركة الشباب الصومالية،

التي قد تستغل الصراعات الدولية لزيادة نفوذها. ويرى محللون أن تداخل المصالح الدولية والإقليمية قد يؤدي إلى “حروب بالوكالة”،

مما يحول القرن الأفريقي إلى ساحة نزاع مشابهة لأفغانستان.

الاستقرار الإقليمي.. ضرورة ملحة:

يرى خبراء أن الحل يكمن في معالجة جذور الأزمات الأمنية والسياسية في المنطقة،

وتعزيز جهود الاستقرار الإقليمي بدلاً من عسكرة النزاعات.

ومع استمرار التنافس الدولي، يبقى القرن الأفريقي ساحة اختبار لصراع النفوذ العالمي،

ما يجعل مستقبله مفتوحًا على جميع الاحتمالات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى