دولي

“تحليل اللواء رضا يعقوب لتوقعات فترة رئاسة ترامب وتداعياتها على القضايا العالمية”

"استشرافات استراتيجية حول القضايا الدولية في ظل رئاسة ترامب"

كتب /عبدالرحمن عمران 

اللواء رضا يعقوب يحلل توقعات فترة رئاسة ترامب للمعضلات العالمية فرصد:

كان رئيس الوزراء الصهيونى، بنيامين نتنياهو، من أوائل من أعربوا عن تهنئتهم للرئيس الأمريكى المنتخب، وكتب تغريدة قال فيها: “تهانينا على أعظم عودة فى التاريخ!”

وسبق أن وصف نتنياهو ترامب بأنه “أفضل صديق للصهيونية على الإطلاق فى البيت الأبيض”

على الرغم من أن الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب قد سبق أن شن هجوماً لاذعاً على رئيس الوزراء الصهيونى بنيامين نتنياهو، متهماً إياه بـ”عدم الولاء” وأوضح ترامب أنه غضب من الطريقة التى هنأ بها نتنياهو الرئيس جو بايدن بعد فوزه السابق فى الإنتخابات الرئاسية الأمريكية، وأعرب ترامب عن اعتقاده بأنه أنقذ الصهيونية من “الدمار”

ترامب والسودان: من دعم التطبيع إلى إنهاء الصراع المسلح؟ سيركز الرئيس ترامب في سياساته على النزاعات فى الشرق الأوسط وأوكرانيا ومع الصين، ولكن هل سيكون السودان أيضا ضمن أولويات سياسته الخارجية، لاسيما وأن إدارته السابقة دعمت بقوة الخرطوم تطبيع علاقاتها مع تل أبيب؟

فى قلب التنافس الدولى على النفط والموارد الطبيعية فى غرب إفريقيا، أصبح السودان الغنى بهذه الموارد أيضاً ساحة لتنافس جيو سياسى بين قوى كبرى وإقليمية مثل الصين والهند وإيران وروسيا والإمارات، وبينما تسعى الولايات المتحدة الى جعل أفريقيا قاعدة إستراتيجية حيوية لها من أجل تأمين إمدادات النفط وتقليل الإعتماد على الشرق الأوسط الملئ بالاضطرابات، فإن السودان فى بؤرة هذا الإهتمام المتزايد.

تحول السودان الى ساحة للصراع بين القوى الدولية، روسيا تدعم مرة قوات الدعم السريع ثم تزود الجيش بسلاح يرجح ربما كفته فى الصراع.

فيما تنتقد واشنطن تزويد أى جهة داخل السودان بسلاح قد يطيل من أمد الحرب الأهلية.

التسابق على تقديم التهانى للرئيس الأمريكى دونالد ترامب من قبل بعض الشخصيات والقوى السودانية يعكس إهتمام هذه الأطراف بتعزيز علاقاتها مع الإدارة الأمريكية الجديدة، هذا الحرص على التهنئة قد يعبر عن محاولة لكسب دعم سياسى من الولايات المتحدة، خاصة فى ظل الظروف السياسية والإقتصادية المعقدة التى يمر بها السودان، وحاجته الى علاقات خارجية قوية لدعم استقراره و مساعيه التنموية، فقد هنأت تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية ترامب معربة عن أملها فى أن يلعب دوراً بارزاً فى تحقيق السلام فى السودان والمنطقة، أما قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، فقد وصف فوز ترامب بـ „التاريخى”، وأبدى إستعداده للتعاون من أجل تحقيق سلام شامل فى السودان، مما يشير الى رغبة فى الإستفادة من الدعم الأمريكى لتحقيق إستقرار داخلى، كما عبر رئيس مجلس السيادة الإنتقالي، عبد الفتاح البرهان، عن تطلع السودان لتعزيز العلاقات مع واشنطن، وهى خطوة تشير الى أهمية العلاقات الثنائية لتحقيق مصالح مشتركة.

ويرى المحلل السياسى صالح شعيب المقيم فى فرجينا أن تسارع التهانى لترامب يرتبط برغبة بعض الأطراف السودانية فى الإستفادة من علاقات ترامب السابقة فى إطار”إتفاقيات أبراهام”، حيث سبق لترامب أن دعم تطبيع السودان للعلاقات مع الصهيونية، كما يشير الى أن حميدتى والبرهان، اللذين كانا من مؤيدى هذه الإتفاقيات، يسعيان لإظهار ترامب حليف محتمل، على أمل الحصول على دعم أمريكى فى الساحة الدولية.

و وفقاً لآراء سياسيين، تتحمل إدارة بايدن جزءًا من المسئولية عن تصاعد الصراع فى السودان نتيجة تجاهلها للأوضاع هناك بعد إطاحة نظام البشير فى شهر نيسان (أبريل) 2019.

ففى شهر حزيران (يونيو) من نفس العام، ارتكبت قوات الدعم السريع مجزرة خلال فض الاعتصام أمام القيادة العامة للجيش السودانى، ورغم هذه الأحداث، كانت إدارة ترامب تركز على تطبيع العلاقات السودانية-الصهيونية، مما قلل من اهتمامهم بالأزمة السودانية”

وفي عام 2018، أثار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب جدلاً كبيراً بعد أن قيل إنه وصف بعض الدول الأفريقية بأنها “دول قذرة” خلال إجتماع فى البيت الأبيض مع كبار المسئولين، وهو تعليق أأدين من قبل العديد من الدبلوماسيين والسياسيين، بما فى ذلك الدبلوماسيون الأفارقة لدى الأمم المتحدة الذين اعتبره التصريح “شانها و عنصرياً و كارهاً للأجانب”

فى 26 شباط/ فبراير 2024، أعلن وزير الخارجية الأمريكى، أنتوني بلينكن، عن تعيين توم بيرييلو مبعوث أمريكى خاص للسودان، وأوضح بأن بيرييلو سيعمل على تنسيق السياسة الأمريكية تجاه السودان وتعزيز الجهود لوقف الأعمال العدائية وضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل فعال، دعماً للشعب السودانى فى سعيه لتحقيق طموحاته فى الحرية والسلام والعدالة، غير أن جهود المبعوث الأمريكى يقتصر على جولات دبلوماسية لم تثمر حلولاً على أرض الواقع.

ويرى مراقبون أن السياسة الأمريكية تجاه السودان ليست على سلم أولويات الإدارة الجديدة بقيادة الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، لأنه سيركز بشكل أساسى على القضايا الأكثر إلحاحاً فى مناطق أخرى مثل الشرق الأوسط وآسيا وأوروبا، نظراً للتوترات المستمرة فى تلك المناطق وتأثيرها المباشر على الإقتصاد الأمريكى.

فى هذا السياق، يعتقد الفاتح عثمان، الرئيس السابق لقسم الشئون الأمريكية فى مركز راصد للدراسات السياسية، أن ملف السودان يعد “ثانويا” بالنسبة للإدارة الأمريكية.

ويضيف أن التعامل مع السودان يتم بشكل أساسى من خلال وكلاء مثل الإمارات والسعودية ومصر، وأن إدارة ترامب كانت تركز على علاقاتها مع شخصيات مثل محمد بن زايد ومحمد بن سلمان والسيسى، وليس من أولوياتها الحسم العسكرى أو دعم الديمقراطية فى السودان.

غير أن المحلل السياسى صلاح شعيب يشير الى أن التصعيد المستمر فى السودان قد يدفع الإدارة الأمريكية للتدخل بشكل مباشر إذا أصبحت الأزمة تهدد الأمن والسلم الإقليمى والدولى،وفى حال تفاقم الوضع، قد يمارس ترامب ضغوطاً على مستشاريه لتقديم حلول فعالية، خاصة إذا أصبح الصراع يشكل تهديداً للمصالح الأمريكية أو حلفاء واشنطن فى المنطقة.

أما الفاتح عثمان فيرى أن ترامب لديه القدرة على الضغط على حلفائه لوقف الحرب فى السودان إذا تمكن من تقديم صفقة ترضى الجيش السودانى، ومع ذلك، لا يعتقد أن السودان يمثل أولوية بالنسبة للإدارة الأمريكية فى سياق الحروب التى يسعى ترامب الى إنهائها.

وفى إطار آخر، كان مجلس السيادة السودانى قد أعلن فى 23 أكتوبر/ تشرين الأول 2020 عن توقيع الرئيس الأمريكى على قرار إزالة السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وهو قرار إعتبره المجلس “يوماً تاريخياً للسودان” فى ظل القيادة المؤقتة للبلاد خلال المرحلة الإنتقالية، ويشير السياسيون الى أن الولايات المتحدة تتبع سياسات ثابتة تجاه قضاياها الخارجية، بما فى ذلك السودان، ولكن أسلوب تنفيذ هذه السياسات يتغير بتغير الإدارات. الفرق الجوهرى يكمن فى طريقة كل إدارة فى خدمة المصالح الأمريكية.

تواجه الصين رياحاً معاكسة التى تعتبر ثانى أكبر إقتصاد فى العالم صعوبات كبيرة، فمع عودة دونالد ترامب الى البيت الأبيض وإمكانية فرض الرسوم الجمركية، يمكننا أن نقول إن هناك شعوراً جديداً بالحاجة للإصلاح، حيث وافقت الحكومة الصينية على حزمة ديون بقيمة 1.4 تريليون دولار.. تحفز على التدابير النقدية.

قلل الزعماء السياسيون الإيرانيون من أهمية نتيجة الإنتخابات الأمريكية على سياسات طهران، حيث أكدت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، فاطمة مهاجري ، أن فوز الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى الإنتخابات لن “يقلق طهران” ولن يؤثر على السياسات “الثابتة” التى تتبعها، و أضافت مهاجرى بأنه “لا يهم من سيكون رئيس الولايات المتحدة، لأن سياساتنا تم التخطيط لها مسبقاً”

من جهة أخرى، أكد ترامب فى حملته الإنتخابية أن سياسة الرئيس جو بايدن المتمثلة فى عدم فرض عقوبات صارمة على صادرات النفط أضعفت واشنطن وزادت من جرأة طهران، مما سمح لها ببيع النفط وجمع الأموال والتوسع فى مساعيها النووية ودعم نفوذها عبر جماعات مسلحة.

وفى هذا السياق، يرى المحلل السياسى صلاح شعيب أن “إنتخاب ترامب ليس فى صالح روسيا وإيران، سواءً على صعيد الصراعات الموجودة فى اليمن أو سوريا أو السودان، نتيجة العداوات بين إيران والصهيونية” ويضيف شعيب أن ترامب “قد يضغط على إيران بسبب مشكلاته معها فى ملف السلاح النووى، بينما تدعم إيران الجيش السودانى، مما قد يفتح الباب لوجود حسابات دولية تدفع لدعم قوى أخرى فى السودان وهو أمر لا يصب فى مصلحة الجيش ومراكز السلطة المحسوبة عليه، خصوصاً أن ترامب حريص على حماية حلفاءه، وخاصة الصهيونية، فى ظل دعم السودان السابق لبعض المنظمات مثل حماس”

وحسب محللين، يتمحور قلق واشنطن حول النفوذ المتزايد لمجموعة فاغنر فى دارفور، حيث يعتبرون أن هذا النفوذ يسهم فى تمكين روسيا من إنشاء ممر عبر السودان يصل الى مراكزها العسكرية فى ليبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى. ويرى الخبراء أن دور فاغنر فى السودان يعد جزءا من محاولات روسيا لتقويض النفوذ الأمريكي و الفرنسى فى أفريقيا، فضلاً عن الإستفادة من ثروات القارة.

يرى الفاتح عثمان، الرئيس السابق لقسم الشئون الأمريكية، أن العقوبات الأمريكية دفعت السودان الى التحول شرقاً نحو الصين وروسيا، ويعتقد أن ترامب لن يلجأ الى فرض عقوبات الا لإرضاء حلفائه،ويضيف الفاتح أن ترامب يسعى الى إنهاء عزلة روسيا، حيث يرى أن الوجود الروسى ليس مهدداً ولن يشكل أى تهديد حقيقى، خاصة فى ظل أن المنافس الرئيسى لترامب هو الصين، فى حين أن الإقتصاد الروسى ليس ضمن القوى الإقتصادية المنافسة، بينما التواجد الإيرانى فى المنطقة لا يشكل تهديداً كبيراً.

أما فيما يتعلق بالمستقبل، لان السودان يواجه تحديات كبيرة فى تحقيق الإستقرار السياسى والاقتصادي، وخاصة مع تصاعد النزاع الداخلى، يبقى الأمل فى أن تقدم الولايات المتحدة، بموجب تعيين مبعوث خاص مثل توم بيرييلو، مساعدة حقيقية لتحقيق التهدئة، خاصة فى حال تصاعد العنف بشكل يهدد الأمن الإقليمى.

وفي الختام، يبقى السؤال هل تبقى العلاقات السودانية الأمريكية محكومة بالمصالح الاستراتيجية التى تركز بشكل رئيسى على النفوذ فى أفريقيا ومحاربة الأنشطة الإرهابية، فى حين قد تتغير طريقة التعامل حسب تطور الأحداث على الأرض.

 

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button