سياسة

اختيارات معرقلة :بديل السنوار الأعنف .

أخبار نيوز بالعربى-سياسة

 
كتب /مصطفى نصار.
 
بديل بين العنيد و الأكثر عنادًا  : لا حل في الأفق للسير على هوى إسرائيل.
 
وضعت حركة حماس أمام خيارات عديدة بعد استشهاد يحيى السنوار بلحظات استنائية و مليئة بالفخر و العزة ، و الكرامة فيما يتعلق بالبديل المناسب في قيادة مكتبها السياسي في لحظة صعبة و مضينة من استمرار حرب الإبادة المستمرة منذ عام .

و ذلك أيضًا يضع عدة ملفات حيوية قيد التحفظ و التجمد و على رأسها ملف الأسرى الذي ظل كارت القوة الأبرز للمقاومة الفلسطينية، واضعًا إسرائيل بين خيارين لا ثالث لهما إما سريان الحرب كما هي ، أو إيقاف وفقًا لشروط حماس الفورية .

و بفرض تطبيق الحالة الثانية ،اعتبار المقاومة الفلسطينية بفصائلها المختلفة فازت باستحقاق على كافة الأصعدة .
 
و بهذا تسهم اختيار بديل السنوار في قلب موازين ،مثلما حدث عقب اغتيال القائد السابق إسماعيل هنية ، واقعة بين عديد من الشخصيات الشرسة و الفاهمة و المحتكة حركيًا بشكل يتفوق حتى على الشهيد يحيى السنوار.

و تتعدد الاختيارات لتقع بين ٧ شخصيات تصنفهم إسرائيل بالأكثر خطورة عبر آخر عقدين على الأقل ، و هم محمد الضيف و هيثم جبارين و خليل الحية و موسى أبو مزورق و مروان موسى و خالد مشعل مع أتم الاستعداد لعمليات توجع الاحتلال الإسرائيلي.
 
و عند التأمل و قراءة تاريخ  القادة الحاليين ، فمن الملاحظ  و الجدير بالذكر ملامستهم و احتكاكهم بالاحتلال الإسرائيلي  ، مكتسبين خبرة عملية عسكرية عميقة يمهدهم  لخوض المعارك و المفاوضات بتربح و تسديد أرباح و مكاسب ، و خاصة أن معظمهم متخصصين في الشأن الخارجي و يتمتعون بعلاقات دولبة حسنة بدول الجوار مثل قطر و مصر و الأردن ، ممثلين نوعًا من الدبلوماسية الناعمة التي قد تكسبهم مزايا إضافية . 

و لعل هذا ما جعل خالد مشعل و خليل الحية يعتبران أن استشهاد السنوار لن يعيد الأسرى لإسرائيل، و بذلك تعقد الإجراءات المتعلقة بإيقاف الحرب بشكل بات و نهائي .
 
و يتراحج تلك الخيارات بين محمد الضيف قائد كتائب القسام المعروف بغموضه و سرية تحركاته ، و الذي نجا من ٩ محاولات اغتيال ، منها قصف منزله في عامي ٢٠١٤ ، و ٢٠٢١ .

و بالنسبة لمروان عيسى فيعد مسؤول المعلومات و بنك أسرار حركة حماس و صديق مقرب ليحيى عياش ، و تولى قبل ذلك قيادة التسليح و الأمن في الحركة بعد معركة العصف المأكلول .
 
و قد قاتل هيثم جبارين قوات الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية  على مدار أكثر من عقدين و نصف ، و أحدث الكثير من الانتصارات الداخلية في الضفة حتى اعتقله الاحتلال عام ١٩٩٥ ، و خرج في صفقة وفاء الأحرار .

و عقب إطلاق سراحه ، تولى رئاسة مكتب الحركة السياسي في الضفة الغربية ، مشجعًا بذلك القتال و المقاومة ضد الإسرائيلين .
 
و يقع أول خيارين على روحي مشتهي  أو محمد السنوار لرئاسة الحركة . فالأول زميل الشهيد يحيى السنوار في تأسيس جهاز الجهاد و الدعوة “مجد “، و كان من أشد المقربين من الشيخ أحمد ياسين في فترة الانتفاضة الأولى و الثانية ، مكتسبًا بذلك ثقة و مكانة عميقة داخل المقاومة الفلسطينية ،فضلًا عن اعتقاله مرتين ،مرة في شبابه و الآخرى عقب إنشاء جهاز مجد ، و بالتالي جعل غزة نقطة عمياء .
 
متتالية البديل السيء :عدم تعلم الاحتلال الإسرائيلي من أخطاءه نصر للمقاومة .
 
يوجد نمط ثابت تاريخيًا خاصة في التاريخ الحربي الحديث ، و تحديدًا التاريخ الفلسطيني منذ الانتداب البريطاني حتى اليوم ، تتمثل في البديل الأصعب و الأعقد و الأشد ندية بالنسبة للاحتلال الإنجليزي ،أو الإسرائيلي.

  فعلى سبيل المثال ،عندما انسبحت سوريا لمواجهة الاحتلال الفرنسي في الداخل المحتل مؤقتًا ، بروا مصر و جيشها الذي واجه الإنجليز ببسالة منقطعة النظير منذ عام ١٩٣٤ حتى النكسة عام ١٩٦٧. يمكن اعتبار  الأردن  و  مصر و سوريا في هذا الفترة سببًا في بقاء غزة جغرافيًا بشكلها الحالي .
 
و بقدر ما يعتبر هذا مبالغة إلا أن هناك اتفاق تاريخي ثابت على تلك الحقيقة الواضحة . ففي كتابي حرب المائة عام على فلسطين لرشيد الخالدي ، و ديمومة المسألة الفلسطينية لجوزيف مسعد ، يلتقي المؤرخان في أن مصدر تلك الديمومة و الاستمرارية تنبع من أمرين اثنين ، أولهما عدل و أحقية القضية بالدفاع عنها ، أما بالنسبة للثانية فهي تبادلية التسليم للراية ، فعند تخلي دولة أو حركة عن الدفاع تتصدى آخرى متعلمة من أخطاء ماضيتها و مستمرة في نهجها .

و ذكر الشهيد يحيى السنوار تجربته عن حماس مؤكدًا في كتابه حماس التجربة و الخطأ أن الحركة لها تجاربها الفريدة التي تفادت أخطاء مثيلاتها و أشقائها ، بالطبع لم يذكر اسم المثيل ليس خوفًا و إنما احترامًا ، قاصدًا بذلك حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية ، و حركة المقاومة الشعبية أو فيما عرقت باسم جبهة التحرير الفلسطينية ة الشعبية المكونة من ليلى خالد و جورج حبش و إلياس و نايف حواتمة .
 
و على مستوى التنظيم الفصائلي ، تسير القاعدة بنفس النمط حيث يسلك مسلك التبديل من صعب لأصعب ، و من بائس لأكثر بأسًا حتى مجيء الطوفان الهادر . و مارست الفصائل جميعها ألاعيب خداع من أجل إيقاع العدو ، و معظمها نحج بالفعل منذ عمليات خطف الطائرات الممتدة من عام ١٩٤٩ ل ١٩٥٥ على يد ليلى خالد المناضلة حتى عرفت بهذا الاسم باعتباره اسم مستعار في مختلف بلدان العالم .

بإلاضافة  لما سبق،  فشاع نوع من الترابط و التعاون العضوي بين الفصائل الناشئة آنذاك لإيلام الاحتلال الإسرائيلي و الضغط عليه في المفاوضات المتبادلة .
 
 و خرجت مصر من معادلة الصراع ، بعد أن كانت بالفعل صاحبة السبق و الريادة بادئة مرحلة جديدة من السلام ، الذي اختلفت التفسيرات فيه و حوله ، ولكن وجد الإجماع حول عدم جدواه بين وزيرا الخارجية الأسبقين إسماعيل فهمي و محمد إبراهيم كامل ، بل إن كامل نفسه وصف الرئيس السادات “بالأحمق الأبله ” الذي لم يحقق أي شيء غير ضياع مركب .

و انتهت بخروج منظمة التحرير الفلسطينية من المعادلة بتوقيع معاهدة أوسلو عام ١٩٩٤ و حضور مؤتمر مدريد ١٩٩٠ ، حتى عاتبهم الشيخ أحمد ياسين رحمه الله و اعتبرها خطوة حمقاء ستكلفهم الكثير لينتهى الدكتور مصطفى البرغوثي بتأكيده أنها خديعة كبرى دفع الجميع ثمنها .

و لهذا ، اعتمدت حماس على سياسة بعيدة كل البعد عن الأحزاب السياسة التي اتخذتها فتح عقب أوسلو ، حتى لا تتمكن إسرائيل منها ، لإن الرأس إن قضي عليه فكك الحزب ، أما حركة التحرير فلا رأس لها .

و يحفز تلك العقيدة تمحورها حول المرتكزات الأساسية للدين مثلما أن المقاومة في جميع حالاتها مربحة ، و البعد عن كونها نخبة حاكمة منفصلة كل الفصل عن شعبها و احتياجاته الملحوظة ، و لهذا أصبح الغزيون الحاضنة الشعبية للحركة ، فهم كما عبر الفيلسوف الإيطالي أنطونيو غماشي مثقف محتك بالناس ، و ليس عاجي يعيش في الأبراج العالية و نطحات السحاب ، فضلًا عن كون غزة أكبر معتقل مفتوح في العالم .

فلن يفلح سلام قادته الولايات المتحدة لاعتمادها الكامل على الانتصار الكامل لإسرائيل، أي سلام مزيف مغلوط هش بحد تعبير إدوارد سعيد في كتابه “سلام أمريكي غزة أريحا”.

 
في النهاية ، أي بديل متاح سيأتي عقب السنوار لن يكون إلا مثله أو أقوى منه لمعرفته مكانة القيادة ، و قبلها مكانة التحرير و تكلفته الباهظة .

فضلًا عن عمق احتكاكه و فهمه الكلي للسجان الذي حكمه طيلة ٢٠ عام سواء مباشرة أو عن طريق وكيله المتمثل في السلطة الفلسطينية. بحد تعبير الدكتور تميم البرغوثي، إن السلطة الفلسطينية أصبحت حليفًا لإسرائيل بتنسيقها الأمني ، متأخذة نمطًا أليفًا من المعارضة كالقطة أو الكلب الذي ينبح أو ينو أو يخدش صاحبه في مقابل تجويع و حرمان مؤلم و ممنهج .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى