دولي

اللواء رضا يعقوب يتابع وساطة الصين لرأب الصداع داخل منظمات تحرير فلسطين فرصد

تأسست السلطة الفلسطينية 1994 بموجب إتفاقية أوسلوا الأولى لتكون هيئة تحكيم ذاتى إنتقالى لدولة فلسطين.

Oplus_131072

ماذا تريد الصين من وساطتها فى المصالحة بين فتح وحماس؟ تروج الصين لنفسها كصانع سلام فى الشرق الأوسط. فبعد وساطتها بين السعودية وإيران، تسعى بكين الى رأب الصدع بين حركتى “فتح” و “حماس” الفلسطينيتين، فما هي أهداف الصين من وراء ذلك؟تستضيف الصين مباحثات بين “فتح” و “حماس” فى إطار الجولة الثانية من المباحثات بين الحركتين التى إنطلقت فى أبريل / نيسان الماضى، وخلال مؤتمر صحفى، أفاد المتحدث باسم الخارجية الصينية لين جيان بوصول ممثلى فتح وحماس “الى بكين منذ أيام قليلة لإجراء حوار عميق وصريح”وتأتى المباحثات المرتقبة فى ظل تزايد الحديث عن أن مستقبل غزة ما بعد الحرب سوف يعتمد بشكل كبير على المصالحة بين الحركتين الغريمتين، وفشلت المساعى السابقة فى حل خلافاتهما السياسية منذ 2007 عقب سيطرة حماس على قطاع غزة.قال وزير الخارجية الصينى وانغ يى، إن الصين تقترح نهجاً من ثلاث خطوات لحل القضية الفلسطينية، جاءت تصريحات وانغ، وهو أيضاً عضو المكتب السياسى للجنة المركزية للحزب الشيوعى الصينى، فى أثناء حضوره المراسم الختامية لحوار مصالحة بين الفصائل الفلسطينية وشهوده توقيع 14 فصيلاً فلسطينياً على إعلان يقضى بإنهاء الإنقسام وتعزيز الوحدة.

وفى سياق إشارته إلى أن القضية الفلسطينية هى قلب قضايا الشرق الأوسط، قال وانغ إن الصين ليست لديها مصلحة ذاتية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، مضيفاً أن بلاده كانت من أوليات الدول التى تعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية ودولة فلسطين، وأنها تدعم دائما الشعب الفلسطيني فى إستعادة حقوقه الوطنية المشروعة.

وأشار وانغ الى إستمرار الصراع فى غزة وإنتشار تأثيره غير المباشر، مردفاً بقوله إن “الصين تقترح نهجاً من ثلاث خطوات من أجل الخروج من مأزق الصراع الحالى” وأوضح وزير الخارجية الصينى أن الخطوة الأولى هى تعزيز وقف إطلاق نار شامل ودائم ومستدام فى قطاع غزة فى أسرع وقت ممكن، وضمان وصول المساعدات الإنسانية وإمدادات الإغاثة، مضيفاً أنه ينبغى على المجتمع الدولى أن يوحد صفوفه بشكل أكبر بشأن مسألة التوصل الى وقف لإطلاق النار، ومضى قائلاً إن الخطوة الثانية هى دعم المبدأ القائل بأن “الفلسطينيين يحكمون فلسطين” والعمل معاً لتعزيز الحكم فى غزة بعد الحرب، وأضاف أن قطاع غزة هو جزء لا يتجزأ ومهم من فلسطين، وأن بدء إعادة الإعمار بعد الحرب فى أسرع وقت ممكن أصبح قضية ملحة فى المرحلة المقبلة.

وأشار الى أنه يتعين على المجتمع الدولى أن يدعم الفصائل الفلسطينية فى تشكيل حكومة مؤقتة تحظى بإجماع وطنى لإدارة غزة والضفة الغربية بشكل فعال.

وإسترسل وانغ قائلاً إن الخطوة الثالثة هى دعم فلسطين لتصبح عضواً كامل العضوية فى الأمم المتحدة والبدء فى تنفيذ حل الدولتين، مضيفاً أنه ينبغى دعم عقد مؤتمر سلام دولى أكثر أهمية وأكثر إلزامية وفعالية، فضلاً عن وضع جدول زمنى وخارطة طريق لتحقيق ذلك، وأردف قائلاً إن وقف إطلاق النار وتوفير الإغاثة الإنسانية يأتيان على رأس الأولويات، مضيفاً أن “الفلسطينيين يحكمون فلسطين” هو المبدأ الأساسى لإعادة إعمار غزة بعد الحرب، وأن حل الدولتين هو السبيل الأساسى إلى المستقبل. وإختتم قائلاً: “يجب على المجتمع الدولى أن يدعم الأطراف المعنية فى تنفيذ النهج المؤلف من ثلاث خطوات عبر تبنى موقف جاد”وفى ذلك، قال الناطق باسم الخارجية الصينية إن “الجانبين إتفقا على مواصلة مسار المحادثات لتحقيق التضامن والوحدة الفلسطينية فى وقت قريب” بيد أن الفارق بين جولات المباحثات السابقة والحالية – بحسب مراقبين – يتمثل في أن الأخيرة تتزامن مع إستمرار مفاوضات وقف إطلاق النار بين الصهيونية والمقاومة الفلسطينية.يشار الى أن صحيفة “واشنطن بوست” قد ذكرت أن الصهيونية وحماس وافقتا على إدارة “مستقلة ومؤقتة لقطاع غزة مع قوة مراقبة أمنية تتألف من نحو 2500 من أنصار السلطة الفلسطينية فى غزة الذين قامت الصهيونية بالفعل بفحصهم”وتعد فتح أكبر فصيل فى منظمة التحرير التى تسيطر على الضفة الغربية المحتلة وتقول إنها “الممثل الشرعى للشعب الفلسطينى” وإنتقد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، الذى يتزعم فتح، حماس فى الماضي بسبب الحرب فى غزة بينما إتهمت الحركة عباس بالإنحياز الى الصهيونية.

قال بيورن ألبيرمان، رئيس قسم الدراسات الصينية المعاصرة فى جامعة فورتسبورغ الألمانية، إنه من المؤكد أن الصين “تنظر الى الأمور بواقعية وتدرك أن العداء الذى يشوب العلاقة بين الحركتين يمتد لسنوات عديدة، ما يعنى أن المصالحة الشاملة بين فتح وحماس لا يمكن أن تحقق بين عشية وضحاها”وعزا البيرمان ذلك الى “عوامل أيديولوجية وسياسية” مضيفاً “أعتقد أنه فى حالة إنخراط فتح وحماس فى تفاوض مباشر على نحو حضارى فإن هذا سيمثل نجاحاً للصين” وتابع بأن أى تقدم ملموس فى ملف المصالحة بين الحركتين سوف يشكل “إنتصارا دبلوماسياً كبيراً للصين التى تسعى لأن تكون وسيط سلام دولى بديل للولايات المتحدة”وترى بونى غلاسر، المديرة التنفيذية لبرنامج المحيطين الهندى والهادئ فى صندوق مارشال الألماني بالولايات المتحدة، أن الصين “تصور نفسها وكأنها صانعة للسلام فى مواجهة ما تزعمه من دور أمريكى مزعزع للإستقرار”.

وأضافت أن “هذا يمثل هدفاً ذا أولوية للصين التى لا تتوقع تحقيق أى إنفراج”وشهدت السنوات الأخيرة، إنخراطاً صينياً دبلوماسياً كبيراً فى الشرق الأوسط، خاصة جهود وساطتها بين السعودية وإيران التى تكللت باجتماع بين وزيرى خارجية البلدين فى أبريل / نيسان العام الماضى فى بكين لأول مرة منذ سبع سنوات.وقبل أشهر من رد فعل المقاومة الفلسطينية فى أكتوبر / تشرين الأول الماضى، حثت الخارجية الصينية الصينية على إستئناف محادثات السلام مع الفلسطينيين على “أساس حل الدولتين”وتتمتع الصين بتاريخ طويل فى دعم الدول العربية؛ إذ خلال الحرب الباردة، أعلنت بكين تضامنها مع الدول العربية بتصويتها عدة مرات ضد الصهيونية فى الأمم المتحدة، يُشار الى أن الصين والصهيونية لم تقيما علاقات دبلوماسية رسمياً الا فى عام 1992، ومنذ ذلك الحين، تنظر الصين الى الصهيونية باعتبارها شريكاً تجارياً فى المقام الأول.

وكان من المقرر أن يقصد رئيس الوزراء الصهيونى بنيامين نتانياهو بكين فى أكتوبر/ تشرين الأول العام الماضى فى زيارة كانت ترمى الى إبرام إتفاقية للتجارة الحرة بين البلدين، لكن رد الفعل السابع من أكتوبر أدى إلى إلغاء الزيارة.

وفى تعليقه على دورها فى الصراع بالشرق الأوسط، قال الخبير فى الشأن الصينى البيرمان إن بكين “ليست وسيطاً محايداً على الإطلاق، لأنها تصطف الى جانب الفلسطينيين” وأضاف أن “الحكومة الصينية بشكل تقليدى تقف الى جانب الطرف المضطهد فى مثل هذه الصراعات” مشيراً الى أن الصين أقدمت خلال السنوات الأخيرة على توثيق علاقتها مع الفلسطينيين.

وقال “أرى أن ذلك يأتي فى إطار مساعى الصين الى تعزيز تواجدها فى الشرق الأوسط بشكل خاص والعالم بشكل عام كبديل للنظام العالمى الذى تقوده الولايات المتحدة”ولا يوجد إتصالات منتظمة بين حماس والصين، لكنها تحتفظ بعلاقات جيدة مع السلطة الفلسطينية حيث زار محمود عباس بكين فى منتصف العام الماضى وأجرى مباحثات مع الرئيس الصينى شى جين بينغ الذى قال إن بلاده سوف “تدعم إقامة دولة فلسطينية” فى طرح تعارضه الصهيونية.وخلال كلمته أمام “منتدى التعاون الصينى – العربى” فى مايو/ آيار الماضى أعرب الرئيس الصينى عن أسفه للمعاناة التى تسببت فيها حرب غزة، قائلاً: “لا يجب أن تستمر الحرب الى أجل غير مسمى، ولا يجب أن تغيب العدالة الى الأبد”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى