
كتبت: إسراء عبدالله
منح الناخبون الأمريكيون دونالد ترامب فوزاً كبيراً في الانتخابات الرئاسية الأخيرة،
لكنهم لم يفوِّضوه بتدمير المؤسسات العسكرية ووكالات الاستخبارات في البلاد،
وهذا هو ما يثير القلق بشأن ترشيحات ترامب لبيت هيجسيث وتولسي غابارد كوزير للدفاع ومدير للاستخبارات الوطنية على التوالي؛
فكلاهما ليس مؤهلاً على الإطلاق لتولي اثنين من أهم المناصب الإدارية في الحكومة.
هيجسيث وغابارد خطيبان متحمسان وعقائديان، لكن يغلب عليهما التخريب أكثر من البناء وإذا قَبِل مجلس الشيوخ تعيينهما،
فقد يُلحِقان ضررًا برئاسة ترامب أكبر مما يمكن للديمقراطيين أن يفعلوه.
في ولايته الأولى، كان صوت ترامب أعلى من تأثيره، لكن الآن، يبدو أنه يحشد “حكومة حرب” لشن هجوم جاد على قيادة الجيش والمجتمع الاستخباراتي.
ترشيح هيجسيث على وجه الخصوص خطير، فقد بنى الرجل مسيرته على قناة فوكس نيوز من خلال انتقاد القادة العسكريين الكبار الذين سيوجههم عبر منصبه كوزير للدفاع.
كتابه الأخير، “الحرب على المحاربين”، يحتوي على هجمات شخصية ضد الجنرال تشارلز ك. براون الابن، رئيس هيئة الأركان المشتركة،
والأدميرال ليزا فرانشيتّي، رئيسة العمليات البحرية، حيث يتهمهما، فعليًا، بأنهما وُظّفا في موقعهما هذا لتحقيق التنوع وليس بسبب كفاءتهما او استحقاقهما للمنصب.
يقول هيجسيث في كتابه: “لقد سيطر اليسار على الجيش بسرعة، ويجب أن نستعيده سريعاً، ويجب أن نشن هجومًا مباشرًا”.
يقول: “لن نتوقف حتى تدير نساء سوداوات مثليات متحولات كل شيء في الجيش” وهذا في حد ذاته كلام لا يصدر عن عاقل.
هيجسيث لن يكون مديرًا لحوار على قناة فوكس إذا تم قبول تعيينه من قبل مجلس الشيوخ،
بل سيكون صاحب السلطة المطلقة لفصل أي ضابط عسكري لا يلبي المعايير السياسية لترامب.
صحيفة “وول ستريت جورنال” ذكرت أن فريق الانتقال الرئاسي يعمل بالفعل على صياغة أمر تنفيذي لتشكيل “مجلس المحاربين” لتقديم توصيات بأسماء الجنرالات والأدميرالات الذين يشملهم الفصل.
جاء في افتتاحية الصحيفة يوم الخميس التحذير التالي وهو صحيح: “الجيش ليس عدو السيد ترامب،
وعقلية التطهير ستجلب مشاكل سياسية وتؤدي إلى إحباط في صفوفه”.
الأحاديث الهازئة عن محاكمة الجنرال المتقاعد مارك أ. ميلي، رئيس هيئة الأركان المشتركة السابق، تزيد الأجواء السامة الحالية سوءاٍ،
حيث يعتبر ميلي هدفًا لهذا التيار لأنه وقف ضد تنمُّر ترامب وأنصاره.
يتحدث هيجسيث كما لو أنه يشارك في حملة انتخابية ضد القادة العسكريين “الداعين للصحوة” في عهد بايدن،
لكنه بدأ الهجوم على سلسلة القيادة العسكرية عندما كان ترامب رئيسًا حيث دافع عن قائد البحرية إيدي غالاغر على قناة فوكس نيوز،
والذي أدين بسوء السلوك في أفغانستان، وساعد في إقناع ترامب بإنقاذ غالاغر. كان ذلك نذير سوء، مدفوعًا بالازدراء للقادة العسكريين، وليس بدافع التنوع والتعددية في الجيش.
بدأ ترامب بتعيينات عقلانية لفريقه للأمن القومي وتمثَّلت في السيناتور ماركو روبيو والنائب مايكل والتز، وكلاهما من فلوريدا،
وهما اختياران قويان لمنصب وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي وكلاهما عمل مع الديمقراطيين في قضايا الدفاع والاستخبارات،
ولن يجعلا حلفاء وشركاء أمريكا يهرعون نحو الخروج.
روبيو، مثل معظم الجمهوريين، جُرف في إعصار ترامب، لكنه عمل بفعالية كنائب رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ مع الرئيس مارك وارنر (ديمقراطي-فيرجينيا)؛
وفي السر، يُقال إنه داعم قوي لنضال أوكرانيا لمقاومة غزو روسيا. إنها علامة على عقلانية روبيو الذي يقال إن اليمين المتطرف الداعم لترامب يريد تعطيل ترشيحه.
والتز اختيار مفاجئ، لكنه ليس اختيارًا سيئًا، فمع خدمته كقائد في العراق وأفغانستان وصاحب أربع نجمات، فإنه يتمتع باحترام عالٍ في مجتمع العمليات الخاصة،
وفقًا لرئيس سابق لقيادة العمليات الخاصة ولم يكن مجرد صوت مؤيد لترامب،
خلال ثلاثة فترات كعضو في الكونغرس من فلوريدا، بل عمل مع الحزب الديمقراطي في بعض القضايا.
لكن كمستشار للأمن القومي، ستواجه والتز تحديات أكبر بكثير حيث يتطلب هذا المنصب تنسيق القوة الهائلة الظاهرة والخفية للحكومة الأمريكية – “الوكالات”
لتحقيق أهداف السياسة الخارجية والأشخاص الذين نجحوا في هذا المنصب – مثل هنري كيسنجر، وزبيغنيو بريجنسكي، وبرنت سكوكروفت،
وستيف هادلي، وجيك سوليفان – الذين قضوا سنوات من التدريب لذلك نأمل أن يكون والتز متعلمًا سريعًا وأن يجمع حوله فريق عمل جيد.