24 ساعة

اللواء رضا يعقوب يحلل عمليات القتل المستهدف الذى تقوم به الصهيونية، ويحدد مسئوليتها طبقاً للقانون الإنسانى والدولى:

فى مكالمة هاتفية مع رئيس وزراء الصهيونى بنيامين نتنياهو أكّد بايدن “التزام” أمريكا بأمن الدولة العبرية فى مواجهة “أىّ تهديدات من إيران”، فيما إنتقد رئيس مؤتمر ميونيخ للأمن نهج الحكومة الصهيونية فى حرب غزة.

قال الرئيس الأمريكى جو بايد الخميس (الأول من أغسطس/ آب)، إن قتل إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسى لحماس لا يساعد فى التوصل لوقف لإطلاق النار فى قطاع غزة، وعند سؤاله عما إذا كان إغتيال هنية قد أضاع فرص التوصل الى إتفاق لوقف إطلاق النار، ردّ بايدن “هذا (مقتله) لا يساعد”

وفى المانيا إنتقد رئيس مؤتمر ميونخ الدولى للأمن، كريستوف هويسغن،  نهج الحكومة الصهيونية فى حرب غزة،  زعم هويسغن فى تصريحات لصحيفة “راينيشه بوست” الألمانية إن رئيس الوزراء الصهيونى بنيامين نتنياهو يواصل مساره المتمثل فى القضاء الحاسم على الإرهابيين الذين يهددون وجود الصهيونية، “دون مراعاة للرهائن الذين بين أيديهم ودون إعتبار للأمريكيين الذين يدعون الى الاعتدال” فى هذا إن الصهيونية تستعمر وتقتل، وتستولى على المقدسات الدينية، وهذا خلل وإزدواج بالمعايير!

حرب المقاومة الفلسطينية والصهيونية.. ما مدى قانونية عمليات القتل المستهدف؟ تمتلك الصهيونية سجلاً حافلاً فى إرتكاب ما يُعرف باسم “عمليات القتل المستهدف” ضد من تعتبرهم أعداء لها، كيف ينظر القانون الدولى ومنظمات حقوقية الى هذه العمليات على ضوء إغتيال اسماعيل هنية فى طهران والذى نسب للصهيونية؟

أعلن الأربعاء (31 أغسطس/ آب) فى طهران عن مقتل رئيس المكتب السياسى لحركة حماس،  إسماعيل هنية، الذى كان أحد القياديين البارزين فى الحركة التى كانت تتفاوض للتوصل الى وقف لإطلاق النار فى غزة يسفر أيضاً عن إطلاق سراح الرهائن الصهيونيين الذين ما زالت  حماس تحتجزهم.

وقال خبراء القانون فى اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن مقتل هنية يمكن أن يندرج فى إطار ما يُعرف بـ “عمليات القتل المستهدف” وأعطى الخبراء تعريفاً لهذه العمليات بأنها “الإستخدام المتعمد والمخطط له مسبقاً من قبل دولة أو جماعة مسلحة ضد فرد معين خارج نطاق الإحتجاز المادى”

ورغم عدم إعلان أى جهة مسئوليتها عن مقتل هنية، الا أنه مؤكد أنه تنفيذ صهيونى؛ إذ تمتلك سجلاً طويلا من إرتكاب عمليات القتل المستهدف، لكنها تنفى ضلوعها، يٌشار الى أن الصهونية تخوض حالياً حرباً ضد حماس فى  قطاع غزة منذ هجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضى.

فى كتابه “القتل المستهدف فى القانون الدولى” الذى نُشر عام 2008، قال أستاذ القانون نيلس ميلزر إن الصهونية كانت على الأرجح أول دولة فى العالم تعترف بسياسة القتل المستهدف وذلك فى عام 2000.

وكانت الحكومة الصهيونية تنظر الى مثل هذه العمليات باعتبارها تعبيراً عن “الإحباط من الإرهاب” فيما جرى تنفيذها والإعلان عنها خلال الإنتفاضة الثانية عام 2000، وفى تلك الفترة، جرى إستخدام مروحيات ومقاتلات وعبوات ناسفة من قبل الصهيونية ضد عناصر فى المناطق الفلسطينية المحتلة تحت زعم أنهم “إرهابيون”  وأفادت منظمة “بتسليم” الصهيونية الحقوقية بأنه جرى قتل “210 شخصاً” بما فى ذلك مقتل 129 من المارة الأبرياء حتى عام 2007.

ولا تعد الصهيونية الدولة الوحيدة التى شرعت فى تنفيذ عمليات القتل المستهدف؛ إذ تضم القائمة العديد من الدول بينها الولايات المتحدة وروسيا وسويسرا والمانيا وبريطانيا، وقال خبراء القانون إنه منذ هجمات الحادى عشر من سبتمبر/ أيلول عام 2001 أصبحت مثل هذه العمليات مقبولة بشكل متزايد.

ويندرج فى هذا الإطار مقتل أسامة بن لادن، زعيم تنظيم القاعدة، فى باكستان عام 2011 وأيضاً سلسلة من الإغتيالات عن طريق طائرات مسيرة، وفى هذا السياق، كشفت مجلة “دير شبيغل” عن أن الجيش الألمانى لعب دوراً مهما فى عمليات القتل المستهدف التى طالت عناصر من حركة طالبان.

تثير عمليات القتل المستهدف الكثير من الجدل خاصة إذا جرى تنفيذها فى دولة أخرى تنظر الى مثل هذه العمليات باعتبارها إنتهاكاً لسيادتها، لكن الغموض ما زال يكتنف مدى قانونية تنفيذ مثل هذه العمليات.

وفى الصهيونية، جرت مناقشة سياسة عمليات القتل المستهدف بعد محاولة منظمة حقوقية صهيونية- فلسطينية دفع المحكمة العليا العبرية الى وضع نهاية لمثل هذه العمليات عام 2002 ، فيما إستغرق حسم ذلك من قبل المحكمة خمس سنوات.

وقال قضاة المحكمة فى ديسمبر/ كانون الأول عام 2006 إن “حكومة الصهيونية تستخدم سياسة الضربات الوقائية التى تتسبب فى مقتل إرهابيين” فيما طرح رئيس المحكمة فى حينه أهارون باراك تساؤلاً مفاده: “فى ضوء أن هذه الضربات تلحق فى بعض الأحيان الضرر بالمدنيين الأبرياء، فهل تصرف الحكومة فى هذه الحالة يتنافى مع القانون؟”

وجاء جواب المحكمة بأن الأمر “يتوقف حسب الحالة” وخلص الحكم الصهيونى الى “أنه لا يمكن بشكل مسبق تحديد ما إذا كانت كل عملية قتل مستهدف محظورة وفقاً للقانون الدولى بالتوازى مع عدم حسم ما إذا كانت كل عملية قتل مستهدف مسموح بها وفقاً للقانون الدولى العرفى بشكل مسبق”

وفى هذا الصدد، قال أستاذ القانون نيلس ميلزر إن هناك بعض العوامل الحاسمة حيال قانونية عمليات القتل المستهدف، فيما يكمن أبرز تلك العوامل فى الإطار القانونى الذى يتم بموجبه تقييم مثل هذه العمليات بما فى ذلك القوانين المحلية وما يُعرف بـ “قوانين الحرب والقانون الدولى الإنسانى”

يشار إلى أن القانون الدولى الإنسانى، الذى يتم اللجوء إليه فى أوقات النزاعات، يسمح في بعض الأحيان بارتكاب أعمال عنف معينة أثناء الحروب، بيد أن الخبير القانونى قال إنه حتى فى حالة الإرتكان إلى القانون الدولى الإنسانى، فلا يزال من الممكن التشكيك فى قانونية أى عملية قتل مستهدف لأن العنصر المستهدف “قد لا يكون مشاركاً بشكل مباشر فى الأعمال العدائية وقت مقتله”

ويندرج فى إطار ذلك ما إذا كانت الدولة التى إرتكبت جريمة القتل المستهدف تعد قوة إحتلال، وما إذا كان بإمكانها وضع حد للعنصر المستهدف عن طريق إحتجازه وما مدى تطبيق القانون بشكل صارم فى المنطقة المستهدفة بدلاً من تنفيذ عملية قتل مستهدف وأيضاً تحديد مدى المخاطر التى يواجهها المدنيون.

فى المقابل، تؤكد المنظمات الحقوقية على عدم قانونية عمليات القتل المستهدفة، محذرة من شيوعها فى ضوء أن بعض الحكومات تعتبرها “وسيلة مفيدة”

وقد أشار صحفيون صهيونيون بأن الحكومة الصهيونية قد استخدمت هذا التكتيك بشكل منتظم؛ إذ قال الصحفى الإستقصائي الصهيونى رونين بيرغمان فى تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز “إستناداً على تقاريرى (الصحفية)، وجدت أن الصهيونية منذ فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية إستخدمت الإغتيالات وعمليات القتل المستهدف أكثر من أى دولة غربية أخرى مع تعريض حياة المدنيين للخطر فى كثير من الحالات” 

وجاء حديث بيرغمان فى معرض حديثه عن كتابه الذى صدر عام 2018 تحت عنوان ” إنهض وأقتل أولاً: التاريخ السرى للإغتيالات المستهدفة فى الصهيونة”

وأضاف بيرغمان “لقد إكتشفت أيضاً تاريخاً طويلاً من النقاشات الداخلية العميقة والمريرة فى بعض الأحيان حيال قضية كيفية الحفاظ على الدولة، هل يمكن لدولة ما إستخدام أساليب إرهابية؟ هل يمكنها الحاق الضرر بالمدنيين الأبرياء فى هذه العملية؟ وماذا هى التكلفة والمعاير التى تنظم ذلك؟”

خلال حقبة الستينيات، قامت الصهيونية بعدة محاولات لإغتيال رئيس منظمة التحرير الفلسطينية فى حينه،  ياسر عرفات، بما فى ذلك محاولة إسقاط طائرات ركاب كان على متنها ومحاولة دفع معتقل فلسطينى لقتله.

يشار الى أن عرفات قد توفى فى فرنسا عام 2004 عن عمر يناهز 75 عاماً، وجرى الإعلان عن أن سكتة دماغية ناجمة عن إضطراب فى الدم كانت السبب وراء الوفاة، لكن ذلك لم يضع حداً لشائعات زعمت أن الصهيونية وراء تسميمه فيما لم يتم الوقوف على صحة مثل الشائعات حتى بعد تشريح الجثة.

1996.. جرى قتل يحيى عياش، الذى عُرف بكونه “خبير المتفجرات” فى حماس، عن طريق تفجير هاتف مفخخ بمجرد التعرف على صوته.

1997…قامت عناصر إستخباراتية صهيونية بحقن سم فى أذن خالد مشعل الذى كان فيه حينه يرأس المكتب السياسى لحماس وذلك أثناء وجوده فى الأردن. وآثار ذلك غضب العاهل الأردنى آنذاك الملك حسين الذى هدد بمحاكمة عملاء الإستخبارات الصهيونية وإلغاء إتفاق السلام مع الصهيونية فى حالة عدم إرسال الترياق الذى تسبب فى نجاة مشعل.

2000… أطلقت المروحيات الصهيونية صواريخ صوب سيارة كان على متنها القيادى البارز فى حركة فتح، حسين عبيات، فى قريته بالضفة الغربية ما أسفر عن مقتله وإثنين من المارة الأبرياء. ويرى خبراء إن هذا الهجوم مثل بداية سياسة صهيونية تنفيذ عمليات القتل المستهدف.
2002.. أسقطت الصهيونية قنبلة على منزل القيادى العسكرى فى حماس، صلاح شحادة، فى غزة، مما أدى الى مقتله وعائلته و12 من جيرانه.

2004.. تسببت غارة صهيونية فى مقتل عدنان الغول، الذى عُرف بكونه خبير المتفجرات فى حماس، ومساعده أثناء سفرهما فى سيارة فى غزة، وفى ذاك العام، قُتل أحمد ياسين، أحد مؤسسى حماس، بغزة فى قصف عن طريق مروحية صهيونية. وشهد العام ذاته، مقتل عبد العزيز الرنتيسى، أحد مؤسسى حماس، بعد إستهداف سيارته بصواريخ أطلقتها مروحية صهيونية.

2009.. أدى قصف صهيونى فى غزة الى قتل نزار ريان، القيادى السياسى فى حركة حماس، مع تسعة من أفراد عائلته فيما شهد العام ذاته قتل سعيد صيام، القيادى الذى تولى وزارة الداخلية بعد فوز الحركة بانتخابات عام 2006.

2010.. قُتل محمود المبحوح، أحد مؤسسى الجناح العسكرى فى حماس، على يد عملاء صهيونيين فى فندق بدبى.

2012.. قُتل رئيس الجناح العسكرى لحركة حماس، أحمد الجعبرى، فى غارة صهيونية إستهدفت سيارته فى غزة فضلاً عن مقتل عشرة آخرين.

2023.. أدى هجوم بطائرة مسيرة الى مقتل سيد راضى موسوى، القيادى بالحرس الثورى الإيرانى، أثناء تواجده فى دمشق. ولم تعلن الصهيونية مسئوليتها عن الهجوم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى